في البداية أقول كل عام والجميع بخير وبصحة وعافية وتهنئة بعيد الفطر المبارك لقيادتنا الرشيدة والعائلة المالكة وللشعب السعودي الكريم والأمة الإسلامية أجمع، أرفع أكف الضراعة بالدعاء لله أن يرفع عنا وعن العالم أجمع هذه الجائحة عاجلا، وأن ننعم وينعم مُجتمعنا بعودة الحياة لمجراها الطبيعي في القريب العاجل، هذه بوادر الخير استهلت بحمد الله ثم بالجهود المبذولة من قبل قيادتنا الرشيدة ونظامنا الصحي والدعم اللوجستي من كل القطاعات والأفراد على حد سواء، إنها السعودية العظمى وكفى.

في علم الوبائيات «Epidemiology» لكل مُسبب لمرض مُعدِ دورة حياة «Life Circle» ببداية ثم نشاط، ليصل لقمة الانتشار ومن ثم يبدأ النزول التدريجي، ليصل إلى النهاية في الوقت الذي يتم فيه بفضل الله الوصول إلى مصل واق وعلاج فعال. تتعلق القضية الكبرى هنا بسلوك الإنسان ودوره الحيوي في التعاطي مع الجائحة خلال مسيرة دائرة حياة المُسبب «الفيروس» من البداية، لقمة النشاط، للنزول، وصولا للنهاية وكأن سلوك الوقاية يمر أيضا بنفس دورة حياة المُسبب.

خلال الفترة الماضية للتعاطي مع فيروس كورونا، كانت هناك إجراءات وقائية مُلزمة وصارمة ما بين إغلاق كلي وتباعد اجتماعي كامل مع الأخذ بعين الاعتبار كل الوسائل الوقائية وفقا لتعليمات صادرة من الجهات الرسمية والتي أمتثل لها الجميع، رغم التجاوزات من البعض، ليصل الأمر إلى تتبع الفيروس في عقر داره من خلال الفحص المجتمعي وتتبع بؤر انتشاره، ولم يُعد الأمر مجرد استقبال المُشتبه فيهم في المستشفيات، لتبدأ المسيرة التشخيصية الفارقية وكذا العلاجية وفقا للبروتوكول الصحي المُعتمد.

هناك وكما أعلنت الجهات الرسمية انفراج في التعاطي مع أزمة كورونا من خلال بذل الجهود مجتمعة للعودة للحياة الطبيعية بشكل تدريجي وفقاً لإجراءات تقييمية مرحلية مستمرة، رغم أن مسيرة الفيروس لم تنته بالكامل بعد، ولكن يبقى سلوكنا جميعا اليوم هو «المسؤول الأول» عن إدارة هذه الفترة وهنا مربط الفرس، ففي الفترة الماضية القريبة كان النظام من يحكم الواقع رغم التجاوزات الفردية من خلال تعليمات تنتهي بعقوبات، واليوم هناك تعليمات ويبقى الرقيب هو سلوك الفرد نفسه، ليُفضي لسلوك مجتمعي صحي والنتيجة بحول الله هو التغلب على الفيروس، لتنتهي مسيرتة ونتغلب عليه بالكامل أو لا قدر الله، يضعف الرقيب الفردي ولا ينصاع للتعليمات، ليعود الإغلاق الكامل والحظر الكلي والذي كلفنا الكثير على جميع الأصعدة الفردية والأسرية والمجتمعية والمؤسساتية والدولية كذلك.

هناك فئتان من الناس يمكن رصدهما والبقية تخط لها مسيرة درب بين الفئتين، الفئة الأولى وهي «الناجية» من الفيروس وتداعياته و«المُنجية» لمن حولها، لعالم صحي، والتي تستجيب للتعليمات الوقائية بسلوك أمن من خلال مواصلة التباعد الاجتماعي وفي حالة الحاجة للخروج تلتزم بالمسافات بين الأشخاص وتتجنب مواطن الازدحام قدر الإمكان، لترتدي الكمامات الواقية وكذلك القفازات المانعة وتغسل اليدين بشكل مستمر وهكذا، يساند ذلك كله سلوك صحي يتمثل في ممارسة الرياضة والأكل المتوازن والنوم الصحي والمقدرة على التعاطي مع ضغوط الحياة بمحركات عقلانية سليمة وقدرة على ممارسة حل الصراعات البينية، ومهارات التواصل وفن العيش، ليُفضي الأمر لبدن قوي وجهاز مناعي نشيط للتصدي للفيروس والتعافي منه في حالة الإصابة. الفئة الثانية وهي «الخاسرة» لاحتمالية الإصابة بالفيروس و«المخسرة» والتي تسعى لنشر العدوى لمن حولها، والتي لا تستجيب للتعليمات الوقائية بسلوك غير آمن من خلال الاعتقاد بغياب الرقيب، وهنا لا تلتزم بالتباعد الاجتماعي وتمارس الحياة وكأن الجائحة ليست إلا كذباب وقع على أنف أحدهم فطيره بيده، ليطير بعيدا ولغير رجعة، وتكسر قواعد الوقاية المنصوص عليها، ربما يُعضد ذلك سلوكيات غير صحية والتي تُفضي لبدن هش وجهاز مناعي ضعيف، سهل الاختراق وتدهور حاد في حالة الإصابة، وبين البين تتوزع البقية من البشر ما بين طرفي نقيض وفقا لما يعرف بإدراك المخاطر.

الكورة بالأمس القريب كانت بالكلية في ملعب صانع القرار، أجاد التهديف حقيقة بتعليمات انتهت بعقوبات، النتيجة ما نعيشه الأن من الانتقال إلى مراحل أقل تشددا، الكورة اليوم شبه كاملة في ملعبنا نحن كأفراد وأسر ومجتمع، علينا اتباع تعليمات صانع القرار الصحي واللوجستي والرقيب هو أنت وأنا ونحن ولا غير، من خلال أن نكون جميعا ممن تموضع في الفئة «الناجية» و«المُنجية»، فنحن الرابحون حقا ونعم الربح من خلال سلوك وقائي مسؤول. حفظ الله الجميع.