جازان: حسين معشي

أحدثت الثورة التكنولوجية العالمية التي يقودها الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومراكز البيانات العملاقة، طفرة غير مسبوقة في استهلاك الكهرباء، ما يشكل ضغطا هائلا على الطاقة.

وبحسب تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، فقد تضاعف الطلب على الطاقة من هذه المراكز منذ عام 2015، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 1500 تيراواط/ساعة بحلول 2030، وهو مستوى يعادل الاستهلاك الحالي لدولة مثل الهند.

هذه القفزة لا تقتصر على كونها تحولًا في سوق الطاقة، بل تحمل انعكاسات مباشرة على اقتصادات الدول المصدّرة للنفط، وفي مقدمتها السعودية، التي تواجه معادلة للتوازن بين ضغوط الإيرادات التقليدية وفرص الاقتصاد الرقمي.

ضغوط أسعار النفط

في موازاة هذه التحولات، كشفت بيانات تقرير حديث صادر عن الصندوق الدولي أن أسعار النفط تراجعت بنحو 9.7% بين أغسطس 2024 ومارس 2025، وسط زيادة الإنتاج من خارج أوبك+ وتباطؤ الطلب العالمي.

وتشير العقود الآجلة إلى متوسط سعر يبلغ 66.9 دولارًا للبرميل في 2025، ويتراجع إلى 62.4 دولارًا في 2026.

هذا المسار يضع السعودية أمام تحديات عدة، ويؤكد صواب توجهها نحو تسريع خطط التنويع الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد الأحادي على النفط.

الذكاء محرك اقتصادي

كشف تقرير الصندوق الدولي أنه على الصعيد العالمي، يبرز الذكاء الاصطناعي كلاعب جديد في تحريك النمو. فقد تضاعفت القيمة المضافة لقطاعاته في الولايات المتحدة 4 مرات بين 2010 و2023، لترتفع حصته في الناتج المحلي من 2.4% إلى 3.5%.

ومع هذا التوسع، أصبحت الكهرباء عنصرًا جوهريًا في تكاليف الشركات التقنية، حيث تضاعفت حصتها في أقل من 5 سنوات.

وتشير التوقعات إلى أن الطلب المستقبلي من الذكاء الاصطناعي سيتجاوز بـ1.5 مرة الطلب المتوقع من السيارات الكهربائية، مما يضع أسواق الطاقة العالمية أمام ضغوط متصاعدة.

فرص سعودية متاحة

بالنسبة للمملكة العربية السعودية، تبرز فرص إستراتيجية لتوظيف مزاياها التنافسية. فهي تمتلك قدرات فائضة في إنتاج الكهرباء، مدعومة بتوسع سريع في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر، إضافة إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مراكز البيانات والبنية السحابية.

وإذا ما نجحت في ربط هذه المشروعات بالطلب العالمي على الكهرباء النظيفة، فإنها قد تتحول إلى مركز إقليمي لتقنيات الذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة.

تحديات الأسعار والانبعاثات

لكن توسع استهلاك الذكاء الاصطناعي سيؤدي، بحسب تقديرات صندوق النقد، إلى زيادات في أسعار الكهرباء عالميًا بنسبة 8.6% في الولايات المتحدة، و5.3% في الصين، و3.6% في أوروبا بحلول 2030.

وعلى الرغم من أن هذه التوقعات قد تمثل فرصة تصديرية للسعودية، فإنها تفرض تحديًا يتمثل في ضرورة ضخ استثمارات ضخمة محليًا للحفاظ على التوازن بين تلبية الطلب الداخلي والوفاء بالتزامات التوسع العالمي.

المملكة وإدارة التحول

تبدو المملكة قادرة على مواجهت التحديات التي يفرضها مثل هذا الوضع، وإذا نجحت في الاستثمار بفعالية في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، فإنها لن تكتفي فقط بتقليل اعتمادها على النفط، بل قد تعزز موقعها كوجهة عالمية للاستثمارات في التقنيات المستقبلية، وتصبح نموذجاً للتحول من اقتصاد نفطي تقليدي إلى اقتصاد معرفي رقمي، وهو ما تقطع خطوات حثيثة باتجاهه.

تراجع أسعار النفط 9.7% في2024 – 2025

متوسط سعر النفط:

66.9 دولاراً في 2025

استهلاك الذكاء الاصطناعي من الكهرباء 2023:

400 – 500 تيراواط/ساعة

1500 تيراواط/ساعة

استهلاك الذكاءالاصطناعي في 2030

زيادات أسعار الكهرباء بحلول 2030

8.6 % في أمريكا

5.3 % في الصين

3.6 % في أوروبا