قبل نحو أكثر من 1000 سنة من الآن، عُرف تاريخ مدينة جازان العليا، أو درب النجا، بماضٍ عمراني، وتاريخ اجتماعي عريق، إلا أن ذلك التاريخ قوبل بالإهمال والهجران، ما تسبب في إخفاء إرث تاريخي من الحضارة القديمة، والمعالم الأثرية، وقاد في النهاية إلى تقييد أبواب تلك المدينة بالسلاسل، وتسويرها بالأسلاك (الشبوك)، وسط التزام فرع الآثار بمنطقة جازان بالصمت، وعدم إفصاحه عن تاريخها، وغياب الإجابة عن استفسارات «الوطن» التي تتعلق بها والتي أرسلت له دون أن تجد الرد.

تاريخ غائب

يعرف المخلاف السليماني اليوم بأنه منطقة جازان وكان يمتد من الحديدة جنوبا وحتى الليث شمالا، وهو أحد المخاليف القديمة، في فترة 350 حتى 943 للهجرة، وظلت تسمية المخلاف السليماني بهذا الاسم إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وكانت عاصمته أبو عريش.

ومنذ القرن الرابع الهجري يغيب تاريخ عاصمة المخلاف السليماني عن ذاكرة الأجيال التي ترتاد الطريق المؤدي إلى المدينة التاريخية بشكل يومي، والتي تبعد 8 كلم شرق محافظة أبوعريش، إلا أن كل المعلومات المتوافرة لها عند وقوفها على جنبات الشبك المحيط بالمدينة أو المرور أمامها، لوحة تعلن عن وجود منطقة أثرية فقط، دون أي إيضاحات، أو تاريخ لها، وسط تحميل 4 جهات هي المحافظة، والبلدية، والسياحة، والآثار، مسؤولية تغييب تاريخ هذا المعلم، وعدم وجود لوحات إرشادية تدل عليه، أو على الأقل تحويله إلى وجهة سياحية تعرّف بالمكان.

كنز تاريخي

تحتضن أبوعريش عددا من المواقع التاريخية والأثرية التي بقيت صامدة لفترات طويلة قبل ضياع واندثار عدد منها، وكشفت جولة لـ«الوطن»، عن بطء تأهيل وصيانة مدينة «درب النجا» سياحيا، وخدميا، وضياع مكنوناتها التاريخية والأثرية، وتراكم أشجار الأراك فيها، حيث تغطي أجزاء واسعة وكبيرة، وتطمس البيوت الأثرية، والقبور التاريخية، بعد أن طمرتها الرمال، وباتت أصوات الثعابين والحيوانات تسمع من داخلها، مع تحولها إلى مكب للنفايات، ما شكل هاجسا يؤرق سكان قرية رح الجدور التي تلتصق بها، وتجاورها.

قوة التحصين

بعد أن كان المثل يضرب بهذه المدينة لجهة قوة التحصين وعظمة وجمال البناء والقصور التي كانت تتمتع بها، وامتلاكها ماضيا تليدا، تحولت إلى محض تشوه بصري لمعالمها، دفن كنوزها تحت كثبان الرمال، وعرضها لعدد من الهجمات والتدمير، قبل أن يتم إصلاحها وإعادة بنائها على يد الشريف أحمد في سنة 1104.

ويطلق اسم الجدور على المدينة التاريخية، نسبة إلى جدران الأسوار المحدقة بالموقع، الذي تحيطه السهول والجبال، وتتنوع محتوياتها من القلاع والحصون القديمة ومسجد أثري وبرج للمراقبة وقلعة عرفت بالثريا ونقوش قديمة يرجع تاريخها للقرنين الثامن والتاسع، تم نقل الأول إلى المركز التاريخي للملك عبدالعزيز بالرياض، ونقل الثاني إلى متحف جازان للآثار، وتغطي معظم جدرانها أشجار الأراك حاليا.

حفظ التاريخ

طالب عدد من المواطنين والمهتمين بالتراث والآثار بحفظ تاريخ المواقع التي تزخر بها المنطقة والترويج لها وصيانتها والاهتمام بها، خاصة أنها تحكي إرثا حضاريا للمنطقة، مشيدين بدور الفريق العلمي في جامعة جازان بجولاته الميدانية للتعرف على المواقع وتسجيلها بالموسوعة التي سترى النور قريبا.

وأكد رئيس الفريق العلمي لموسوعة آثار جازان الدكتور علي عواجي لـ«الوطن»، أن الاهتمام بالآثار هو اهتمام بالهوية، وتعميق للانتماء لهذا الوطن، مشيرا إلى أن المنطقة الأثرية يطلق عليها «درب النجا، وجازان العليا»، وتعد منطقة أثرية لها صيتها منذ العصور الإسلامية المبكرة، وعمرها يعود إلى القرن الرابع الهجري، لأكثر من 1000 سنة من الآن، وأنهم بالفريق العلمي وصلوا إلى الموقع، الذي تغطيه أشجار الأراك، وتسجيله ضمن 411 موقعا تم تسجيلها بالموسوعة التي ستصدر قريبا.

مبينا أن الموسوعة وجهود جامعة جازان تقدمان دراسات علمية وتوصيات صادرة عن جهة علمية أكاديمية، مشددا على التعاون الوثيق مع الآثار طيلة الجولات الميدانية المنفذة التي امتدت لأكثر من عام، مؤكدا أن التنسيق والتعاون الدائم بين الجامعة، والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أثمرا عن تدريب الطلاب للتنقيب في عدة مواقع أثرية، وأفرزا تسليم الجامعة عددا من المكتشفات الأثرية التي قام بها الطلاب.

توصيات الفريق العلمي للموقع

ـ الحاجة إلى بعثة تنقيب أثرية للعمل في الموقع

ـ الحصول على مزيد من المعلومات التي ستضيف أبعادا تاريخية وأثرية

1000 سنة تاريخ مدينة دفنت بالرمال

4

جهات تتحمل تبعات تغييب تاريخ المدينة

8

كلم بعد المدينة التاريخية عن أبوعريش

4

مطالب لحفظ تاريخ الموقع

معالم المدينة التاريخية قديما:

قوة التحصين

عظمة وجمال البناء والقصور

امتلاكها للقلاع والحصون

مسجد أثري

برج للمراقبة

نقوش قديمة

قلعة الثريا

معالم المدينة التاريخية حاليا:

مقيدة بالسلاسل

مسورة بالشبوك

مغطاة بأشجار الأراك

مطموسة البيوت والقبور التاريخية

ملاذ للحيوانات والثعابين