في وقت تشكل المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر نسبة كبيرة من الاستثمارات النسائية في القطاع الخاص فإن أكثر من 70% من الأنشطة التجارية النسائية في المملكة في المشاغل وصالونات التجميل التي تحظى بالدعم والتسهيلات التي تدعم الخيارات الوطنية نحو دور أكبر للمرأة السعودية في الاقتصاد الوطني، ولكن هناك عدة تحديات متجددة تواجه عمل المشاغل في مقدمتها «تاجرات الشنطة» اللاتي راجت بضاعتهن في ظل أزمة كورونا، وتفضل بعض النساء العمل من المنزل بأنفسهن وتداعيات أزمة كورونا.

سوق مليارية

يصل حجم نشاط صالونات التجميل في السعودية إلى نحو 6 مليارات ريال، كما أن قطاع المشاغل ومراكز التجميل النسائية من بين أكثر النشاطات الاقتصادية انتشارا ونموا في المملكة، حيث يشكل نحو 70% من مجمل حجم الأنشطة الاقتصادية النسائية في القطاع الخاص، ويعود ذلك لتنامي الطلب على هذا النوع من الخدمات في جميع مناطق المملكة.

كما أن مراكز ومشاغل التجميل النسائية في المملكة تعتبر من أكثر الاستثمارات جذبا وممارسة للمستثمرة السعودية، حيث يبلغ عدد مراكز وصالونات التجميل ما يقارب 80 ألفا باستثمارات تتجاوز 6 مليارات ريال.

التزامات مالية

في تقرير سابق لـ«الوطن» في 10 أغسطس 2019، حددت سيدات أعمال في قطاع تجميل النساء وتزيين العرائس 9 التزامات مالية، أدت إلى خروج العديد من المشاغل النسائية في جميع مناطق المملكة، من أهمها رسوم البلديات، والكهرباء، والمياه، والمقابل المالي للعمالة، ملتمسات بذات السياق إعادة النظر في بعض تلك الرسوم، التي شهدت تكاليف إضافية مؤخرا، والأخذ بالاعتبار أن منشآت القطاع معظمها منشآت صغيرة ومتناهية الصغر، وقد اضطر كثير من مالكات تلك المشاغل من التحول من سيدات أعمال إلى عاطلات عن العمل.

وأوضح مختصون لـ«الوطن»، أن الكثير من النساء لا يوجد لديهن دخل ثابت، وبالتالي يتجهن إلى مشاريع عدة ومن ضمنها المشاغل النسائية، ولكن اكتشفن مؤخرا وجود التزامات مالية عدة سواء الكهرباء أو المياه أو رسوم المقابل المالي وغيرها، التي تخنق المنشآت الصغيرة وتدفعها لمغادرة السوق.

برنامج حافز

أبان المختصون، أن رسوم العاملات أصبحت 10 أضعاف السعر السابق، وهذا الالتزام يجبر السعوديات مالكات المشاغل على الخروج من السوق، نظرا لعدم استطاعتهن الالتزام بهذه الرسوم، وأن يتجهن إلى برنامج البحث عن العمل «حافز»، لضمان وجود دخل ثابت، مؤكدة أن المحلات الصغيرة سواء المغاسل أو الحلاقين أو المشاغل لا يوجد لديهم دخل كبير، ولن يتمكنوا من الصمود أمام هذه الالتزامات المالية الكبيرة، موضحة أن هذه المنشآت متناهية الصغر ولا يوجد سعوديون أو سعوديات يعملون في مثل هذه المهن، وبالتالي يجب استثناؤها من هذه الرسوم.

تتمثل التزامات المشاغل النسائية المالية في رسوم البلديات وأسعار الإيجارات ورسوم الكهرباء ورسوم المياه ورسوم المقابل المالي للعمالة ورسوم التأمينات الاجتماعية ورسوم الزكاة والدخل ورسوم صندوق البريد السعودي ورسوم التأمين الصحي.

تحديات قطاع

وفي فبراير الماضي، نظمت غرفة الشرقية ممثلة بلجنة المشاغل والمراكز النسائية حلقة نقاش بعنوان «الأنظمة المستحدثة بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية»، استعرضت أبرز الإجراءات وآليات العمل الخاصة بالتوجهات الجديدة لتنظيم سوق العمل.

وتناول اللقاء الذي استضاف عن بعد، مساعد المدير العام لقطاع الموارد البشرية بفرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمنطقة الشرقية محمد الأطرش، عن أهم أبرز التحديات التي تواجه قطاع المشاغل والمراكز النسائية، مؤكدا أن قطاع الأعمال يتجاوب مع جميع المتغيرات الحاصلة لتنظيم سوق العمل.

وبين أن قطاع الأعمال لديه تجربة طويلة في سوق العمل، وثرية في المعلومات التي يشارك بها الوزارة، وأن من الإيجابية التي يتميز بها قطاع الأعمال التعاطي مع المتغيرات وإبداء الرأي والمشورة فيها والمشاركة في إيجاد الحلول.

وأثنت رئيسة لجنة المشاغل والمراكز النسائية بغرفة الشرقية شعاع الدحيلان على تجاوب المسؤولين والمختصين في فرع الوزارة مع استفسارات المستثمرات في القطاع، مبينة أن الوزارة تسعى بالشراكة مع قطاع المشاغل إلى معالجة العديد من التحديات التي تواجهه، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة والمنطقية لجميع مشاكله سواء ما يتعلق بالإجراءات أو بآلية العمل.

الاستثمارات النسائية

تشكل المنشآت المتناهية في الصغر النسبة الأكبر في الاستثمارات النسائية في القطاع الخاص إذ أظهرت الإحصائيات أن أكثر من 75% من الأنشطة التجارية النسائية في المملكة هي في المشاغل وصالونات التجميل التي تقيد أيضا حتى الآن باسم مشاغل عند إصدار الترخيص، وهو ما يزيد حجم الصعوبات التي تواجه هذه المشاريع النسائية.

التزام الموظفات

طالت التداعيات العالمية التي سببتها كورونا قطاع المشاغل النسائية وأوضحت صاحبة مشغل نسائي ريم عدينان، أن المشاغل تكبلت خسائر كبيرة، وبالأخص أصحاب الإيجارات، حيث يتم دفع جميع الالتزامات من إيجار ورسوم ورواتب العاملات، والتي لا تقل عن 3000 شهريا رغم توقف العمل لعدة أشهر متتالية بسبب أزمة فيروس كورونا.

وتابعت: من المصاعب عدم التزام الموظفات بمدة العقد وترك العمل وذلك بعد تأسيس أسمائهن والحصول على زبائن خاصين بهن، إضافة إلى أن بعضهن يفتقدن جدية العمل.

وأضافت ريم، أن عدم تفهم الزبائن للضغوطات التي تتعرض لها المشاغل من حيث ارتفاع الأسعار تماشين مع الرسوم والإيجارات ودفع التأمينات التي تصل إلى 600 ريال شهريا للشخص الواحد مع قلة الدخل اليومي.

وواصلت ريم أن الأمر لا يخلو من أصحاب الأيدي البيضاء، حيث خفض صاحب المحل الإيجار والسكن للعاملات، وكذلك تفهم العاملات ومطالبتهم بتخفيض الأجور للنصف بسبب الجائحة وإقفال المشغل بشكل عام.

تاجرات الشنط

تؤكد صاحبة إحدى المشاغل ندى، أن قلة الزبائن في فترة جائحة الكورونا سبب تخوف لدى العاملات، ومعبرة أن ذلك كان أهم ما واجهته المشاغل والذي أدى إلى قلة الدخل المادي؛ حيث أصبح لا يغطي رواتب العاملات ورسوم الكهرباء مع زيادة ضريبة القيمة المضافة على أدوات التجميل. حيث كانت المكاسب تصل قبل كورونا في الأشهر العادية إلى 10 آلاف ريال من غير الرواتب، أما بعد الجائحة فوصلت إلى أقل من 7 آلاف ريال مع الرواتب.

وتابعت ندى أن أغلب الزبائن يفضلن عاملات الخدمات المنزلية تاجرات الشنط بعيدا عن زيارة المشاغل لتوفير المواصلات والراحة الخاصة للعميلة داخل منزلها.

العمالة السائبة

أكدت أم طلال «أهم المشاكل التي واجهتنا هي العمالة السائبة التي تتصيد الزبائن وتصل إلى منازلهم وإخراج صوالين من السوق تتلاعب بالأسعار، إضافة إلى العمل غير النظامي وذلك لأن هناك موظفات لا يسجلن بمعروف». وتابعت «الوضع الاقتصادي بسبب كورونا تسبب في إضعاف العملية الشرائية بشكل ملحوظ».

خريجات كلية التقنية

تضيف نوره آل ساري صاحبة مشغل نسائي للتزيين والخياطة: الأمر لا يتوقف على الرسوم والتزامات الرواتب والإيجارات وتجديد الإقامات وتاجرات الشنط، ولكن أيضا دخول خريجات كلية التقنية إلى السوق والربح الذاتي من منازلهم، وهذا سبب تقليل عدد العملاء، كما أن إغلاق المشاغل دفع كثيرا من النساء إلى الاعتماد على أنفسهن للتزين وحصولهن على أدوات التجميل بسهولة، وهو ما ساهم في وضع صاحبات المشاغل النسائية على المحك الاقتصادي.

تجربة خاصة

قالت نوره حسين، ومن خلال تجربتها الشخصية، إن "عاملات الخدمات المنزلية يفتقدن للنظافة، حيث يتم تنقلهن في نفس اليوم من منزل إلى آخر دون تعقيم أدواتهن". وأكدت نجلاء حمد أنها لن تعود للمشاغل بسبب غلاء الأسعار وقلة النظافة والتنظيم وذلك بعد أن تعلمت عن طريق اليوتيوب بعد إغلاق المشاغل وضع المكياج بأنواعه وشراء أدوات التنظيف الخاصة، وتوفر على نفسها ما كانت تعتقده صعبا.

اقتصاد المشاغل في السعودية

%70 من الأنشطة التجارية النسائية الصغيرة في المشاغل وصالونات التجميل

6 مليارات ريال حجم نشاط صالونات التجميل

10 آلاف ريال متوسط أرباح شهرية

تحديات تواجه القطاع

تاجرات الشنطة

العمالة غير النظامية

العمل من المنزل

دخول خريجات كلية التقنية السوق