لم تكن السيول دوما مصدر كوارث، بل قد تلعب أحيانا دور المستكشف المتمكن، وهو ما فعلته سيول الرس التي أدت إلى «خفس» في الأرض قاد لاكتشاف نفق إبراهيم باشا الذي يخترق المدينة من جنوبها وحتى منتصفها، ليكون شاهدا على صمود مدينة استفادت من صلابة أبنائها وذكائهم ليصمدوا أمام جيش جرار قاده إبراهيم باشا قصف مدينتهم بآلاف القذائف المدفعية دون أن يتمكن من هزيمتها، قبل أن يفكر في حيلة حفر نفق تحتها لتفجير أسوارها، لكن أهلها الفطنين، استخدموا سلاحه وحيلته ضده، وربطوا قبسا من نار بذيل قطة وأطلقوها في النفق عائدة نحو الجنوب وهاربة من نار تلاحقها حتى لامست في الطرف الآخر بارود ذخائر قوات إبراهيم باشا ففجرتها كاتبة نهاية هزيمته على أسوار الرس.

مقاومة وحامية

عندما وصل إبراهيم باشا على رأس جيشه إلى أسوار الرس في التاسع من يوليو عام 1817، استعد أهلها لمقاومته، مدعومين بالحامية التي أرسلها الإمام عبدالله بن سعود بقيادة حسن بن مزروع، وسطروا ملحمة تاريخية في الصمود والمقاومة- رغم فارق العدد والعتاد- وصمدوا أمام الضربات الهائلة التي تلقتها البلدة من مدفعية الباشا التي أطلقت في ليلة واحدة قرابة 5 آلاف قذيفة.

صمدت الرس رغم كل تلك القوة النارية الضاربة لما يزيد على ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وهو ما حير إبراهيم باشا الذي كان يظن أنها ستكون مجرد محطة راحة له ولجنوده، قبل أن تتحول إلى مصدر رعب وقلق لهم، وقد عبر إبراهيم باشا عن ضيقه وتبرمه وحيرته أمامها في إحدى رسائله إلى والده محمد علي باشا، وصف فيها الرس بـ«القلعة المنحوسة» مبرراً عجزه عن السيطرة عليها بكون بنائها «.. متينا ومستحكما من الأحجار الصغير وهي صعبة المرتقى وأن جدران الأبراج كانت ثلاث طبقات وكل طبقة تحتاج إلى 50 - 60 طلقة، ولذلك صرفت قنابل كثيرة».

يأس إبراهيم باشا

يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة القصيم الدكتور خليفة بن عبدالرحمن المسعود «حين يئس إبراهيم باشا من اقتحام الأسوار لجأ إلى خطة بديلة تتمثل في حفر الأنفاق تحت الأسوار وحشوها بالبارود لتفجيرها، حيث بدأ حفر نفق ليخترق البلدة من الجنوب إلى الشمال، لكن أهالي الرس عملوا على إفشال خطة العدو، بل واستخدامها كسلاح مدمر ضده، وتوصلوا إلى حيلة ذكية تمثلت في إحداث فتحة صغيرة تجاه مصدر الحفر حتى اخترق الخندق، وهذا ما عناه ابن بشر بقوله»، وكلما حفر الروم حفراً للبارود، حفر أهل الرس تجاهه حتى يبطلوه..«، ثم ربطوا قبساً من النار في ذيل قطة وأطلقوها مسرعة تجاه النفق لتخترق موقع الأسلحة، وحين لامست النار البارود والذخيرة أحدثت انفجاراً هائلاً أودى بحياة عدد كبير من جنود الباشا، كما أحرقت خيام معسكره فارتدت خطة إبراهيم باشا لتصبح وبالا عليه فكانت الضربة القاضية له ليوقع بعدها على الصلح».

آثار خافية

أضاف المسعود «بحسبما يتوفر من معلومات، فإن النفق كان يتسع لسير الجندي وهو مطأطئ الرأس، وهو يمتد من الحد الخارجي للسور الجنوبي حتى وسط البلدة، وقد بقيت آثار هذا النفق خافية ولم يعثر عليها إلا بالصدفة بعد هطول الأمطار وحدوث خفس في إحدى جهاته».

وأضاف «النفق بحاجة ماسة لإعادة تأهيله وحمايته ليكون معلما سياحيا وشاهدا على بطولات أبناء الوطن وصمودهم ضد الأعداء».

بدورها، وقفت «الوطن» على نفق إبراهيم باشا فوجدته مغلق الأبواب، وطالب عدد من المهتمين والمختصين بتأهيله وفتح أبوابه للزوار وتبيان ملاحم أهالي الرس في قصة نفق إبراهيم باشا والاهتمام به سياحيا".

نفق إبراهيم باشا

ـ نفق حرب تاريخي

ـ بناه إبراهيم محمد علي باشا عام 1817

ـ تابع أبناء الرس تحركات إبراهيم باشا حول مدينتهم

ـ أفشلوا خططه وما كان يهدمه بالنهار كانوا يبنونه ليلا

ـ يقال إن امرأة عجوز سمعت صوت حفر النفق فدلت عليه