كشف خبراء اقتصاديون أن هناك كثيرا من الأموال التي تكوّن ما يسمى «تجارة الظل»، والتي يقوم بتحويلها بعض المغتربين الذين يعملون بأعمال غير شرعية أو غير نظامية، عبر إرسالها مع بعض الناس إلى بلادهم خارج نطاق التحويلات البنكية الشرعية، وقد تفوق التحويلات المعلنة بنسب كبيرة.

التركيبة السكانية

لفت الخبراء إلى أن دول الخليج تعاني من مشكلات عميقة في التركيبة السكانية، نتيجة تركز الوافدين بنسب كبيرة، مما تتسبب في تداعيات مختلفة على الأمن والاقتصاد والتنمية والثقافة المجتمعية، مؤكدين أن دول الخليج بحاجة إلى تعديل الأنظمة، بحيث تعالج أمر التستر والسماح للأجانب بالعمل وفق شروط صارمة، تمكّن من الاستفادة من الضرائب المهدرة، والتحكم في حركة المال عن طريق مراقبة الأعمال، حتى لا تكون هناك أعمال غير مشروعة، والتضييق عليها بشكل أكبر.

اختلالات ديموجرافية

أوضح المحلل الاقتصادي سليمان العساف لـ«الوطن»، أنه بالنسبة للعمالة الوافدة التي تعمل في دول الخليج، تعدّ أعدادها كبيرة جدا، وفي بعض الدول الخليجية 89 % من السكان أجانب، وهذه العمالة تقدم خدمات، وفي الوقت نفسه تنتج عنها اختلالات ديموجرافية أو حتى اقتصادية، والمملكة هي ثاني أكبر بلد في العالم من ناحية التحويلات الأجنبية بعد الولايات المتحدة، رغم أن المملكة في المرتبة الـ19 من ناحية الاقتصاد في العالم.

هدر وفقد

بيّن العساف أنه في العام الماضي جاوزت التحويلات من المملكة 135 مليار ريال، وتعدّ هدرا وفقدا ولا فائدة منها، بل أصبحت مجرد أموال تؤخذ من داخل البلد وتخرج دون أي فائدة ليستفيد منها الخارج، موضحا أن هناك كثيرا من الأموال التي تكّون ما يسمى «تجارة الظل»، وهي التي يقوم بتحويلها بعض المغتربين أو غير السعوديين، الذين يعملون بأعمال غير شرعية أو غير نظامية أو من خلال التستر، فهم لا يستطيعون أن يخرجوا الأموال السائلة، ويقومون بتحويلها إما أحجارا كريمة أو ذهبا، وإرسالها مع بعض الناس لبلادهم.

وقال إنه لا بد من الانتباه إلى حركة التحويلات، وعلى دول الخليج أن تعدل بعض الأنظمة، بحيث تعالج أمر التستر والسماح للأجانب بالعمل وفق شروط صارمة، منها تمكن الاستفادة من الضرائب المهدرة، وتمكين التحكم في حركة المال عن طريق مراقبة الأعمال، حتى لا تكون هناك أعمال غير مشروعة.

مشكلات عميقة

قال المحلل المصرفي والاقتصادي فضل البوعينين لـ«الوطن»، إن دول الخليج تعاني من مشكلات عميقة في التركيبة السكانية، نتيجة تركز الوافدين بنسب كبيرة وغير مقبولة، مما تتسبب في تداعيات مختلفة على الأمن والاقتصاد والتنمية والثقافة المجتمعية، لافتا إلى أن العمالة الوافدة تستنزف أرصدة دول الخليج من العملات الأجنبية بتحويل أكثر من 122 مليار دولار خلال السنوات الماضية، لا يكشف عن الصورة الحقيقية لحجم الأموال المحولة خلال الأنظمة المصرفية أو خلال الطرق غير النظامية. ويشير الى حجم تحويلات الأجانب في السعودية التي تجاوزت 125 مليار ريال في 2019، وقال إن حجم التحويلات كبير.

وأضاف، «أعتقد أن ما يتم تحويله خلال وسائل تحويل الأموال البديلة من خارج المنظومة المالية، قد يزيد عن الحجم المعلن بكثير، وهذا يتطلب مراجعة حجم العمالة الوافدة وفق الاحتياجات الضرورية، وبما يخفض من حجم التحويل للخارج».

سوق سوداء

بيّن عضو اللجنة السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث لـ«الوطن»، أنه بعد أن وضعت دول مجلس التعاون عددا من الاحترازات للحد من تحويل المبالغ للعمالة الوافدة غير الرسمية، لضبط التحويلات ومعرفة حجمها، ومن الشخص المحول والمستفيد، عن طريق البنوك والمراكز المالية المعتمدة، فإن هناك طرقا ملتوية تستخدمها تلك العمالة، للابتعاد عن دفع الرسوم أو كشف الشخص المحول أو المستفيد، مثل حملها شخصيًا عند عودته أو زيارته بلده، أو تكليف صديق لحملها معه وتوصيلها إلى المرسل إليه، توفيرًا للرسوم المصرفية، أو تحويلها عن طريق السوق السوداء «الحوالة»، للحصول على سعر صرف أفضل، أو عن طريق شراء الذهب وحمله معه كلما زار بلده، أو غيرها من الوسائل والطرق، وهذا يساعد في تمويل الإرهاب أو المتاجرة في المخدرات أو السلع المغشوشة في السوق السوداء.

مركز متخصص

قال المغلوث، إنه لا بد أن يكون لدينا مركز بيانات متخصص، لمعرفة بيانات العمالة في دول مجلس التعاون وعناوينهم، وربطهم بأرقام الجوازات والهويات، إضافة إلى معرفة حجم الرواتب، حتى يتبين لنا خلال مؤشرات عن حجم التحويلات السليمة، إضافة إلى المبالغ التي لم تحوّل وتبقى بحوزتهم، وهذا المركز ينبغي أن يكون متخصصا من كل الجوانب الأمنية والاجتماعية، وبالتالي نقضي على كل الطرق والوسائل غير الشرعية التي يستخدمونها، إذ إن تلك الإجراءات التي يستخدمونها تضر بالاقتصاد، وتقلل من العملة الصعبة، إضافة إلى أنها تكون مجهولة المستفيد.

تحويلات الوافدين بالربع الأول من 2020

6 % ارتفاع، يعادل 1.9 مليار ريال مقارنة بالربع المماثل 2019

33.86 مليار ريال خلال الربع الأول من 2020

31.93 مليار ريال خلال الربع الأول من 2019

تحويلات الأجانب في دول الخليج

92.1 مليار دولار خلال 2019

تحويلاتهم في السعودية

2019:

33.5 مليار دولار

2018:

36.4 مليار دولار