الحفاظ على النفس من الضروريات الخمس، حيث إن من مقاصد الشريعة التي جاء بها الإسلام حفظ الضروريات الخمس: حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال، وقال الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا».

ومن رحمة الله بنا أنه حرم قتل النفس، ودعا ورغب في إحيائها، حيث قال تعالى: «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعا».

ومع بداية «جائحة كورونا» نفذ الجميع توجيهات وزارة الصحة، والتزم بالإجراءات الاحترازية، وربط الأحزمة، فكان الأمر على ما يرام، استعدادا للإقلاع من أجل مواصلة رحلة القضاء على مرض«كورونا». وقد استغرقنا زمنا طويلا في تلك الرحلة، للوصول إلى نقطة النهاية (نهاية المرض)، ولكن بعد الاطمئنان، وبعد أن تنفسنا الصعداء، سمعنا نداء الاستعداد نفسه، لكنه نداء الاستعداد للهبوط بسبب عدم التقيد بالأنظمة، وشممنا روائح الاستهتار والفوضى وعدم الأخذ بالأسباب.

الأمل بزوال المرض شمسه ساطعة تبدد ظلام اليأس، وتنحر التشاؤم، فالله سبحانه هو القادر وحده على زواله، إذا قال للشيء كن فيكون، فنسأله في كل زمان ومكان، فهو مجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، حيث قال سبحانه: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يرشدون».

لكن ليس هناك تعارض بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب، فعن النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال لبعض الوافدين عليه لمن قال: يا رسول الله هل أعقلها أو أتوكل؟ قال: أعقلها وتوكل، أي أعقل الناقة وتوكل على الله.

فحبذا نأخذ بالأسباب وننفذ التوجيهات، ونحتاط بعمل الإجراءات الوقائية، لعل ربط الأحزمة هذه المرة غير كل المرات، استعدادا لرحلة وأد «كورونا» بلا رجعة.