واشنطن: عصام عبدالله

وصف الرئيس الأمبركي باراك أوباما في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، الرئيس السوري بشار الأسد، بأنه مستبد يلقي البراميل المتفجرة على الأطفال الأبرياء، مشيرا إلى أن قتل عشرات الآلاف من السوريين لم يعد قضية داخلية. وأكد أوباما أن الأسد وحلفاء حكومته لا يمكن أن يجلبوا السلام لسورية، مشيرا إلى أن واشنطن مستعدة للعمل مع روسيا وإيران لحل الأزمة في سورية. 
وفقا لعدد من المراقبين فإن استباق أوباما لكلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حملت كثيرا من الرسائل المهمة:
أولا: استحضر أوباما في الوعي الغربي صورة النازي أدولف هتلر، حين ألقي براميل غاز الكلور من الجو علي المدنيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ قبل مائة عام، حين هاجمت كتيبة الغاز بالجيش الألماني في أبريل عام 1915 مواقع المدفعية الكندية ـ الفرنسية في قوس إبيير الشمالي بغاز الكلور، كسلاح استخدم للمرة الأولى، حيث أطلقت غيمة من الكلور يقدر وزنها بحوالى 150 طنا على مسافة طولها ستة كيلومترات وعرضها من 600 إلى 900 متر.
خلفيات مرعبة
هذه الخلفيات المرعبة لألمانيا النازية أيقظها من جديد الرئيس السوري بشار الأسد منذ عام 2013، وما زال يفعل حتى اليوم، حين استخدم الأسلحة الكيماوية وألقى براميل الكلور المتفجرة على الأطفال السوريين، وهو أمر لا يمكن أن يتسامح فيه العالم أبدا، لا سيما أن قتل عشرات الآلاف من السوريين لم يعد قضية داخلية، كما أكد الرئيس أوباما، وإنما يجب أن يحاكم الأسد كمجرم حرب، وفقا للقانون الدولي، مثل ديكتاتور البلقان سلوبودان ميليسوفيتش.
ثانيا: أحيا الرئيس الأميركي مقررات قمة الأمم المتحدة التي انعقدت عام 2005، حيث تبنت الدول الأعضاء بالإجماع مبدأ مسؤولية الحماية الدولية، الذي لم يترجم عمليا إلا عام 2011 في ليبيا، ولم يطبق في سورية حتي اليوم، رغم المجازر الوحشية للنظام، واستخدامه البراميل المتفجرة ضد الأطفال، ويلخص مدير مكتب الإيكونوميست في واشنطن، بيتر ديفيد، موقف الولايات المتحدة المتأرجح بالنسبة للأزمة السورية عبر أربع سنوات، قائلا رغم أن هناك واجبا أخلاقيا لوزن التدخل في سورية لأسباب إنسانية، كانت توجد أيضا موازنة لنتائج مثل هذا التدخل. وبين الأمرين ترددت إدارة الرئيس أوباما، لكن تأكيده اليوم يشير إلي تحول جديد بالنسبة لمحاكمة الأسد دوليا وليس فقط رحيله عن السلطة.
اختبار روسي
ثالثا: الإشارة التي أطلقها الرئيس أوباما بإمكان التعاون مع روسيا وإيران لحل الأزمة في سورية، تعني أن روسيا تستطيع أن تخدم مصالحها في الشرق الأوسط وأوروبا بشكل أفضل، إذا ما ساعدت المجتمع الدولي على التخلص من النظام السوري والإرهاب معا، وليس في دعم الأسد وترسيخ نظامه، وهذا الربط بين القضاء علي الإرهاب وإسقاط الأسد ومحاكمته في نفس الوقت، يعد تحولا جديدا، لأن القناعة الغربية بالنسبة للأسد هي أنه جعل خطر الإرهاب يتمدد من سورية للعراق واليمن، ووصوله إلى أوروبا وكندا وأستراليا، ولا يعقل أن تدعم روسيا وإيران نظام الأسد بينما تزعم محاربة الإرهاب.