استحوذت الكرة الطائرة على شعبية كبيرة في المملكة، محتلة المرتبة الثانية من حيث جماهيريتها خلف كرة القدم، لكنها مع ذلك عانت كثيراً من الإهمال، وسددت ثمناً باهظاً لفاتورة نقص ملاعبها، على الرغم من بساطة أداوتها، حتى باتت مهددة في انتشارها وشعبيتها وإبراز الموهوبين فيها. ويرى مراقبون أن النهوض باللعبة وإنقاذها من الاندثار والتواضع الذي يعشعش في مفاصلها يكمن في توسيع انتشارها، والبحث عن ملاعب لها، وإطلاق مدارس تخصصية فيها، تضمن استعادتها لوهجها، مع توجههم إلى خصخصتها، وتحميلهم اتحاد اللعبة مسؤولية النهوض بها، وإيجاد رعاة وفرص استثمار فيها تزيد من الاهتمام بها، وتمكنها من أن تحتل المكانة التي تستحقها.

الأساسيات المطلوبة

يقول أستاذ القانون والإدارية الرياضية في جامعة أم القرى الدكتور عبداللطيف بخاري «من الأساسيات المطلوبة من كل اتحاد لعبة أهلي أن يعمل على نشر اللعبة بين أفراد المجتمع، لكن غالبية اتحاداتنا الرياضية تهمل وللأسف الشديد هذا الجانب، ولا تعمل على تعميم لعبتها وتحقيق انتشارها، ولا تركز على زيادة عدد ممارسيها، بقدر اهتمامها بالموجود والمتوفر، ومن هنا لم أر تقريباً إستراتيجية أو برنامجا معينا، أو حتى إحصاءات تقدمها اتحادات اللعبة توضح فيها أعداد الممارسين في السابق وفي الوقت الحالي».

غياب التخطيط

يواصل بخاري انتقاده، ويطرح مع نقده حلولاً يراها مفيدة لإنعاش اللعبة وانتشالها من كبوتها، ويؤكد «ليس هناك تخطيط مسبق جيد في اتحاد اللعبة، وما أعنيه بالتخطيط ليس فقط أن تكتشف لاعبين، بل وكذلك أن تبحث عن منشآت رياضية، ليس من الضروري أن تكون صالات كبيرة ومغلقة، لكن على الأقل أن يكون لديك داخل الأحياء مراكز رياضية، وكرة الطائرة لعبة غير مكلفة من حيث الملاعب، ولا تحتاج إلى مساحات كبيرة لإنشاء ملاعبها التي يمكن إنجازها بالتعاون مع البلديات». وأضاف «يجب زرع حب اللعبة والاهتمام بالنشأ والاهتمام بالفئات السنية، وهذا يجب أن يكون قبل المرحلة الجامعية، لأن هذه الأخيرة تعد مرحلة الصقل». وأكمل «يحتاج اتحاد اللعبة إلى تقديم الحوافز والمميزات للاعبين لمنع تسربهم إلى الألعاب الأخرى، خصوصاً أننا شاهدنا كثيرا من اللاعبين يتخلون عنها، ويتجهون لممارسة كرة القدم».

مدارس تخصصية

ألقى بخاري بالكرة في ملعب معلمي التربية البدينة وعدّهم أهم كشافي المواهب في اللعبة، وقال «معلمو التربية البدنية في المدارس هم الأكثر اهتماما بكافة الألعاب، وهم يعدون ويكتشفون اللاعبين الموهوبين، وأعتقد أنه حان الوقت لكي يكون لدينا مدارس تخصصية بمعنى أن يكون لدينا 3 أو 4 مدارس معلموها متميزون بكرة الطائرة، وتقوم المدرسة بالتنسيق مع الاتحاد بصقل مواهب اللاعبين وإعداد اللاعبين بشكل متكامل، وهذا لتجنب مشكلة عدم منهجية اكتشاف اللاعبين، فنحن نكتشف اللاعبين بمحض الصدفة».

إعداد ومنافسة

تابع بخاري «أنا لاعب كرة طائرة سابق، ومدرب منتخب جامعة أم القرى للعبة، وأقر بأنه ليس هناك اهتمام كبير باللعبة على مستوى التدريب، فالأمور تؤخذ بشكل موسمي أكثر من كونها نظام جيد للعب كرة الطائرة، وكي يكون لديك لاعبون يتنافسون دولياً يجب أن يكون لديك تحضير وإعداد جيد واستقرار تدريبي وإداري أيضاً، ولا بد أن يكون الإعداد جيدا وعلى مستوى عال للمهارة واللياقة البدنية، ومع الأيام يخوض الفريق عمل مجموعة من المنافسات والمباريات الودية، وهذا يضمن تطوره ويصل به إلى مستوى عال».

وأضاف «يحتاج اللاعب حتى يكون بمستوى جيد إلى 10 آلاف ساعة تدريب كما ذكرت إحدى الدراسات العلمية المعنية باللعبة، لكننا نعاني من قلة صالات التدريب على مستوى الأندية الرياضية، كما نعاني في مشكلة جدولة الصالة الرياضية إن توفرت، حيث يتدرب عليها لاعبو كرة الطائرة وكرة السلة وكرة اليد، ناهيك عن قلة اهتمام إدارات الأندية برعاية اللعبة وتوفير متطلباتها، وتركيزها فقط على كرة القدم».

نقص الملاعب

يرى لاعب كرة الطائرة سراج العمري أن لكرة الطائرة شعبية كبيرة خصوصاً في مجتمعات المدن الكبرى في المملكة، لكنها مع ذلك تعاني من نقص كبير في ملاعبها، سواء كان في الأماكن العامة أو الأندية الخاصة، ولو وجدت فهي تفتقر بشدة إلى أساسيات الملعب الاحترافي، وتعاني من الزحام الشديد عليها، وهذا ما يدفع كثيرين إلى اللجوء لاستئجار الاستراحات أو اللعب في مدارس التعليم لممارستها.

استثمارات

يؤكد عضو اللجنة الرياضية بغرفة الرياض خالد الربيعان، أن كرة الطائرة تحظى بشعبية كبيرة في المملكة، واتحاد اللعبة مطالب برفع فرص استثمارية، بوضع برامج مناسبة يستطيع من خلالها إقناع المستثمرين والرعاة، عبر جذب المشجعين والجماهير الذي سيغيرون الرعاة بالاهتمام باللعبة، وقال «الغريب أننا نجد أن اتحاد اللعبة نفسه غير مهتم، وبالتالي فلا غرابة ألا تهتم الأندية».

وأضاف «أعتقد أننا بحاجة لاستنساخ التجارب الأجنبية، ووضعها في قالب محلي بطريقة جذابة تعتمد كاملاً على اتحاد كرة الطائرة في استقطاب الرعاة، وزيادة اهتمام الأندية كعنصر مهم في تعزيز الفرص الاستثمارية للعبة، وأعتقد أن تخصيص اللعبة أمر مهم جدا لتطويرها، دون أن تقحم في خصخصة ألعاب أخرى، بحيث يتكون لها استقلاليتها كما هو معمول به في أوروبا وأمريكا، وقد يكون هذا هو الأنسب لإنقاذها.