يستجيب كثيرون لنداء رجاء خافت يطلقه حيوان متهالك ملقى على قارعة طريق، يعاني الجوع أو الإصابة، فيبادرون إلى العناية به ورعايته، لكن قلة نجحوا في تحويل تصرفهم الفردي هذا إلى سلوك جماعي، ومبادرتهم الخاصة إلى جمعية رسمية تقدم الرعاية للحيوانات وتعتني بها.

تلخص مياسر بندقجي، في حديثها لـ«الوطن»، هذه القصة، مبتدأة بتأكيد أنها نمت على حب الحيوانات والاهتمام بها منذ صغرها، ومشيرة إلى أن تلك العناية كانت تلفت أنظار الآخرين، حتى إن أحدهم قال لها: «اهتمي بأمور أخرى، فوجود الحيوانات في الشوارع أمر طبيعي». قادت «بندقجي» حملة لرعاية الحيوانات فيما يصطلح عليه بمفهوم «التبني»، وتقول: «بدأت فكرة الحملة التطوعية فعليا عندما ضاع أحد الكلاب التي كنت أقتنيها، فتواصلت مع حسابات مهتمة بالحيوانات عن طريق face book، ووجدت في هذه الحسابات حيوانات معروضة للتبني، فأصبحت أعرض هذه الحيوانات - التي غالبا ما يكون أصحابها قد عزموا التخلي عنها أو يرغبون في السفر - للتبني عبر جروبات الـwhatsapp». وتضيف: «كانت الفكرة مستنكرة في البداية من قبل البعض، لكن مع الوقت بدأت تجد الإقبال والتفهم للمقصود من مصطلح التبني».

سلوك إيجابي

توضح «بندقجي»: «لا يحبذ كثيرون فكرة العناية بالحيوانات الأليفة في المنزل، ويرون أن الأسرة مكتفية بمسؤولية أبنائها، ولا تريد حملا آخر على عاتقها».

وتضيف: «كثيرون باتوا اليوم أكثر وعيا بأهمية الحيوان، وتوجد دراسات تؤكد أن لتربية الحيوانات الأليفة في المنزل أثرا إيجابيا على سلوك الطفل».

نشرت الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين (AACAP) تقريرا جاء فيه «تسهم تربية ورعاية الحيوانات الأليفة في زيادة المشاعر الإيجابية لدى الأطفال الذين تتم تربيتهم معها، فهي تعزز احترام الطفل ذاته، وتزيد ثقته بنفسه. كما أنها تطور علاقات الثقة مع الآخرين، ويمكن أن تساعد العلاقة الجيدة مع حيوان أليف أيضا في تطوير التواصل غير اللفظي والرحمة والتعاطف لدى الطفل. كما يمكن أن تخدم الحيوانات الأليفة أغراضا مختلفة للأطفال، منها المساعدة في تطوير سلوكهم، ومساعدتهم في اختبار مشاعر جديدة مثل تجربة شعور الخسارة أو الفقد إذا ضاع حيوان أليف أو مات».

جمعية رسمية

توضح «بندقجي» أن الحملة التطوعية التي أطلقتها لرعاية الحيوانات تطورت، وتم استئجار مقر ليكون ملجأ لاستقبال الحيوانات، وإذا كانت الحيوانات مريضة فتتم معالجتها في إحدى العيادات البيطرية.

وتقول: «نتحمل نفقة علاج الحيوانات، ومن ثم نعرضها للتبني. كما أن البعض يأتي بالحيوان ويطلب عرضه للتبني».

وتضيف: تحول الملجأ حاليا إلى جمعية رسمية، وخلال الفترة المقبلة سيتم الانتقال من مقره الحالي إلى المقر الرئيس للجمعية التي أسميناها (تعايش معي).

الإنقاذ والتبني

يوضح مدير لجنة المبادرات في جمعية «رحمة للرفق بالحيوان»، طويرش الطويرش، أن بداية فكرة إطلاق الجمعية كانت بتعاون عشرة أشخاص من محبي الحيوانات الذين كانت لديهم خبرات وتجارب كافية، فقرروا إنشاء جمعية «رحمة»، التى كان أحد أسباب إنشائها أن عمليات إنقاذ الحيوانات وعمليات تبنيها كانت موجودة، لكنها تتم بصورة عشوائية وغير منظمة.

ويشير إلى أن «إنشاء الجمعية جاء للحد من عمليات الاستغلال المالية التي يقوم بها البعض، حيث تتم المتاجرة بالحيوانات التي يجمعونها حسب ما يرونه مرغوبا أكثر من الناس، فيمنح بعض الأشخاص حيواناتهم لشخص ما بحسن نية دون أن يدروا أن هذا الشخص سيبيعها بمبالغ كبيرة جدا».

وحول مسألة تعنيف الحيوانات التي يمارسها بعضهم أحيانا، يقول «الطويرش»: «هذه من أهم التحديات التي سعت الجمعية إلى حلها، حيث راجعنا وزارة البيئة والمياه والزراعة، وتم إبرام مذكرة تفاهم معها، تحتوي على 13 بندا، من ضمنها «البلاغات»، حيث تبلغ الجمعية الوزارة عند وجود مقاطع لتعنيف الحيوانات، ومن ثم نحاول نشر العقوبات بقدر المستطاع، كي تكون سببا في ردع المعنفين».

إثبات ملكية

تبين الجهني أن من ضمن شروط الملجأ للتبني، وقبل تسليم الحيوان المتبنى أن يجري عملية تعقيم الحيوان سواء كانت قطة أو كلبًا، ويعني ذلك إزالة أو تدمير الغدد التناسلية، وهو الأكثر شيوعا لوصف إزالة الخصية لدى الذكور، والتي يطلق عليها طبيا استئصال الخصية لدى الذكور، كما يطلق أيضًا على الاستئصال الجراحي لرحم الإناث وقناتي فالوب والمبيضين خصوصًا للقطط حيث إن تعقيم القطط الإناث قبل دورة الشبق أو الحرارة الأولى يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تقرب من 90 %، كما أن تعقيم القطط الإناث يقضي على فرصتها في الإصابة بسرطان الرحم أو عدوى الرحم، وهو ما يعرف باسم تقيح الرحم، ويوصي عدد من الأطباء البيطريين بتعقيم القطط الإناث بين (5 - 7) أشهر من العمر.

وأصبح تعقيم القطط الإناث الصغيرة شائعًا بشكل متزايد، لا سيما في المجتمعات الكبيرة وملاجئ الحيوانات التي تحاول مكافحة انتشار الحيوانات الأليفة على نطاق واسع.

كما يبادر الملجأ إلى إعطاء الحيوان جميع التطعيمات اللازمة وتركيب شريحة إلكترونية تعريفية تعد بمثابة هوية للحيوانات الأليفة، مثل القطط والكلاب والببغاوات وغيرها، يتم التعرف من خلالها على ما يقتنيه الناس من حيوانات في منازلهم أو مزارعهم، خاصة أنها تتضمن جميع البيانات الخاصة بالحيوان، مثل عمره وفصيلته والتطعيمات التي أجريت له واسم مالكه، فبمجرد أن يقوم القارئ الآلي بإظهار الأرقام الخمسة عشر، يتمكن المختص من إدخال هذه الأرقام إلى الحاسوب الذي يوضح بيانات الحيوان.

تكشف الجهني أن القطط أو الكلاب أو الببغاوات تتشابه كثيراً، وعندما يضيع الحيوان بعد فترة، يمكن أن تُنسى معالمه حتى من قبل صاحبه، ولذلك، يستطيع القارئ الآلي أن يثبت لمن تعود ملكية الحيوان، خاصة إذا ادعى شخص آخر ملكيته، وبالتالي، فإن وجود رقم الشريحة مع المالك أو صاحب الحيوان، هي إثبات ملكيته.

وتفيد الجهني أن جمعية«رحمة» تنفق على الحيوانات التي ترعاها من خلال التبرعات التي تصلها من خلال الحساب الرسمي للجمعية، أو من خلال متاجر بيع المأكولات للحيوانات، حيث يقوم المتبرع بالذهاب للمتجر وشراء الأطعمة وغيرها من مستلزمات الحيوانات ويقوم المتجر بتوصيلها للجمعية.

وأفادت أن الجمعية تعمل على إطلاق فعاليات بشكل دوري للأطفال والكبار وكل فئات المجتمع وذلك لنشر الوعي والتثقيف بضرورة وأهمية التبني للحيوانات والاهتمام والإحسان لهم، وأن من نشاطات الجمعية التطوعية العمل على تنظيف البيئة من المخلفات البشرية التي كان لها دور كبير في إلحاق الأذى على الحيوان.

توضح مديرة إدارة الإنقاذ والتبني وإدارة الملاجئ في جمعية «رحمة» شكران الجهني أن الملجأ يعمل على معالجة الحيوانات من مختلف الأمراض والإصابات التي تعرضت لها وتوفير البيئة المناسبة لها داخل الملجأ وتجهيزها وعرضها للتبني لمختلف العائلات الراغبة بتبنيها، مشيرة إلى أن هناك شروطًا يجب الموافقة عليها قبل إجراء عملية التبني وهي:

موافقة جميع أفراد العائلة والمقيمين في المنزل على تبني وتربية الحيوان الذي سيتم تبنيه

إجراء مقابلة شخصية مع الراغبين بالتبني سواء كانوا عائلة أو أفراد.

التوقيع على تعهد يعطي الملجأ الحق في زيارة المنزل ومتابعة حالة الحيوان، واسترداده متى ما رأى المصلحة في ذلك.

التعهد بعدم القيام برمي الحيوان المتبنى أو إهدائه أو التصرف فيه، والالتزام بإعادته إلى الجمعية إذا رغب المتبني بالتخلي عنه

من أهداف الجمعيات

تأمين رعاية الحيوانات

معالجتها ورعايتها

عرضها للتبني

تجنب التبني العشوائي

الإبلاغ عمن يسيئون إليها

طرح مبادرات العناية بها

تجنب التكسب المادي منها واستغلالها