قبل ركلات الجزاء وعارضة المرمى وحتى الحكام، كانت هناك أوقات مختلفة لكرة القدم، ومنذ تم تدوين قوانينها الأولى عام 1863 وصولا إلى مؤسستها الحديثة في الألفية الجديدة، يقوم صانعو القرار وبشكل مستمر بإجراء تعديلات وتغييرات رئيسة على قواعدها، لدرجة أن كثيرا مما نعتبره الآن من بديهيات اللعبة لم يكن له وجود عند نشأتها.

اجتماع تاريخي

شهد أحد مقاهي بلدة بلاكيث‏ (ضواحي شمال لندن) عام 1863، اجتماعا تاريخيا لم يؤد إلى تأسيس اتحاد كرة القدم الإنجليزي فحسب، بل أيضا إلى كتابة أول قوانين اللعبة الأصلية، وبينما تم تعديل بعضها بشكل كبير منذ ذلك الحين، لا تزال أخرى موجودة، وشكل التسلل جزءا من القواعد الأصلية لكنها كانت بعيدة جدا عما هي عليه اليوم، مع اعتبار أي لاعب مهاجم متقدما عن الكرة في اتجاه مرمى المنافس متسللا، مما يعني تضمن الأساليب التكتيكية 8 مهاجمين، وكانت الوسيلة الوحيدة للتقدم بالكرة هي المراوغة أو المناوشة كما في لعبة الرجبي، وفي أواخر ستينيات القرن 19، اتخذ الاتحاد الإنجليزي القرار المهم باعتماد قاعدة الثلاثة لاعبين، حيث يعد المهاجم متسللا إذا تواجد أمام آخر ثالث مدافع، ومع هذا التغيير بات بالإمكان تطوير مهارة التمرير.

ركلات أولى

اعتمدت ركلات المرمى لأول مرة عام 1869، مما سمح لحراس المرمى بإضاعة ما يقارب 30 ثانية في كل مرة ينفذون فيها الركلة، دون التعرض لعقاب، ونفذت الركلات الركنية الأولى عام 1872، وبشكل مثير للدهشة، لم يتقن اللاعبون الطريقة في ذلك الوقت، وفي عام 1875 أضيفت أخيرا للمرمى عارضة أفقية (عبارة عن حبل أو أي شيء مشابه)، وكان قبلها عبارة عن قائمين لم يحدد ارتفاعهما، بينهما مسافة 7.30 أمتار، وفي عام 1883 وضعت القوائم والعارضة من الخشب، وفي عام 1894 تم تحديد سمك القائمين والعارضة ليكون 12.5 سم، وشهدت عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي اكتمال بنية المرمى، أولا باستخدام الشباك الخلفية عام 1925 قبل أن يتم تحديد أبعاد المرمى عام 1937 (عرض 7.32 أمتار وارتفاع 2.44 متر).

عقوبة إعدام

المرة الأولى التي استخدم فيها حكم صافرة لقيادة مباراة كانت في عام 1878، بيد أن الأمر الذي تخيله أنه لم يكن هناك حكم ساحة، وكان يتولى قيادة المباراة محكم واحد لكل فريق، ويبقى المساعدان على الخطوط الجانبية ويتم (الاحتكام) إليهما فقط في حال عدم اتفاق المحكمين، حتى عام 1891 عندما تم منح حكم ساحة سلطة إطلاق صافرته عند ارتكاب الأخطاء وطرد اللاعبين، وإعلان ركلات الجزاء التي ظهرت للمرة الأولى في العام ذاته، ردا على تزايد الممارسات الخشنة ضد المهاجمين لمنعهم من التسجيل، ولم يتقبل اللاعبون بداية هذه الإضافة الجديدة، وأطلقوا عليها «عقوبة الإعدام»، وكان كثيرون قلقين من أن اللاعبين قد يتصرفون بشكل غير رياضي للحصول عليها، وبعد تجارب عدة تمت الموافقة عليها رسميا كرقم 13 في قوانين اللعبة.

إعادة هيكلة

اجتمع مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) لأول مرة في 2 يونيو 1886، وتم إنشاؤه كجهة مشرعة لتحديد قوانين اللعبة وإجراء التغييرات حسب الحاجة، وتشكل من ممثلين لكل من اتحاد بريطانيا الأربعة إنجلترا وأسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية، وتطلب تمرير اقتراح أغلبية 3 أصوات، ومع انتشار اللعبة عالميا شهدت باريس عام 1904 تأسيس الاتحاد الدولي (FIFA) بعضوية فرنسا وبلجيكا والدنمارك وهولندا وإسبانيا والسويد وسويسرا، وفي عام 1913 انضم «فيفا» إلى «أيفاب» لتعاد هيكلة كيفية تعديل قوانين اللعبة، ويضم «أيفاب» 8 أعضاء، 4 منهم من «فيفا» وواحد من كل من إنجلترا وويلز وأسكتلندا وإيرلندا وللموافقة على أي تعديل على قوانين اللعبة يجب الحصول على 6 أصوات، أي أن «فيفا» لوحده بأصواته الأربع لا يمكنه التعديل والعكس صحيح.

اكتمال الأحجية

بعد 11 عاما من السماح بتسديد ركلات الجزاء من أي مكان على بعد 12 ياردة من خط المرمى، تم إنشاء نقطة الجزاء في عام 1902، وتزامن هذا التغيير مع إدخال منطقة الـ18 ياردة (عرضها 44 ياردة)، بالإضافة إلى منطقة الـ6 ياردات (عرضها 20 ياردة)، وكانت الأخيرة في الأصل، عبارة عن نصف دائرة أمام المرمى على غرار ما يوجد حول الشبكة في لعبة الهوكي، ومع ذلك، انتظرت آخر قطعة مدة 35 عاما أخرى لاكتمال الأحجية، عندما تم وضع قوس بشكل «D» على حافة منطقة الجزاء، وفي عام 1912 قرر المشرعون أن حراس المرمى يمكنهم استخدام أيديهم فقط في منطقة الجزاء، بعد أن كانوا قادرين قبلها على الإمساك الكرة في أي مكان يرغبون فيه، وفي عام 1920 تم تغيير القواعد بحيث لا يكون اللاعب متسللا من رمية جانبية.

خيوط العنكبوت

زاد عدد الأهداف مدعوما بالقاعدتين المستحدثتين بمنع حراس المرمى من مسك الكرة خارج منطقة الجزاء وحظر التسلل من الرميات الجانبية، واعتبارا من عام 1925، مثلت قاعدة التسلل الجديدة، تغيرا جذريا آخر دفع اللعبة إلى الأمام، حيث أصبح التسلل يحتسب إذا كان اللاعب المهاجم وقت خروج الكرة من قدم زميله، يفصله عن خط المرمى لاعبين منافسين فقط (بما في ذلك حارس المرمى)، وبحلول أواخر الثلاثينيات، كان هناك شعور بأن قوانين اللعبة، التي بلغ مجموعها 17، تتطلب تغييرا بعد أكثر من نصف قرن، وفي عام 1938 قاد ستانلي روس سكرتير الاتحاد الإنجليزي آنذاك، ورئيس «فيفا» لاحقا، الجهود لتنظيف خيوط العنكبوت وصياغة القوانين وإعادة كتابتها بلغة حديثة، وقام بعمل جيد لدرجة أنه لم يتم تعديلها مرة ثانية حتى عام 1997.

أفضلية هجومية

على الرغم من شعبيتها الهائلة، كان هناك اتفاق عام في أواخر الثمانينيات على أن قوانين كرة القدم يجب تعديلها بدقة في مواجهة التكتيكات الدفاعية، وأجريت سلسلة من التعديلات من قبل «فيفا» عام 1990، يشار إليها باسم «من أجل متعة اللعبة»، للمساعدة في تعزيز كرة القدم الهجومية، بدأت بقانون التسلل ومنح الأفضلية للفريق المهاجم، فلا يكون اللاعب متسللا إذا كان على خط واحد مع المدافع قبل الأخير (عادة ما يكون حارس المرمى هو المدافع الأخير)، وإذا كان عنف المشجعين (الهوليجانز) مشكلة خطيرة خارج الملعب خلال تلك الفترة، كان اكتساب التكتيكات الدفاعية اليد العليا على أرض الملعب يعني خطرا حقيقيا، لذا وفي نفس العام أيضا أصبحت «المخالفة الاحترافية»، أي حرمان الخصم من فرصة واضحة لتسجيل الأهداف يعاقب بالبطاقة الحمراء.

فوضى البداية

فرضت التكتيكات الدفاعية للمنتخبات في مونديال 1990 ضرورة القيام بأشياء أكثر، واستجاب (IFAB) عام 1992 بتغيير رئيسي الأخير على قوانين كرة القدم، وقرر منع الحراس من استخدام أيديهم بالإمساك بالكرة إذا كانت عائدة بشكل متعمد من قدم زملائهم، وعلى الرغم من أن القاعدة الجديدة أحدثت في البداية شيئا من الفوضى وقوبلت بالتشكيك من قبل البعض، فإنها مع مرور الوقت أصبحت موضع تقدير على نطاق واسع، وقبل نهاية الألفية تدخل (IFAB) من جديد وقام بتعديل واحد ونهائي عام 1998 لمنع الإصابات واللعب العنيف، وتم توجيه الحكام للنظر إلى التدخلات العنيفة من الخلف كمخالفات تستوجب إظهار البطاقة الحمراء.

شد وجذب

بدأ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) عام 2009 تجربة استخدام حكم مساعد إضافي بجوار كل مرمى في مباريات الدوري الأوروبي لمساعدة حكم الساحة، وبحلول عام 2012، استُخدم الحكمان الإضافيان المساعدان في جميع مسابقات (يويفا)، وبعد شد وجذب أطلقت تقنية خط المرمى (GLT) عام 2013 لتحديد ما إذا كانت الكرة قد تجاوزت خط المرمى، واستخدمت للمرة الأولى في كأس العالم للأندية 2012، أيضا ظهرت تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) لأول مرة في مسابقة كأس القارات 2017، وتقوم على مراجعة القرارات التي يتخذها حكم المباراة باستخدامِ لقطات فيديو وسماعة رأس للتواصل مع الحكم المساعد عند الضرورة فقط، وبعد تجربة واسعة النطاق في عدد من المسابقات الكبرى، أضيفت رسميا إلى قوانين اللعبة من قبل (IFAB) عام 2018.

7 مبادرات في قواعد كرة القدم لم تدم طويلا

نقاط أكثر خارج الأرض

1983: غيرت الرابطة الوطنية الإنجليزية أو تحالف «البريميرليج» كما هو معروف حاليا، القواعد بحيث يحصل الفريق على نقطتين للفوز على أرضه وثلاث للفوز خارج أرضه، بهدف تشجيع الفرق على البحث عن مزيد من الانتصارات وتقديم امتاع أكثر، وبعد عدم الاقتناع بمزايا النظام، تم إلغاء التجربة موسم 86/87.

ركلات حرة بلا تسلل

1987: توصلت الرابطة الوطنية الإنجليزية (دوري الدرجات الأدنى) إلى طريقة مبتكرة أخرى لتشجيع اللعب الهجومي، بإجراء تغيير في قواعد مسابقاتها يتمثل في أن أي لاعب لا يكون متسللا مباشرة من ركلة حرة، وما بدا فكرة جيدة على الورق أثبت فوضى في ممارسته عمليا وتم إلغاء التغيير بعد بضعة أسابيع فقط.

ركلات الـ35 ياردة

1977: قام منظمو الدوري الأمريكي (NASL) بفكرة جديدة، أي مباراة تنتهي بالتعادل، تنتقل إلى ركلات الترجيح التي تشهد اللاعبين ينطلقون بالكرة، على بعد 35 ياردة من المرمى، ويتم منحهم 5 ثوان فقط للتسجيل، وبعد تفكك (NASL) عادت الفكرة مع (MLS) عام 1996 قبل أن يتم التخلي عنها عام 1999.

10 ياردات متقدمة

2000: تم منح حكام «البريميرليج» القدرة على تقديم موقع الركلات الحرة إلى الأمام 10 ياردة في حالات الاعتراض (مثل ركل الكرة بعيدا) من قبل الفرق المدافعة، وفيما أدى التغيير إلى تقليل الاعتراضات، إلا أن تصرفات ظهرت على السطح أضافت ثقلا إضافيا إلى مستوى العقوبة، ألغى معها FIFA هذا التغيير.

قاعدة الهدف الفضي

2003: تم تنفيذها من قبل (UEFA)، كوسيلة أخرى لتقليل احتمالية ركلات الترجيح، وتعني أنه في حالة تسجيل فريق في الشوط الإضافي الأول، يكون لدى الخصم حتى نهاية الشوط نفسه فقط للتعديل، ولم يحدث التغيير اختلافا كبيرا في طريقة دخول الفرق الأوقات الإضافية، قبل التخلص منها بعد يورو 2004.

رميات جانبية بالقدم

1994: أثبتت الرابطة الوطنية الإنجليزية مرة أخرى أنها أرضية اختبار لمفهوم آخر غير مدروس جيدا، عندما دعا (FIFA) لتجربة استبدال الرميات الجانبية بتنفيذها سريعا بالقدم لبدء هجوم مضاد سريع لتعزيز التدفق الطبيعي للعبة، وانتهى الأمر بتأثير عكسي، وبعد موسم واحد فقط، تم وضعه على الرف.

قاعدة الهدف الذهبي

1993: تم تنفيذها من قبل (FIFA)، حيث ينهي تسجيل أي هدف خلال الوقت الإضافي المباراة ويضمن تجنب ركلات الترجيح المروعة، واعتبر «فيفا» التغيير بمثابة حافز للهجوم أكثر، بيد أن الفرق اتبعت نهجا حذرا بشكل متزايد خشية ارتكاب أبسط خطأ سيكون قاتلا، وتم التخلي عن هذه القاعدة في عام 2002.