عرف تاريخي وإداري منذ آلاف السنين يتمثل بتدوير القادة والمسؤولين في الحروب والأزمات، خصوصا إذا استمرت لسنوات.

فوائد تجديد الدماء في الإدارة كبيرة، منها زيادة الإنتاجية، التحفيز، الأفكار الجديدة الخلاقة، زيادة التواصل بين الفريق، إعادة التحليل للملفات للوصول لنتائج أسرع، تقليل الضغوط وصناعة قادة ومسؤولين جدد.

هذا جزء بسيط من فوائد تجديد الدماء وتدويرها، طبعا هذا لا يعني أن السابقين لم يبذلوا جهدهم ولم يقوموا بعمل ممتاز، ولكن هذه طبيعة الحياة والإدارة وهي التجديد، خصوصا إذا عمل الشخص لسنوات في نفس الملف فمهما كانت طاقته وحماسه فإنه سيشعر بنوع من الإجهاد والاستهلاك، خصوصا إذا كان الموضوع معقدا ومتشابكا ويحتاج طاقة مستمرة لسنوات.

ملف الأزمة اليمنية متشابك وفيه تعقيدات كثيرة، وهذا المقال مبني جزئيا على مقال سابق كتبناه سابقا بعنوان (اليمن لنتكلم بصراحة!)، ولا شك أن جزءا كبيرا من المشكلة يقع على اليمنيين أنفسهم، ولا أعني الحوثيين، فالحوثيون باعوا أنفسهم منذ زمن للنظام الإيراني وأصبحوا عبيدا ومطايا لديه، لكن أعني يمنيي الفنادق وأيضا المستفيدين من الوضع الحالي ، والطامعين في الكعكة، وأيضا العوائل اليمنية التي تمارس إستراتيجية الثنائي، وأيضا تجار الحروب وموظفي الأمم المتحدة المستفيدين، هذا غير الدول الأخرى التي تريد إطالة أمد الأزمة للابتزاز، والتهريب بأنواعه الذي يطيل الأزمة.

لقراءة وضع اليمن في المقال السابق (هنا)

لكن مقال اليوم يتكلم عن تجديد الدماء في الأزمة اليمنية من جميع الجهات، لا شك أن الإنسان يفخر بتضحيات ودماء وشجاعة الجندي السعودي، وكما كررناها ونكررها مراراً لا أحد أثبت وطنيته وولاءه كما فعل الجندي السعودي وهو يستحق منا قمة التقدير، بل مهما قلنا عنه فإننا لن نعطيه جزءا من حقه، وكما هو معروف أن هناك تدويرا للقوات في الحد الجنوبي مع إصرار البعض من جنودنا البواسل على البقاء في ساحة الشرف، وهذه إستراتيجية عسكرية متعارف عليها تاريخيا، ولكننا نتكلم عن الشق الآخر من بعض المسؤولين، ربما أيضا حان الوقت أيضا لتدوير بعض المسؤولين المدنيين والأمنيين الآخرين ممن أدوا ما عليهم وخدموا بلادهم مشكورين، لكن التجديد له فوائد كبرى كما ذكرنا، وربما النتائج تكون أسرع وأفضل خصوصا ببث الحيوية في مفاصل خلايا الأزمة، وهذا أيضا يشمل الجهات اليمنية، إن صنع جيل من مسؤولين وسياسيين ودبلوماسيين وأمنيين واستخباراتيين ومسؤولي دعم سعوديين من رحم الأزمة قد يكون أحد فوائد الأزمات، فالأزمات مدارس بحلوها ومرها.

نعتقد أن أفضل إستراتيجية للإسراع بحل الأزمة اليمنية هي إستراتيجية العطاء بناء على الأداء، وكذلك وضع (كي بي أي) أو مؤشرات الأداء الرئيسة، وقياس موشرات الأداء باستمرار، ومن باب العلم حتى (كي بي أي) أو المؤشرات التي نستخدمها في الإدارة والتجارة والأمور المدنية كانت في أوائل استخداماتها عسكرية، عن طريق وزير الدفاع الأمريكي روبرت سترنغ ماكنمارا.

إن العطاء والدعم بناء على الأداء شيء مهم جدا، لا يعقل أن يعطى لواء يمني مثلاً لم يحرر شبرا من الأرض مثل لواء يؤدي أدوارا بطولية، ويحرر أراضي بشكل يومي، من الأفضل ألا نصنع لوردات وتجار حروب يستفيدوون من إطالة الأزمة ويأتيهم الدعم وهم جالسون، هذا خلاف الذين يختلقون الخلافات بين بعضهم بعضا حتى يحصلوا على بعض الفوائد الشخصية من التحالف بدل تركيزهم على عدوهم الأكبر عميل الفرس الحوثي! السعودية في اليمن لمساعدة الشعب اليمني والحكومة اليمنية لكن إن كان البعض لا يريد أن يتعاون فهذه مشكلته، يقول المثل (تستطيع جلب الحصان إلى النهر ولكنك لا تستطيع أن تجعله يشرب)، وقوات التحالف دعمت اليمن بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فيجب أن يقدروا هذا الدعم بدل الخلافات فيما بينهم!.

وجود قائد جديد للقوات المشتركة ربما يكون فرصة أيضا للتغيير والتجديد في المناصب الأخرى السعودية واليمنية، فتجديد الفريق في كل المفاصل له فوائده عادة على كل الأصعدة، على الرغم من أن البعض قد يتخوف من أن التغيير قد يسبب بعض التأخير وسوء الفهم بين القطاعات، لأن الفريق القديم يعرف تفاصيل الملفات، لكن هذا شيء مستبعد، لأننا إن وضعنا ذلك في الحسبان فإنه لن يكون هناك تغيير في العالم، كما أن التغيير لا يسبب مشاكل خصوصا مع وجود عملية تسليم واستلام ذات كفاءة والأهم أن القيادة السياسية العليا ثابتة وعلى اطلاع تام فالتغيير في المسؤولين المباشرين لن يؤثر سلبياً على إتمام المهمة.

قلناها سابقا ونعيدها مراراً وتكراراً، إن من أهم وأحكم القرارات التي اتخذتها السعودية التدخل في اليمن، ولو عاد الزمن لبقيت على نفس الإصرار على ذلك، لا نريد عدوا فارسيا يتربص على حدودنا الجنوبية.

السعودية تملك رؤية جبارة بقيادة الأمير محمد بن سلمان، ونحن نسعى لقيادة الشرق الأوسط للمستقبل ولعنان السماء والرفاهية والتقدم، ولا يوجد تقدم اقتصادي ورفاهية دون أمن واستقرار، لذلك اكتمال المهمة في اليمن ضرورة ملحة، واستئصال الحوثي الإيراني مهمة سامية لاستقرار المنطقة.