من المعلوم من الدين بالضرورة أن ولاية أمور الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها.

ولهذا كان من منصوص اعتقاد أهل السنة والجماعة قولهم: لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمعٍ وطاعة.

ولكون بلادنا المملكة العربية السعودية، تقوم على العقيدة الإسلامية، فإن بيعتنا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله عمره على طاعته هي بيعة شرعية، نعتقدها كما نعتقد شرائع الإسلام الأخرى، كالصلاة والصوم وسائر العبادات، فكلها وردت فيها النصوص الشرعية الثابتة، ولذلك فإننا نعتقد بيعته حفظه الله، ولا ننزع يداً من طاعته، ونرى طاعته بالمعروف من طاعة الله تعالى، ونعامله بالصدق والإخلاص والأمانة، لأن هذا هو مقتضى البيعة الشرعية، ونحذر من الغش والخيانة أو الطعن في الولاية، أو التهييج والإثارة، لأن ذلك يتنافى مع البيعة لولي الأمر.

إن الواجب الشرعي على الرعِّية أن يكونوا مصطفين خلف ولي أمرهم، يدعون له بالتوفيق والإعانة، فهو يسهر لراحتهم، ويدفع عنهم الأعداء، ويجلب لهم الخير والنماء، فقوته وصحته وتفكيره كله في خدمة الوطن والمواطن، فكان لزاماً على الرعية أن يعينوه في العسر واليسر، والمنشط والمكره، ولو خاض بهم البحر نصرةً للدين، ودفاعاً عن الوطن، لخاضوه معه ما تخلف منهم رجل واحد.

إن شأن البيعة لولي الأمر عظيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من خلع يداً من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية» رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم...وذكر منهم: ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف» رواه البخاري.

ومن مقتضيات البيعة أن الإنسان لو رأى من ولي الأمر ما يكرهه، فإنه ليس له منازعته أو التهييج عليه، لأن ذلك خروج عن الجماعة، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: «مَن رَأَى من أمِيرِهِ شيئًا يَكْرَهُهُ فلْيَصْبِرْ عليه، فإِنَّهُ ليس أحدٌ يُفارِقُ الجَماعةَ شِبْرًا فيَموتُ، إِلَّا ماتَ مِيتةً جَاهِلِيَّة» رواه البخاري، فلاحظ كيف جعل عدم الصبر على ما يكره من ولي الأمر، ومنازعته أو التهييج عليه، سبباً للخروج عن الجماعة، وأن من فعل ذلك مات ميتة جاهلية.

كما أن من مقتضيات البيعة الحذر من الغدر والخيانة، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبيَّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- يقول: «يُنصب لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة، يُقال هذه غدرة فلان» رواه البخاري ومسلم، فنعوذ بالله من الخيانة فإنها بئست البطانة، ونسأل الله الصدق والإخلاص والأمانة، فإنها نعمت البطانة.

فما أسعدنا بهذه العقيدة الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة، فهي سبب للأمن والسكينة، والسمع والطاعة، والتآلف بين الراعي والرعية، وهي مُنجية من الفتن والخروج على ولاة الأمور وشق عصا الطاعة، وما أجدرنا بأن نتمسك بهذه العقيدة الإسلامية، ونعض عليها بالنواجذ، ولا نلتفت للذين يُزهِّدون الناس بها، ويُقلِّلون من شأنها، لأنهم بذلك يريدون اقتلاع الأساس، الذي تكون بموجبه البيعة والسمع والطاعة لولاة الأمور، وهو العقيدة.

حفظ الله ولي أمرنا الملك سلمان وأدام عليه الصحة والعافية، وشدّ عضده بولى عهده الأمير محمد بن سلمان، وأدام توفيقهما إلى الخير.