الدكتور عبدالرحمن الوابلي (رحمه الله)، المتخصص فى التاريخ وكاتب الدراما التلفزيونية، كان من أوائل الكتاب السعوديين الذين تنبؤوا بخطر التنظيم الإخواني، حيث كتب أكثر من مقالة فى صحيفة الوطن، يتحدث فيها عن بداية التنظيم ومخططاته وإستراتيجياته. ذكر «الوابلي» أن هذا التنظيم تابع لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي، الذي تشكل داخله تنظيمان: التنظيم السروري والتنظيم البنائي، وكذلك خرج من هذا التيار تنظيم «القاعدة»، ولا أحد ينكر التنازع بين هذه التنظيمات فى ادعاء كل منها حقه فى تمثيل التيار الإسلامي وقيادته. «الوابلي» كان دائما ما يورد فى كثير من مقالاته تغلغل الإخوان فى التعليم، إذ يقول: الكارثة أتت فى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن المنصرم، عندما تم تعيين - وبحسن نية - زمرة من جماعة الإخوان المسلمين بمواقع مفصلية فى وزارة المعارف آنذاك. الإخوان المسلمون، دون غيرهم من التنظيمات الحركية الدينية، وعوا مبكرا أهمية التربية والتعليم فى تشكيل المجتمع، وإيصال ما يريدون من خلاله، ولذلك حرصوا منذ البداية على الوجود - إن لم نقل السيطرة - على وزارات التربية والتعليم فى أي مكان يوجدون فيه دون غيرها من الوزارات، حتى السيادية منها. وقد أسسوا لهم مدارس خاصة منذ الأربعينيات من القرن المنصرم كقاعدة للتدرب والوثوب منها لوزارات التربية والتعليم فى العالم العربي، وحصل لهم ما أرادوا وخططوا له فى كثير من الدول العربية. وقد أشار إلى ذلك، وبكل حسرة وألم، المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، عندما قال: «إننا أمنا بعضا من الإخوان المسلمين على التعليم لدينا وخانوا الأمانة». ثم يذكر «الوابلي» أن أحد زملائه، وهو أكاديمي فى معهد الإدارة، قال له إنه عندما طلب من المعهد وضع دراسة علمية، لتحسين الوضع الأدائي والإداري لوزارة التربية والتعليم، طلبنا من الوزارة وثيقة التعليم «نهج»، وهي خارطة طريق التعليم، أي المطلوب من التعليم إنجازه أو تحصيله، حتى يتسنى لنا معرفة ما إن كان هنالك خلل فى طريقة تطبيقها على الأرض التعليمية، لكن رفض المتمكنون فى الوزارة - حينها - إطلاعنا على الوثيقة؛ بحجة كونها سرا من أسرار الدولة. وعندما رفعنا لأحد المسؤولين الكبار فى الدولة، الذي أوصى المعهد بوضع دراسة شاملة لأداء الوزارة، طلب المسؤول من الوزارة تسليم الفريق القائم على الدراسة من المعهد الوثيقة، وبلا تردد. الزميل ذكر لـ«الوابلي» أنه والفريق صعقوا عندما اطلعوا على الوثيقة، التي تتكون من صفحة ونصف الصفحة، كونها تمثل «بيان إخوان مسلمين» لا متطلبات دولة اسمها المملكة العربية السعودية، حيث أوضح أنهم لم يجدوا أي مفردة تشير للوطن أو المواطن أو الوطنية أو التنمية، وإنما وجدوا عبارات دينية إقصائية، تتكرر فى البيان، مثل عبارة «الولاء والبراء» التي تكررت أكثر من مرة. يختم «الوابلي» قائلا: «هؤلاء هم من شكلوا عقليات وذهنيات الناس، من خلال تسللهم لوزارات التربية والتعليم، والقبض على مقاليدها، وصياغة وثائقها، ورسم نهجها، وكتابة مناهجها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة».