ظلت كثير من الأوساط السياسية والحقوقية في اليمن تترقب صدور قرار أمريكي بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، بعد أن تم تصنيفهم جماعة تشكل «قلقًا خاصًا» بالنسبة لواشنطن.

وقد ظلت عدد من الدوائر السياسية والتشريعية والاستخباراتية تتدارس مثل هذا القرار في السنوات الأخيرة، مع تزايد استهداف الحوثيين خطوط الملاحة البحرية والمنشآت الاقتصادية الحيوية بالألغام البحرية والقوارب المفخخة، وكذا استهداف الأعيان والمنشآت المدنية في اليمن والمملكة العربية السعودية، ناهيك عن ارتباط الحوثيين العضوي بالحرس الثوري الإيراني المصنف منظمة إرهابية في واشنطن.

كل ذلك يضاف إلى زعزعة الحوثيين لاستقرار المنطقة، وتعطيلهم لأي محاولة للحلول السياسية في اليمن، الأمر الذي رأى فيه مراقبون مبررًا كافيًا لوضع الحوثيين على قائمة الإرهاب الأمريكية.

القرار لاقى ترحيبًا لدى الحكومة اليمنية وقطاعات واسعة من اليمنيين الذين جلب لهم الحوثي كوارث الحروب والنزوح واللجوء.

وهنا ينبغي الإشارة إلى ضرورة ألا يفرغ القرار الأمريكي - بتصنيف الحوثي جماعة إرهابية- من محتواه، أو أن يتم تطبيقه بصورة لا تضر بالحوثيين وتضر بالمواطن اليمني الواقع تحت سيطرته.

كما تجدر الإشارة إلى أن قرار التصنيف يقتضي العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية في مدينة عدن من موانئ ومطار وطرقات وخدمات، وكذا تأهيل موانئ ومطارات المناطق المحررة لاستقبال حركة البضائع والمعونات والمسافرين، حيث من المتوقع أن تتخوف كثير من المنظمات والشركات والأفراد من تبعات التعامل مع الحوثيين، وهذا قد يؤثر على تدفق المعونات والبضائع على مناطق سيطرتهم، مما قد يؤثر بالسلب على حياة الناس في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.

تفعيل حركة الموانئ والمطارات في مناطق الشرعية أصبح ضرورة وطنية ينبغي أن تتم في أقرب وقت ممكن بالتنسيق مع التحالف والشركاء الدوليين، لمواجهة أي نتائج قد تنعكس - سلباً - على أسعار السلع في صنعاء وغيرها.

معظم الشركات العاملة في اليمن لها علاقة بشركات أمريكية بشكل أو بآخر، وستتخوف الشركات العاملة من طائلة العقوبات الأمريكية حال تعاملها مع الحوثيين، ولذا يجب أن توفر الحكومة اليمنية البدائل المناسبة.

كما ينبغي على الحكومة أن تضمن عدم تأثر التحويلات المالية لليمن، حيث يعتمد كثير من اليمنيين على تحويلات المغتربين، ويفترض ألا تتأثر تلك التحويلات، كي لا يتم المساس بجانب مهم من معيشة الناس.

لا يجب أن يمس الناس الضرر بسبب تصرفات الحوثي، الناس في مناطق سيطرته مغلوب على أمرهم، وينبغي ألا تنالهم تبعات تصنيفه جماعة إرهابية.

المستهدفون بالقرار هي شبكة كبيرة من شركات الحوثيين التجارية التي تعمل بلافتات وأسماء مختلفة داخل وخارج البلاد.

هناك أذرع كثيرة للحوثيين ساعد على بنائها الحرس الثوري الإيراني داخل وخارج اليمن، هذه الأذرع الاقتصادية والسياسية هي من يجب أن تدفع الثمن وأن تنال منها نتائج قرار التصنيف.

التعامل بقدر من المسؤولية مع قرار التصنيف ضروري ويتطلب مجموعة من الإجراءات، لضمان أن يمس القرار البنية الاقتصادية الضخمة التي تساعد الحوثيين في حروبهم وصراعاتهم التي لا تنتهي من أجل السلطة والثروة.

قلت وما زلت أقول إن الحوثي أكبر كارثة مرت على اليمنيين في تاريخهم المعاصر، فهو من جلب الحرب وهو أكثر من استفاد منها، وهو من فجر الصراعات المناطقية والطائفية ووظف النبي والآل والدين لمصالحه السياسية ورغباته في السلطة والثروة، فأساء للرموز الإسلامية في استثمارات قياداته، وهو من تسبب بالمعاناة الإنسانية الناتجة عن سلاسل الحروب التي فجرها، وهو من «سرق الطعام من أفواه الجياع»، وهو من تسبب بتصنيفه إرهابياً، حيث يجب ألا يتضرر الناس من التصنيف، وأن تنحصر الآثار على موارد الحوثيين التي تمول حروبهم الداخلية والخارجية.

أخيرًا:

خطف الحوثي المدنيين، وسجنهم بمواقع عسكرية تعرضت للقصف، وقتل السجناء، وفجر المنازل ودور العبادة، استهدف المدنيين بالقصف، خزن الأسلحة في الأحياء السكنية، واستهدف المطارات المدنية بالصواريخ البالستية، زرع الألغام البرية والبحرية، وحول اليمن إلى حقل لتجارب سلاح إيران.. لم تبق جريمة لم يرتكبها.

فهو جماعة إرهابية بامتياز، وكل ما في الأمر هو أنه يجب التفريق بين الحوثي وضحاياه المدنيين في مناطق سيطرته.