في وقت تبرز فيه مطالبات كثيرة بما فيها مطالبات في مجلس الشورى حول مكافحة العنوسة، وتجنب مضارها الاجتماعية، تعزف فتيات بمحض إرادتهن عن الزواج، ويبدين نفورهن الصريح منه، مستذكرات استفحال المشاكل بين الأزواج، ارتفاع عدد حالات الطلاق، وحالات الخلع في المحاكم، والعنف ضد الزوجة، والاستحواذ على راتبها، وتشكيل أسرة يسود التوتر علاقات أفرادها. وتخشى عازفات عن الزواج من القيود التي يفرضها عليهن الارتباط، ويخفن تكرار قصص علاقات سابقة لم يكتب لها النجاح، ويفضلن على الرغم من تقدمهن بالسن إلى حدود تخطيهن الثلاثين من أعمارهن الوظيفة والحرية والانطلاق وتجنب المشاكل والخلافات والخيبات، فلا يلجأن إلى ارتباط يرين أنه يحد من تقدمهن وتحقيق طموحاتهن أو على الأقل يسبب لهن الآلام.

لا للارتباط

ترى وفاء الغامدي أن الزواج يحتاج إلى شخص متعقل وناضج يتمتع بخلق رفيع، وهي تعاني ما يسمى «فوبيا الخوف من الزواج (جامو فوبيا)» خشية أن تجد زوجا يعاملها بقسوة ويعرضها للإهانة، وتقول «أنا أبحث عن مثالية في التعامل والصفات، وأفضل أن أبقى عزباء على أن أتزوج برجل يدمر نفسيتي بسوء معاملته، وهذا وارد جداً، ونسمع به ونشهده كل يوم في مجتمعاتنا». كما تجد ميساء خليل، وهي خريجة جامعية، أن الزواج يعقّد الحياة من حيث المسؤولية أولاً ثم تقليص الحرية ثانياً، وتقول «أريد أن أعمل وأحصل على وظيفة مرموقة أحقق من خلالها ذاتي وطموحاتي، وقد تتطلب هذه الوظيفة السفر لإنجاز العمل أو الحصول على دورات تدريبية، وهذا لن يتم مع الارتباط أو الزواج».

عدم التكرار

تشدد خولة الزهراني (ربة بيت) على أن حضانة الأطفال بعد طلاق الوالدين قضية شائكة، وتسبب ألما ومتاعب لجميع الأطراف، وتقول «أنا مطلقة ولا أرغب في الارتباط مرة أخرى، بعد أن انفصلت عن زوجي ودخلت معه في مشاكل حول طفلي، فأنا أطالب بالحضانة وهو يطالب بأخذ الصغير مني، ويرفض أن يبقى الصغير معي، خاصة إذا تزوجت من رجل آخر سواه، لهذا لا أريد أن أرتبط برجل ثان رغم أنني أصادف من يطلبني للزواج». أما هبة عالم (موظفة) فتقول «كنت متزوجة منذ سنوات، وكان زوجي المتصرف براتبي، ولم أكن أبالي في البداية لأن حياتنا كانت طبيعية ونعيش في مودة ورحمة، لكن مع مرور الوقت أصبح لي متطلبات أريد الحصول عليها، وعندما طالبته براتبي، رد بأنه لا يحرمني من شيء، وبالتالي لا يحق لي المطالبة بالمال بعد ما تعوّد على هذا الحال عدة سنوات، وفجر هذا الخلاف المشاكل بيننا، ووصلت الأمور إلى الانفصال، واليوم لا أفكر أبدا في الارتباط من جديد، خشية على راتبي الذي يغنيني عن الحاجة إلى أي أحد».

الأفلام والمسلسلات

تقول هيفاء الزهراني إنه من بين الأسباب الكثيرة لخوفها من الزواج التأثر بالأفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية خاصة أنها كانت صغيرة في السن، فبعض المشاهد صورت الجانب المظلم من الزواج، مثل تعرض الزوجات للضرب المبرح والإهانة، وغيرها، وهناك مشاهد الخيانة المتكررة في الدراما، والتي شكلت لها مخاوف ففضلت البقاء دون ارتباط على أن تتعرض للخيانة من قبل الزوج. أما مها سعيد فتقول إنها ضد أن تفقد حريتها فهي لم تتعرض إلى تجارب عائلية سيئة ولا أي من الأسباب الأخرى، لكن حرصها على حريتها يجعلها تصرف النظر عن القبول بالزواج، وقالت «في مجتمعنا يحدّ الزواج من حرية المرأة، صحيح أنه يفعل بالرجل أيضا، لكنه يفعل بالمرأة أكثر مما يفعل مع الرجل، فالحرية التي أخشى أن أخسرها تتعلق بتربية الأولاد أو التخلي عن الدراسة أو ارتباطي بزوج لا يسمح لي باتخاذ أي قرار بنفسي».

الأعباء المالية

تشير هوازن عمار إلى أن المفروض ألا تتحمل المرأة الأعباء المالية الناجمة عن الزواج، وقالت «أخشى أن يأخذ زوجي راتبي أو أن يكون بخيلا، وهذا سيشكل ضغطا نفسيا رهيبا عليّ، فأنا لا أريد أن أخسر عملي كما أريد أن أدخر راتبي للمستقبل، فمن يدري، فقد ننفصل يوما، ولا أجد من ينفق عليّ، وحينها لن يفيدني أحد، إلا عملي وراتبي». وتضيف «هذه المعضلة تعرضت لها زميلتي في العمل مع زوجها الذي كان يستولي على راتبها حتى انفصلت عنه، وأخرى تعرضت للارتباط بزوج بخيل، فالأمر لا يتوقف فقط عند الخوف من الاستيلاء على الراتب، بل يشكل الخوف من بخل الزوج عائقا كبيرا عند اتخاذ قرار الزواج».

مشاكل الوالدين

تؤكد طالبة علم النفس فاطمه علوان أن المشاكل بين الوالدين قد تؤدي إلى خشية البنات وحتى الأبناء من الزواج، فتؤثر المشاكل بين الأزواج على أطفالهم بشكل سلبي، خاصة عندما تأخذ منحى العنف في الأسرة، ويصبح الأطفال جزءا من الصراع، وقالت «إذا انعكست المشاكل الزوجية بين الوالدين عزلة وعدوانية وتراجعا في المستوى الدراسي على الصغار، فربما يتطور الأمر إلى خوف من الزواج في المستقبل، فالطفل الذي يشهد مشاكل الوالدين سيتأثر بها عند الكبر ويحمل ملامحها معه في المستقبل، ولن يرغب كثيرا أن يكرر التجربة في علاقة زوجية».

أسباب للعزوف عن الزواج

الخشية من المشاكل والطلاق والخلع

البحث عن رجل مثالي

الرغبة في تحقيق الذات والطموحات

التمسك بالحرية وتجنب قيود الزواج

الخوف من تحمل مسؤولية البيت والأولاد

التعرض للتحرش في الطفولة

تمني العزوبية

توضح رانيا مهدي (طالبة) «عندما أتحدث مع صديقاتي المتزوجات أشعر بمخاوف شديدة من الإقدام على الزواج، لكثرة المشاكل التي يعانينها مع الأزواج، فأصبح لدي انطباع سيئ عن الزواج يصل إلى حد العقدة التي دفعتني لرفض القبول بثلاثة من العرسان الذين تقدموا للزواج بي». وتضيف «ما يحدث لكثير من الزوجات في مجتمعنا كفيل بأن يعقّد الفتيات من الزواج نتيجة سوء المعاملة أو العنف أو التسلط الذكوري أو الحرمان من الحقوق أو الأبناء إذا تم الطلاق وغيرها من الأسباب، لهذا أصبحنا نعزف عن الزواج ونخشى أن نرتبط». وتتابع «دائما ما أسمع عبارة «يا بختك ما تزوجتي، أو نحسدك على عزوبيتك». وتستطرد «من الأفضل ألا تجلس العازبة مع متزوجات لأنهن لا يتحدثن إلا عن مشاكل الأزواج وتعب تربية الأبناء، وهذا يؤثر عليهن كعازبات، ويجعلهن يحملن انطباعا غير جيد عن الزواج، كما يجب ألا يتابعن أفلاما سينمائية أو مسلسلات تلفزيونية فيها العنف الأسري أو الانتقام بين الزوج والزوجة لأن هذا الأمر يؤثر عليهن ويجعلهن يلغين فكرة الزواج من تفكيرهن.. صحيح هذا لا ينطبق على كل الأسر، إذ إن هناك أسرا كثيرة يسودها الود والسلام».

لا للتنفير

تقول الباحثة الاجتماعية عائشة أبو جبل للخائفات من الزواج إن الله، تعالى، قال «وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ»، فالزواج سنة إلهية منذ أن خُلق البشر، ورسولنا الأكرم محمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقول «من رغب عن سنتي فليس مني»، فهو قد تزوج وقال «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، ودعا زكريا، عليه السلام، ربه «رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ»، فمن تقول إن الزواج تعب وهمّ، فإنها تصف حياتها ولا تصف الزواج، وقد تكون هي السبب في هذا التعب والهم، ونحن كمسلمات مهما كانت حياتنا الزوجية تعيسة وبها كثير من المشكلات فيجب ألا نكون سبباً في تنفير وتخويف الفتيات من سنة الله ورسوله.

معلومة سلبية

الإخصائية النفسية مني الكوكباني تقول «لا يفترض أن تخاف الفتاة من الزواج لمجرد أن أخريات قدمن لها معلومات سلبية عنه، جعلتها تخشاه، وربما تتعاضد هذه المعلومات مع ممارسات عاشتها الفتاة في أسرتها، إذ يمكن أن تكون قد شهدت عنفا مارسه والدها ضد والدتها، مما ينفرها من تكرار تجربة والدتها، وربما عانت من ديكتاتورية الأب، أو من تجارب سلبية مثل التحرش أو تجربة حب فاشلة، كما أنها قد تخشى أن تفقد حريتها أو وظيفتها بعـد الزواج، أو تخاف من الطلاق والحرمان من أولادها، ناهيك عن سماعها المستمر إلى تذمر المتزوجات من حياتهن». ومع كل هذه التجارب، هناك تجارب أخرى ناجحة، وينبغي على الفتاة أن تنظر إليها كنماذج ناجحة، بحيث تكون إيجابية، وتتخلى عن النظرة السلبية التي تجعلها تحكم على المستقبل بحكم قاتم.

أسباب التهرب

يبين الاستشاري الاجتماعي والأسري شجاع القحطاني أن الخوف من الزواج له عدة أسباب، فكثير من الفتيات لا يرغبن بتحمل مسؤولية الزوج وتربية الأبناء وشؤون المنزل، ويجدن في حياتهم مع الأسرة نوعا من الحرية والانطلاق وإشباع الرغبات والحاجات، بينما الزواج فيه نوع من القيود والتسلط الذكوري. ويضيف أن البحث عن الزوج الكامل والمثالي شكلا وجوهرا وماديا وأسريا واجتماعيا وعاطفيا من أسباب العزوف عن الزواج، فإذا وجدن أي نقص في هذه الجوانب يتخلين عن الزواج. ويرى القحطاني أن الزواج المبكر لم يعد مرغوبا لدى الفتيات، فهن يرين أن الأهم بناء الذات والحصول على وظيفة، فأصبحن يتجاوزن الثلاثينات دون ارتباط. ويتابع «أيضا الخوف من الطلاق أو الفشل يغلب على التفاؤل بالنجاح ويخشين التعرض إلى المشكلات والخلافات والخيبات والآلام لهذا يتجنبن الزواج».

جامو فوبيا

يوضح الأخصائي النفسي محمد عبدالعال أن الخوف المرضي من الزواج يأتي بسبب الخشية من الفشل في الحياة الزوجية، فالبعض يلاحظ كثيرا من حالات الطلاق أو المشاكل الزوجية بين المحيطين به، بالتالي يبدأ في التعميم فيفضل العزوبية لاعتقاده أنها هي التي تحميه من مشاكل الزواج. ويضيف أن الشخص المصاب بالخوف من الزواج يعتقد أن شريكه لن يكون على مستوى المسؤولية أو الأخلاق ذاتها لهذا يخشى الارتباط، ويضيف «بعض الأشخاص يمرون بتجارب سلبية في مرحلة الطفولة أو النشأة في ظروف أسرية متوترة بين الوالدين فيترسخ في أذهانهن رفض فكرة تجربة الزواج». ويتحدث عن العلاج فيقول «العلاج يكون معرفيا سلوكيا بحيث ترتبط الفتاة وتتابع حالتها وتشرح مخاوفها مع طبيبها النفسي وقد تحتاج إلى أدوية مضادة للقلق، على أن يؤكد لها طبيبها أن حالات الطلاق لا تعمم وليس بالضرورة أن كل إنسانة تمر بها». يذكر أن الجامو فوبيا أو فوبيا الزواج هي عبارة عن اضطراب نفسي يدفع المصاب به إلى التهرب من الزواج بأي طريقة كانت، وربما يقدم على الارتباط مع إلحاح وضغط المحيطين به، لكنه يحاول الانسحاب بعد ذلك سواء من البداية أو حتى في اللحظات الأخيرة قبل الزفاف.

غياب الأمان

يبين الأخصائي التربوي محمد الزهراني أن هناك أسبابا عدة للخوف من الزواج منها الخشية من تحمل المسؤولية مع الزوج وتربية الأطفال وإدارة البيت، وقد يكون بسبب المرور بتجربة فاشلة للشخص نفسه أو لأحد مقرب منه، وعدم الشعور بالأمان، ويضيف «التعرض للتحرش في الطفولة أو قبل الزواج يسبب كراهية الجنس الآخر، كما أن التعلق بالأسرة يجعل الشخص لا يريد الانفكاك عنها، أيضا عدم إجادة التعامل مع الجنس الآخر وعدم التهيئة النفسية لهذه المرحلة يؤدي إلى رفض الارتباط». ويتابع «هناك أسباب شخصية أخرى مثل التردد في حسم مسألة الاقتران بشريك أو تجربة انفصال للوالدين أو الخوف من العلاقة الجنسية». ويكشف الزهراني عن بعض الأعراض التي تظهر على الشخص الرافض لفكرة الزواج والارتباط مثل الاكتئاب والحزن والتوتر والقلق والأرق، وفي بعض الحالات تحدث تغيرات فسيولوجية للإنسان، حيث يكون أقل تفاعلا مع الآخرين، كما يشعر بتقلب المزاج، وتشتت التفكير. ويستطرد «تزداد فوبيا الزواج وتظهر على شكل أعراض عضوية عندما يقترب موعد الزواج مثل ازدياد ضربات القلب، وضيق في التنفس، الرجفة، تقلصات في البطن، غثيان، ورغبة في البكاء».

العلاج من الخوف

أكدت أخصائية طب الأسرة رنا ياسين أنه «ينطبق على رهاب الزواج ما ينطبق على غيره من أنواع الرهاب، حيث يمكن أن يلجأ الأطباء إلى علاج دوائي لتخفيف حدة الرهاب، وسيرافق العلاج الدوائي متابعة نفسية، لكن من الضرورة تنازل الأشخاص المحيطين بالمريض عن دور المعالج ما لم يكونوا من المختصين، كما يجب أن يقتنع المصاب برهاب الزواج بضرورة التخلص من مخاوفه في البداية وهذا لا يعني ضرورة أن يتزوج». وتشير إلى أنه «بعد أن يتعرض الشخص لتجربة زواج فاشلة تتطور هذه الحالة إلى رهاب من الزواج، والرهاب من الحب قد يكون سببا من أسباب الرهاب من الزواج، كما يعد الخوف من الإنجاب جينوفوبيا (Genophobia) وإن كان رهابا مستقلا سببا للعزوف عن الزواج». وتضيف «ما لا يذكره كثيرون من المختصين هو احتمالية تأثير العوامل الوراثية التي تلعب دورا في الخوف من الزواج، رغم أن هذا التأثير غير مؤكد حتى اليوم، فيذكر ويناقش بخجل».

الجامو فوبيا

فوبيا الزواج هي عبارة عن اضطراب نفسي يدفع المصاب به إلى التهرب من الزواج بأي طريقة كانت، وربما يقدم على الارتباط مع إلحاح وضغط المحيطين به، لكنه يحاول الانسحاب بعد ذلك سواء من البداية أو حتى في اللحظات الأخيرة قبل الزفاف.

أعراض تظهر على رافضات الزواج

الأعراض النفسية

الأعراض العضوية

الاكتئاب

التوتر

القلق

الأرق قبل الزفاف

تقلب المزاج

تشتت التفكير

الغثيان

المغص

الغثيان

ازدياد ضربات القلب

الرجفة

ضيق في التنفس