هناك مسافة عريضة بين المنطق والمفاجأة، وأحيانًا كثيرة تجد نفسك أمام واقع لم يكن بالحسبان إذا جثمت المفاجأة وسلخت التوقعات والمنطق الذي يفترض أن يكون، هكذا كان سيناريو صراع الجبابرة في «يورو 2020»، شاهدنا منتخبات عتيدة غادرت وكانت الترشيحات تصب في خانتها كالفرنسي الذي ودع على حساب جاره السويسري والألماني عبر بوابة الإنجليز ووقوع بطل النسخة السابقة البرتغال في مصيدة بلجيكا والأخير غادر بتوقيع الأزوري، الذي أطاح أيضًا بالإسباني في نصف النهائي ولا أعلم أين ذهبت النتيجة البارحة للمنطق أم للمفاجأة في لقاء الدنمارك والإنجليز وأجزم أن الأخير سيكون طرفًا في النهائي عطفًا على الأرقام التي تجسدت خلال مشواره المميز، بعد أن غيب الخسارة وشباكه نظيفة وسجل 8 أهداف نصفها في مرمى أوكرانيا، وهذا مؤشر على قوة هجومه وبذات الوقت صلابة دفاعه وحراسته، وأمام تلك المعطيات قد يكون قريبا من ملامسة الذهب الأوروبي الذي لم يسبق وأن عانقه، وكل شيء وارد في علم المستديرة، والأهم أننا استمتعنا بمتابعة مواجهات العيار الثقيل، ويتعين الاستفادة من الدروس الكروية، وربما أن الجانب الأكثر تجليًا اختفاء الطريقة الإنجليزية والتي تعتمد على التمريرات الطويلة، وبات هذا المنتخب ينسج اللمسات القصيرة الماكرة، وذابت واجهة الماضي وسط إبداع الحاضر وأكبر الضحايا الألمان الذين تواروا في حضرة آسياد الكرة.

بعيدًا عن الصراع الأوروبي كانت الفرحة عارمة بعد تحقيق الأخضر الشاب البطولة العربية بقيادة المدرب الوطني صالح المحمدي ومساعده محمد مسعد، وبقدر سعادتنا بالإنجاز كانت السعادة مضاعفة بمولد نجوم جديدة للكرة السعودية قادرة على دعم المنتخب الأول في المشوار المقبل؛ النهائيات الآسيوية وتصفيات كأس العالم، أعيد القول، الحفاظ على المكتسبات الشابة والجهاز الفني مطلب في وقت تعيش الكرة السعودية شحًا في ضخ وتصدير المواهب الشابة بعد أن سيطر اللاعب الأجنبي على جل المراكز في صفوف الفرق، علاوة على غياب احتراف اللاعب السعودي في الخارج، لكن تألق المنتخب الشاب في أرض الكنانة أعاد لنا مكتسبات لم تدر في خلدنا، وبالتالي لا بد وأن نحافظ على هذا الكنز من النجوم بمنحهم فرصة المشاركة في الدوري وتوسيع دائرة فكرهم الكروي.