على الرغم من التنوع الشديد في محاصيلها، إلا أن الزراعة في منطقة عسير، ما زالت تعاني انحصار تسويقها في النطاق المحلي الضيق، محاولة ولكن على استحياء كسر هذا الطوق، والانفتاح عبر تصدير مواسمها خارج حدود منطقتها لتصل إلى بقية المناطق، وحتى إلى خارج المملكة.

ويقر مدير مكتب فرع وزارة الزراعة والبيئة والمياه في المنطقة المهندس عبدالله الويمني بتميز عسير بمحاصيلها الزراعية المتنوعة، ويعدد منها الفواكه الموسمية المتساقطة الأوراق كالرمان والعنب والخوخ والمشمش والبخارى والموز والمانجا والباباي في تهامة، وكذلك منتجات مزارع الخضار بأنواعها سواء المحمية أو المنتجة بالزراعة المكشوفة، وكذلك منتج الفراولة الذي أثبتت المنطقة مناسبة بيئتها له، ومنتجات المحاصيل الحقلية مثل القمح (البر) والذرة الرفيعة والسمسم والشعير والعدس والتمور، لكنه مع ذلك يستبعد إمكانية تصدير تلك المحاصيل، ويقول «تصدير هذه المحاصيل إلى بقية المناطق، وخارج المملكة غير ممكن في الوقت الحالي لعدة أسباب، ربما باستثناء التمور التي تتمتع بإمكانية تصدير عالية للمناطق وللخارج».

ويضيف «ربما أهم أسباب عدم قابلية التصدير هي قلة المنتوج الزراعي، وذلك يعود لعوامل عدة، يمكن اختصار أهمها في هجرة بعض المزارعين لمزارعهم، وغياب الجمعيات التعاونية الفاعلة في دعم العملية الإنتاجية، وكذلك شح المياه، ناهيك عن الأسباب الفنية الأخرى مثل ضعف خدمات الإرشاد والدعم الفني للمزارعين وعدم السيطرة على الآفات الزراعية، إلى جانب شح الموارد الطبيعية اللازمة لإنتاج زراعي وفير».

مبادرات دعم

يؤكد رئيس رابطة عسير الخضراء، المهندس خالد الشهري، أن «هناك مبادرات وطنية طموحة لدعم الزراعة الريفية والمزارعين من أجل تنمية مستدامة تهدف إلى تفعيل الاستفادة من الزراعة بالدرجة التي تحقق أهدافها على أرض الواقع، وتفعيل تلك المبادرات فعليا في المنطقة من شأنه إحداث نقلة نوعية تنموية وتحول واضح وداعم مباشر للسكان المحليين في الريف الجنوبي، كما تشتمل كذلك على التوعية والتثقيف المكثفين للمزارعين والبيئيين، وهذا مطلب مهم».

وعدّد الشهري مبادرات عدة، ومنها «مبادرة التنمية الريفية المستدامة، ومبادرة التعزيز للتنمية الريفية المستدامة، ومبادرة دعم زراعة المدرجات وحصاد المياه»، مشيراً إلى أن هذه المبادرات الثلاثة تعد دعما للمزارعين، وليست قروضا محددة بزمن، لكنه شدد على أن كثيرا من المزارعين والريفيين لا علم لهم بها.

ورأى ضرورة التوسع في استحداث الجمعيات الزراعية المتخصصة ودعمها لكونها الأنسب في تفعيل الجانبين الزراعي والبيئي بحكم الطبيعة الخاصة بالمنطقة، موضحاً «من الصعب، ومن غير المجدي جلب شركات كبرى للاستثمار في حيازات زراعية محدودة وخاصة «مملوكة»، وبالتالي علينا العمل على دعم وتفعيل التسويق الزراعي والبيئي والسياحة الزراعية بالمنطقة». وبيّن أن منطقة عسير مناسبة لزراعة كثير من الأشجار المثمرة مما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي بل ويفعّل من جانب الأمن التنموي ويزيد من الاكتفاء الذاتي فيها، ويمّكن لاحقا من التصدير خارجها، وقال «من أهم الأشجار الزراعية في المنطقة النخيل الذي يزرع في محافظة بيشة وتوابعها، وكذلك الزيتون والتفاح في محافظات سراة عسير، والتين بنوعيه الحماط والذي يناسب أغلب المنطقة والشوكي وكذلك الرمان واللوز والفراولة الذي يناسب سراة عسير، كما يمكن زراعة الموز في قطاع تهامة والأصدار، والعنب وهو مناسب لأغلب المحافظات، والبن الذي يزرع في الأصدار وجبال تربان وبركوك، أما السدر وخاصة العبري الذي يتواجد بتهامة وبيشة والخوخ والمشمش والبخارة التي تزرع في سراة عسير، والجوافة والحمضيات التي تمتاز بها أغلب محافظات المنطقة».

وشدد الشهري على أن شح الأشجار في المنطقة أمر معروف، فالأنواع الـ16 التي سبق ذكرها لا تزال شحيحة، حيث يمتلك المزارعون عددا قليلا منها، وهو عدد لا يؤهلها للتصدير، ربما باستثناء النخيل إلى حد ما.

تحديات السوق

يوضح عبدالعليم العبدلي وهو مشرف مزرعة، أن زراعة المنطقة تواجه تحديات عدة، منها جانب يتعلق بتحديات التسويق، ويقول «يواجه المنتج المحلي تحديات تسويقية صعبة للغاية فهو لا يجد الإقبال مثل المنتج المستورد أو ذاك القادم من خارج المنطقة، كما أن احتكار فئة محددة، وهم العمالة الوافدة، للسوق، وتحكمهم بالأسعار لدرجة أن سعر المنتج الزراعي لا يغطي حتى الكلفة التشغيلية، وكذلك عدم وجود جهاز رقابي داخل حلقات سوق الخضار يتابع سيرها باستمرار، ألقى بظلاله القاتمة على زراعة المنطقة، وضيّق فرص إنتاجها، وبالتالي تصديرها إلى خارج حدودها، أو خارج حدود الوطن». وأضاف «تعاني زراعة المنطقة كذلك من مشاكل عدة ليس للمزارع ولا السوق يد فيها، منها أولاً شح المياه الصالحة للزراعة في المنطقة، وثانيا طبيعة الأرض ومشاكل ارتفاع الملوحة والأحماض فيها». ورأى أن التخلص من التحديات التسويقية وارد ومتاح، ويمكن أن يجعل المحاصيل قابلة للتصدير إذا ما فعّلت مبادرات الزراعة التي باتت تتطور في الآونة الأخيرة، وإذا ما تم دعم المزارع بشكل كبير ومباشر.

غياب المستثمرين

يشير ظافر وهو صاحب مزرعة في محافظة تهامة، إلى أن زراعة المنطقة تحتاج المستثمر، ولو توفر فيمكنها حينئذ التحول إلى التصدير، ويقول «المزارع متوفرة في المنطقة، ووجود مستثمر داعم لها سيمكنها من التصدير، فمحاصيلها من أجود ما تنتجه المناطق الزراعية، وعلى الأخص فيما يتعلق بمنتجات الدخن والذرة والسمسم والمانجا والموز والعبري والبطيخ وكل أنواع البقوليات».

من جهته، يقول ظافر علي الشهري - صاحب مزرعة - من محافظة النماص، إن أبرز مشكلات الزراعة في المنطقة غياب الدعم والافتقاد إلى الإرشاد، وقال إذا ما توفر هذان العاملان فإن كثيراً من المزارع في المنطقة يمكنها تسويق محاصيلها خارج المنطقة.

برنامج التنمية الزراعية المستدامة

2018 ـ 2025 مدة البرنامج

12 مليار ريال كلفته الإجمالية

8.750 مليارات خصصت للبرنامج بأمر سام

3 مليارات من صندوق التنمية الزراعية

قطاعات يستهدفها البرنامج

* تطوير وإنتاج وتصنيع وتسويق «البن العربي»

زيادة الإنتاج من 800 طن سنوياً إلى 7 آلاف طن سنوياً بنهاية 2025

* تطوير تربية النحل وإنتاج العسل

رفع الإنتاج من 2.100 طن سنوياً إلى 7.500 طن سنوياً

إيقاف استيراد 698 طردا من العسل بنهاية 2025

* تنمية قطاع زراعة وتجارة الورد

زيادة الإنتاج إلى أكثر من ملياري وردة سنوياً بنهاية 2025

* تطوير وإنتاج وتصنيع وتسويق الفواكه (الرمان، التين، العنب)

* تعزيز قدرات صغار الصيادين ومستزرعي الأسماك

زيادة الإنتاج من 108 آلاف طن سنوياً إلى 170 ألف طن بنهاية 2025

* تطوير قطاع صغار مربي الماشية

* تطوير زراعة المحاصيل البعلية (الذرة الرفيعة، السمسم، والدخن)

* تطوير القيمة المضافة من الحيازات الصغيرة والأنشطة الريفية الزراعية التقليدية