برنامج جودة الحياة، هو أحد برامج تحقيق رؤية المملكة الـ12 التي حددها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويُعنى بتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، وبناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن، وذلك خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة، تعزز مشاركة الفرد والمجتمع في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية.

من هذه الزاوية، جاءت فكرة تأسيس 11 هيئة ثقافية متخصصة لإدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، وتكون كل هيئة مسؤولة عن تطوير قطاع محدد، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيميا بوزارة الثقافة. ولا شك أن إنشاء هذه الكيانات كانت خطوة في الاتجاه الصحيح، إذ جاءت لتدعم رؤية برنامج جودة الحياة، إضافة إلى رؤية وتوجهات وزارة الثقافة.

فعلى صعيد برنامج جودة الحياة، وجانبه الثقافي تحديدا، يدعم إنشاء الهيئات الثقافية المستقلة فكرة تطوير حوكمة القطاع الثقافي الشامل، والإطار التنظيمي الذي يسعى إليه البرنامج، كذلك تطوير المرافق الثقافية والترفيهية.

ومن جانب تحسين جودة حياة الأفراد، فتلك الهيئات الناشئة بحاجة إلى أيادٍ عاملة، وستوفر الوظائف الشاغرة التي تسهم في توليد الوظائف وتنويع النشاط الاقتصادي، كما تعزز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية. أما على جانب وزارة الثقافة، فتتولى تلك الهيئات المستحدثة مهمة تنفيذ المبادرات التي أعلنت الوزارة عنها ضمن أهدافها الرامية إلى إعادة هيكلة منظومة القطاع الثقافي، وتشكيل أدواته الجديدة التي تضمن تنفيذ الرؤية والتوجهات بشكل فعّال، لتتحقق خلاله الأهداف المنوطة بالوزارة في الرؤية. منذ أن استقلت الثقافة عن وزارة الإعلام في يونيو 2018، وشكلت وحدها وزارة مستقلة، برزت معها أهدافها ورؤيتها بشكل أعمق وزادت المسؤولية، وتشكلت الهيئات بإداراتها بحجم مهامها وأدوارها في تحقيق رؤيتها.

مصطلح الثقافة مصطلح فضفاض ومتشعب، وقد خلص في نهايته إلى أنه

«المركب الذي يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات والتقاليد وكل موروث شعبي». وبالنظر إلى تفاصيل تلك الكيانات المستحدثة، نجدها متعددة ومتنوعة ضمن إستراتيجية شاملة، تعكس كنوز المملكة الثقافية والتراثية، بالاعتماد على قرار مجلس الوزراء الذي نقل نشاط التراث الوطني من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى وزارة الثقافة.

جاء هذا التنوع بين هيئة للأدب والنشر والترجمة، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي.

هذا التشكيل المنوّع بتخصصات تلك الهيئات وقطاعاتها يتماشى مع رؤى وتوجهات الوزارة الـ3: الأولى، في جعل الثقافة نمطَ حياة خلال الارتقاء بالثقافة المجتمعية وجعلها أسلوب حياة، وتشجيع المواهب السعودية الشابة وجذبها وتطويرها، وخلق طاقةٍ وحراك شامل منها، للارتقاء والتطوير والمواكبة والتحفيز والانفتاح والبحث، وإبراز جميع مجالات الإبداع عند السعوديين والمقيمين.

ثانيا: تعزز توجه الوزارة في جعل الثقافة من أجل النمو الاقتصادي، فجاءت تلك الهيئات لتنشط عوامل الجذب السياحي والفنون والمسرح، ومنحها الاستقلال المالي والصفة الاعتبارية، جعل كل هيئة قادرة على إعادة تنظيم قطاعها الحيوي وضمان جودة وفعالية مخرجاته، وتطويره بما يتواءم مع ما تمتلكه المملكة من مقومات حضارية وتراثية كبيرة ومتنوعة، مما يدعم باستغلالها الأمثل لإستراتيجية التنمية الشاملة التي تتبعها المملكة.

ثالثا: يدعم تأسيسُ الهيئات رؤيةَ الوزارة في تعزيز مكانة المملكة الدولية، خلال جعلها محط الأنظار في العالم، ورائدة في التطور الثقافي والعالمي، كما هي رائده في القطاع التجاري والاقتصادي.

تكوين هيئات الثقافة جاء في وقته المناسب، لإكمال مسيرة موجة الإصلاحات الثقافية التي تعيشها البلاد.