قبل جائحة «كوفيد» كانت الرعاية الصحية الافتراضية تشكل ما قيمته 1% من إجمالي حجم الرعاية الصحية العالمية، بل وكانت تلك الرعاية الافتراضية في معظم الأوقات لا تتوافق مع النظام الصحي التقليدي، ولكن كان للجائحة دور كبير في دمج الرعاية الصحية الافتراضية مع النظام الحالي، ولعل أبرز ما يميز الخدمة الصحية عن بُعد هو راحة العميل، الذي يتلقى الخدمة وهو في منزله مع انخفاض التكاليف العلاجية، وهناك تطور سريع أحرزته الخدمات الصحية الافتراضية مثل معاينة المريض عبر الفيديو، ومراقبة مرضى الطب المنزلي عن بُعد، والاستشارة الطبية بين أفراد الطاقم الطبي دون الحاجة إلى نقل المريض، ثم كان إنشاء المستشفيات الافتراضية التي تخدم جميع التخصصات من خلال استخدام الذكاء الصناعي في نماذج الرعاية الصحية، وجعل الحصول على خدمة طبية عالية الجودة ممكنا مع نسبة رضا عالية، أوضحته وأثبتته استبيانات المرضى. وعلى الرغم من المقاومة التي ظهرت مبكرا من قبل الفرق الطبية لهذه الخدمة، فإنه، ومع الوقت، كان اندماجهم في تقديم الخدمة الافتراضية سريعا ومؤثرا، بعد قناعتهم بأن هذا النوع من الخدمات الصحية يوفر عليهم الكثير من الجهد والعناء.

وعلى الرغم من أن الرعاية الصحية عن بُعد ما زالت تركز بشكل كبير على الحالات الاختيارية، فإن إمكان إدراج الحالات الطارئة والمهددة للحياة أصبح ممكنا، ولا سيما مع التحسينات في أساليب الاستشارة عن بُعد، والقدرة على متابعة المؤشرات الحيوية والنتائج السريرية، وقدرة المريض على المشاركة في اتخاذ القرار والخطط العلاجية. وعلى الرغم من أن نجاح الخدمة الصحية الافتراضية يتفاوت من منطقة إلى أخرى، ومن منشأة إلى منشأة، فإن القيمة الإجمالية لنجاح الخدمة الافتراضية يعتمد، بشكل كبير، على تجهيز العيادات والأقسام، لتقديم هذا النوع من الخدمة، وكذلك عدد المرضى، وتدريب الطاقم الطبي، ومن ثم تقييم تجربة المريض ورضاه عن الخدمة، والعمل على تحسين الملاحظات من خلال نظرة متلقي الخدمة، كونه المستهدف الأول بهذا النوع من الخدمات الصحية.

تقديم الخدمات الافتراضية على المستوى العالمي يعتمد على عدة عوامل مهمة: النتائج السريرية للخدمة، والجودة، وسلامة المرضى، وسهولة الحصول على الخدمة، ورضا المريض والمراجع، ومقدار تدريب الطاقم الطبي، ومقدار التكاليف التشغيلية للخدمة، وأخيرا العدالة الصحية في تقديم الخدمة، وعندما ننظر للعوامل التي قد تهدد هذه الخدمة بشكل مباشر، نجدها تكمن في صعوبة الحصول على هذه الخدمة، ولا سيما مع وجود مواقع جغرافية ما زالت تعاني سوء البنية التحتية للإنترنت.

لقد بدأت بعض الأنظمة الصحية الرائدة في قياس أثر الخدمات الصحية الإلكترونية، فها هو المركز الطبي بجامعة «فرجينيا كومنولث» رفع عدد الزيارات الطبية الافتراضية من 1% إلى 90% خلال عام واحد، مستفيدا من ظروف الجائحة، وكان التزام المرضى بالظهور على منصات الفيديو بـ94%، بينما غاب 6%، معظمهم من كبار السن الذين يواجهون صعوبات في استخدام الشبكة الرقمية.

وأخيرا.. بدأت وزارة الصحة خطوات كبيرة في مجال الخدمات الصحية الافتراضية، كان أولها إطلاق العيادات الافتراضية، ثم المستشفى الافتراضي، ومع استمرار الدعم للبرنامج، فقد نجد غالبية المرضى يحصلون على خدماتهم الطبية عن بُعد.