بات واضحاً ما سببته جائحة كورونا من تأثير سلبي على عدد من القطاعات الاقتصادية والتجارية في المملكة، بسبب الإغلاق الجزئي، أو الكلي، وما تبع ذلك من تعطل لمعظم سلاسل الإمداد، واختلف التأثير من قطاع لآخر، حسب حجم الضرر والأثر من جراء الجائحة، فهناك قطاعات تعطّلت وتضررت بشكلٍ كبير جداً، وهناك قطاعات أقل تضرراً، ولكنَّ الجميع بالمجمل قد تضرر.

وبشكلٍ عام فقد تسببت الجائحة في انخفاض حاد بالإيرادات وانحسار كبير في التدفق النقدي، وفرضت مجموعة واسعة من التحديات على المدى القصير والطويل، وذلك رغم أن حكومة المملكة أطلقت الكثير من مبادرات الدعم والتحفيز للاقتصاد والتخفيف من تداعيات الجائحة على قطاعات الأعمال المختلفة، لكن الأثر السلبي للجائحة كان عميقاً على كل العالم . كما أنَّ هذا النوع من الدعم لا يمكن أن يعالج كافة الآثار السلبية لجائحة بمثل هذا الحجم، وكذلك لا يمكن أن تستمر أي دولة في تقديم الدعم لفترة طويلة.

وسوف أتناولُ اليوم في هذا المقال الحديث عن أحد أكثر القطاعات تأثراً بتداعيات جائحة كورونا بالمملكة، تجارياً، واقتصادياً، وكذلك اجتماعياً، وهو قطاع العقار، حيث شهدت السوق العقارية المحلية، خلال شهر مايو الماضي، انخفاضاً سنوياً في إجمالي قيمة صفقاتها العقارية ما نسبته 65.4 في المائة، وذلك مقارنة بالشهر نفسه من العام 2019، وهذا يمثل أدنى مستوى لقطاع العقار خلال السنوات الأخيرة، وقد بلغت قيمة الصفقات نحو 4.4 مليارات ريال، مقارنة بـ 12.8 مليار ريال خلال الشهر نفسه من العام الماضي.

هذا الانخفاض الكبير جاء نتيجة للإغلاق الكلي، أو الجزئي للحد من انتشار فيروس كورونا، بجانب ذلك يأتي توجيه وزارة المالية مؤخراً، للجهات الحكومية بعدم تجديد عقود العقارات المستأجرة حالياً إلا بعد خفض أسعار إيجاراتها بنسبة لا تقل عن 20 في المائة، ليمثل ضغطاً في اتجاه أسعار العقارات التجارية، في سوق العقار.

وعلى الرغم من أنَّ السوق العقارية في مرحلة سابقة (قبل عدة سنوات) قد شهدت نمواً كبيراً وتصاعداً في أسعار العقارات غير مبرر من وجهة نظري، ولا يعكس القيمة الحقيقية لأسعار العقارات. ولكن كان هذا اتجاه قد تم انحساره بشكل واضح في هذه المرحلة، وبدأت الأسعار في النزول للوصول إلى قيم للعقارات تكون أكثر منطقية بيعاً وشراء.

وأعتقد أنه من المهم جداً أن ينظر لمعالجة هذا القطاع ؛ لأنَّ الهدفَ هو دفع عجلة الاقتصاد وخلق مزيد من المحفزّات مع إيجاد آلية لمنع أي زيادات غير مبررة في قيم العقارات. كما يجب مراعاة ومحاصرة بعض الطرق غير الصحية للتخفيف من قيمة المدفوع في سعر العقار من خلال الاتفاق على تسويات جانبية خارج إطار المسجل فعلا ؛ مما يخلق عدم شفافية وكذلك عدم واقعية لسعر هذه العقارات. وهذه ظاهرة غير صحيّة .

ختاماً: نأملُ أن تنظر الجهات الحكومية المختصة وتقوم بإعادة النظر في تحسين سوق العقار . ويمكن أن يأتي ذلك من خلال تقديم المزيد من الدعم للمشترين الأفراد، أو إيجاد آليات أخرى (نظام الشرائح لحجم مبالغ صفقات العقار) تحقق المصلحة والمنفعة المشتركة للجميع؛ فالعقار لدينا سلعة ليست كباقي السلع!