منذ الثمانينيات وأبحاث العلوم الإدراكية والمعرفية تدرس كيف يقوم الدماغ بمعالجة النص الذي تتم قراءته، وفي الوقت الراهن، ومع انتشار وسائل النشر الإلكترونية، تهدف منصات النشر الإلكتروني إلى الاستفادة حتى من تلك الأبحاث القديمة، لزيادة جودة الوقت الذي يقضيه المستخدم على منصاتها، فقراءة مقال ما، تعد عملية ديناميكية، يتفاعل فيها المستخدم مع تلك المنصات، ولكن إذا فقد المستخدم الاهتمام، أثناء قراءته لمقال ما، ربما لطوله أو لقصره، فإنه قد يترك ذلك الموقع كلياً، ويتوجه إلى منافس آخر.

تحديد الطول الأمثل للمقال الصحفي يعد تحدياً لا محالة، ولكن تجارب أجرتها منصة المدونات الإلكترونية ميديوم (Medium) تقترح أن الطول الأمثل لأي مقال، هو ذلك الذي لا يستغرق إلا سبع دقائق للقراءة، فالمقالات التي تستغرق قراءتها حوالي السبع دقائق، كانت أكثر المقالات قراءة وتفاعلاً على منصتها.

على الرغم من أنه أصبح لدى الشركات، تصور عن الوقت الأمثل لطول المقال، إلا أن ذلك فتح الباب لعدد من التساؤلات، فكيف يمكن معرفة الوقت الذي سيستغرقه القارئ لقراءة مقال ما؟ فقراءة المقال العام الذي يتحدث عن موضوع بسيط لن تكون كقراءة ذلك المقال التقني الذي يتحدث عن إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي، كهذا المقال مثلا، ناهيك عن العوامل المؤثرة الأخرى، كحجم الخط وطريقة تنسيق النص.

أجرى الباحثون عددا من التجارب لحساب الوقت المتوقع الذي سيستغرقه المستخدم للقراءة، ومن أحدث هذه التجارب ما قام به فريق بحث مشترك بين شركة أدوبي (Adobe) وجامعة بريجهام يونج (Brigham Young University) الأمريكية، فقد وجد الفريق البحثي بدايةً أن معظم الأبحاث في مجال التنبؤ بالوقت اللازم للقراءة، تعتمد على احتساب الوقت اللازم لقراءة الكلمة الواحدة، ومن هذا المنطلق قرر الباحثون دراسة تأثير الخواص الإجمالية لكامل نص المقال، كصعوبة التراكيب اللغوية، أو ترابط الأفكار، أو تعقيد موضوع المقال.

أجرى الباحثون أكثر من ألف تجربة، للتنبؤ بالوقت المستغرق للقراءة، وذلك باستخدام العديد من خوارزميات تعلم الآلة أو الذكاء الاصطناعي، كما تم الاستعانة ببعض الخدمات السحابية، لاستقطاب قراء ليشاركوا في التجارب المكثفة، كما تم أيضا اختبار تأثير الخواص الظاهرية للمقالات، كحجم ونوع الخط، وترتيب الجمل والعبارات.

على الرغم من تمكن الباحثين من ابتكار نظام ذكاء اصطناعي متطور، يمكنه التنبؤ بالوقت اللازم لقراءة أي مقال، إلا أنهم ذكروا أن المثير للاهتمام، أنهم وجدوا أن بالإمكان التنبؤ بذات الوقت، بمجرد حساب عدد الكلمات، دون الحاجة إلى أي من خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تم اختبارها.