اكتسحت تطبيقات توصيل الطعام وما يسمى بـ «الديلفري» السوق التجاري بسرعة عالية، ساعدها في ذلك الإجراءات التي فرضتها الجائحة العالمية covid-19؛ من حجر منزلي، وتباعد، ومنع تقديم الطعام داخل المطاعم أو الجلوس فيها، والخوف من الاختلاط وتلقي الفايروس، وغيرها من الإجراءات التي اعتاد معها الناس على الوضع والطلب عن طريق تطبيقات، وبحسب هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات فإن عدد التطبيقات المسجلة في بداية الأزمة 10 تطبيقات، فيما قفزت خلال الأيام الأولى من جائحة كورونا إلى 26 تطبيقاً لخدمة التوصيل، إلى أن وصلت إلى 32 تطبيقاً مسجلاً بالهيئة، وبلغ عدد مندوبي التوصيل المسجلين في تطبيقات التوصيل إلى أكثر من 1000 سعودي خلال أزمة جائحة كورونا، لترتفع نسبة المندوبين المسجلين إلى أكثر من %500 منذ بداية إجراءات منع التجول في نهاية مارس الماضي. إلى هنا كل الأمور تسير في مجراها الصحيح والمناسب، إلى أن نصل لأسعار مواد تضاعفت أضعافا مضاعفة دون أي وجه حق. معظم المطاعم والمؤسسات الغذائية -إلا ما ندر- بالاشتراك مع التطبيقات استغلت وضع الأزمة وبالغت في رفع أسعار الأصناف المقدمة، عبر تنويع الخيارات وتقسيم مواد الصنف إلى إضافات ودبل الرسوم فيها؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر أحد المطاعم المختصة بالسندوتشات والوجبات الخفيفة، يقدم أحد أنواع ساندوتشات «البيض» لوحده بسعر ثمانية ريالات، ثم تضع خيارات الإضافات لهذا الساندوتش، ولكن بتحديث المسميات لإيهام المستهلك ووضعه أمام الأمر الواقع وزيادة الرسوم الإضافية، فمثلاً هذا الساندوتش تضع تحته خيارات؛ إضافة «الهالبينو» وهو الفلفل الحار المخلل الذي سعر الكيلو منه بريالين فقط، وإضافة حبة أو نصفها في الساندوتش بسعر ثلاثة ريالات، كذلك هناك خيار آخر وهو الساور كريم، والقصد هنا «القشطة الحامضة» بمعنى أن ملعقة من القشطة الحامضة تساوي 3 ريالات وهي سعرها كاملة 200ml بـ 5 ريالات، أيضاً شرائح «الزيتون» إضافتها بسعر ثلاثة ريالات، ليكتمل سعر ساندوتش «البيض» هذا بالإضافات إلى 17 ريالا. منذ عرفنا الإفطار وساندوتشات «البيض» تحديداً، وهي لا تتجاوز ريالين ثم زادت ثلاثة بكامل إضافاتها. ثم جاء هؤلاء وأضافوا لها بعض الورقيات والحوامض فأصابوها بالتضخم. مهما كانت تلك الإضافات ومهما أطلقوا عليها من مسميات، لا يعطيهم هذا الحق بمضاعفة أسعارها عدة مرات واستيفاء أرباحها من كل عميل ومستهلك. وما استطردت فيه هو نموذج لمثال واحد فقط ومصغر أيضاً لجشع التاجر وطمعه في تحقيق أرباحه من مواطن في ذروة غلاء المعيشة، خاصة مع ما خلفته هذه الأزمة الصحية من أزمة اقتصادية كبرى ليس لها مثيل منذ عقود طويلة، إذ صنفها خبراء واقتصاديون أسوأ أزمة حصلت منذ أربعينيات القرن الماضي. ومع تطبيق الحكومة خطتها في تجاوز هذه الضائقة المالية بفرض الضرائب وغيرها من الإجراءات، السؤال هنا، أين حماية المستهلك عن هذه التطبيقات ومراقبتها؟ المستهلك هنا بأشد الحاجة إلى الحماية يا جمعية حماية المستهلك وضرورة مراقبة كل ما يدخل السوق تحت مسمى العرض والاستهلاك. وكل ما أرجوه ألا أسمع من يقول إنها أمر اختياري وليس إجباريا لأن التاجر -غالبيتهم- لا يخاف إلا القانون، وإن تغافل الأخير عن ذلك زاد الوضع سوءاً حتى يصبح الأمر على المستهلك بالإكراه.