سأبدأ مقالتي اليوم بذكر هذا الموقف: بعد الأخبار التي أعلنتها وزارة الإسكان عن الدعم العقاري زرت موقعا سكنيا في حي الغدير بالرياض، للاطلاع عن قرب على المشاريع السكنية التي تقدمها الوزارة للشباب والمحتاجين للدعم السكني، وأثناء مقابلة المستشار العقاري سألته: لو عندي رغبة في شراء كذا وحدة سكنية في هذه المشاريع (لمساحاتها الصغيرة)، بهدف استثمارها مستقبلاً

ما هي الطريقة المناسبة لذلك؟ وبعد طلبه لإثباتي تابع بياناتي في الشاشة وقال: آسف لا تستطيعين ذلك لأن زوجك لا يستحق الدعم العقاري!

فأجبته: أنا من يرغب الشراء وليس زوجي! فأجاب: لأنك متزوجة وزوجك لا يستحق الدعم أعتذر عن دراسة طلبك!.

قلت حتى لو أنا متقاعدة ؟ فأجاب: نعم ؟! هنا استرجعت جميع الأخبار الجميلة التي تناولت مؤخراً تمكين المرأة السعودية من تملك العقار، وبأن عدد المستفيدات من القروض العقارية التي يُقدمها صندوق التنمية العقارية أكثر من 73 ألف امرأة سعودية، وذلك ضمن جهود الصندوق لمواصلة تمكين المرأة السعودية لتملك المسكن الأول، وقد أشار حينها «المشرف العام على صندوق التنمية العقارية منصور بن ماضي» إلى أن إجمالي عدد المستفيدات من القروض العقارية والبرامج والمبادرات مقروناً بشروط برنامج القرض العقاري المدعوم للاستفادة من مزاياه تحقيقاً لأهداف برنامج الإسكان - أحد برامج رؤية 2030 - والمتضمن رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن إلى 60% نهاية 2020 و 70% نهاية 2030. ولكن هذه الشريحة لم تستفد من تملك العقار إلا بعد ما حققت بعض الشروط الواردة على موقع الصندوق العقاري ومنها: لا يشترط أنها تكون معيلة لأسرتها ولا أن تكون متزوجة، ولديها القدرة المالية على السداد «أي وجود دخل ثابت لها لا يقل عن خمسة آلاف ريال سعودي». وبعض هذه الشروط من حق الصندوق لضمان السداد، لكن ما زال تمكين ودعم المرأة لتملك العقار ناقصاً، ولا أعتبره مُنصفاً لشريحة النساء مثلاً «المتقاعدات المتزوجات» اللاتي يرغبن في الدعم العقاري المموّل من الصندوق وبالتعاون مع المؤسسة العامة للتقاعد، حيث إن المتقاعدة لا تحصل على الدعم العقاري إذا كانت متزوجة من زوج لا يستحق الدعم العقاري (وكأن حالهم يقول المطلقات والأرامل أولى)! وعلى الرغم من أن هناك أيضاً اتفاقية مشتركة بين وزارة الإسكان والصندوق العقاري والمؤسسة العامة للتقاعد وشركة دار التمليك، والتي تهدف لدعم موظفي الدولة المتقاعدين من المدنيين والعسكريين، إلا أن هذه الاتفاقية لا تستطيع كذلك دعم المتقاعدة عندما ترغب في تملك العقار المشروط بالدفع المباشر دون شيكات، فالكثير من السعوديات المتقاعدات يقف شرط (عدم استحقاق الزوج الدعم العقاري) أمام تمكينهن العقاري. وأرى أن الوعود التي يرددها صندوق التنمية العقارية وبرنامج سكني في كل محفل عن تمكين المرأة السعودية عقارياً، لا تعتبر إنجازاً يواكب أهداف الرؤية، خاصة إذا كان عدد السعوديين 20.408.362 نسمة ونسبة السعوديات 49.06% ما يشير إلى أن هناك شريحة كبيرة من السيدات تعيقهن تلك الشروط من الدعم والتملك والاستثمار العقاري!