مر على الإذاعة في سنواتها الباكرة مسؤولان كان لهما دور كبير في قفزاتها الأولى، إبراهيم فودة، وعباس غزاوي الذي التحق بها هاويا متعاونا في مطلع السبعينيات الهجرية، ثم عين رسميا سنة 1375هـ.

ولأنه يملك حسا إعلاميا عاليا، فقد تدرج بسرعة من مقدم برامج إلى مراقب عام للإذاعة - مدير برامج - إلى مدير عام الإذاعة، وبعد افتتاح التلفزيون جمعا في مديرية واحدة برئاسته (1385هـ)، لكنه لم يستمر طويلا بعد ذلك، إذ اعتزل العمل التنفيذي الإذاعي والتلفزيوني عام 1386، لينتقل إلى عمل أرحب للإعلام الخارجي والدبلوماسي، حيث رأس قطاع الإعلام في وزارة الخارجية، ثم صار سفيرا في تشاد فتونس فألمانيا.

كان الغزاوي فناناً وذواقاً، ومقدما مجيداً، يمتلك المقومات الإنسانية اللازمة للإداري في مجال الإعلام، وشهدت الإذاعة في عهده الذي استمر ست سنوات - مديرا عاما لها - فترتها الذهبية قبل أن ينافسها التلفزيون، واستطاع أن يحقق كثيرا من تطلعاته في الرفع من مستوى الإذاعة مهنيا. وارتبط لقبه «بابا عباس» بذاكرة المستمعين لتقديمه برنامجا إذاعيا للأطفال بهذا الاسم.

للأستاذ الغزاوي ذكريات مهمة، خلال علاقته مع الإذاعة بالذات، التي استمرت خمسة عشرة سنة، ( 1371- 1386)، وهي فترة لا تتوافر عنها معلومات كافية، بالرغم من وجود عدد من الإذاعيين الذين عايشوها، من أمثال حسن قرشي، ومحسن باروم، وعلي فدعق، وعبد المقصود خوجة، وعبد الله راجح وغيرهم.

الأستاذ الغزاوي، عاصر كل فترة إبراهيم الشورى وإبراهيم فودة وعبد الله بلخير وجميل الحجيلان، ومع الأسف الشديد أن هذه الفترة من تاريخ الإذاعة كانت أضعف في التوثيق من سابقتها المبكرة جدا، التي تتوافر عنها معلومات أوسع.

الأستاذ الغزاوي درس القانون في جامعة القاهرة ومارس الاستشارات القانونية، وكتب القصة، ومر في أواخر السبعينيات الهجرية برئاسة تحرير «أم القرى» لفترة قصيرة.

ولعل من المناسب أن يختم هذا المقال بالإشارة إلى حرمه، نجدية - سلوى - الحجيلان، التي كانت من رائدات العمل الإذاعي، في مطلع الثمانينيات الهجرية، مع زميلتيها ماما أسماء ضياء، وفاتن أمين شاكر، اللتين، لم تنجح هذه الزاوية بعد في تحديد الأسبق منهما في هذه الريادة.