صناعة الكلمة تعد إحدى المهارات التي يتميز بها الكتاب ذوو الخبرة العالية في مجال النشر، إلا أنه مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا تلك التي تعتمد على التواصل الكتابي، فإن الكتابة لم تعد حكرا على النخبة من المثقفين.

إن هذا الاستخدام المتزايد للكتابة له تأثير على اللغة نفسها، فالبشر ينحون في استخدامهم للغة إلى رفع كفاءة التخاطب، فالتعامل مع صناعة الكلمة كعملية إنتاج يعني أن لكل كلمة يتم استخدامها وكتابتها كلفة محددة، هذه الكلفة تزيد وتنقص بحسب الجهد المبذول في اختيار الكلمة خلال الكتابة أو الحديث، مما يعني أن الشخص يسعى خلال حديثه إلى تقليل تكلفة إنتاجه للمفردات، مما يعني رفع كفاءة صناعته للكلمة.

تحديد الجهد المبذول أو التكلفة، إن صح التعبير، لصناعة الكلمة يعد أحد مجالات البحث التي تمت دراستها من الجوانب اللغوية والفكرية والنفسية أيضا، مما يعني أنه مجال جدير بالاهتمام، وهذا ما دعا باحثون من جامعة كاليفورنيا سان دييجو (University of California San Diego) إلى استخدام الكمبيوتر في تحليل النظريات المتعلقة بصناعة الكلمة، إذ إنه إذا أمكن معرفة الأسباب التي تجعل الكاتب أو المتحدث يختار من حصيلته اللغوية مفردات محددة، فقد يكون من الممكن تعليم خوارزميات الذكاء الاصطناعي أن تقوم هي نفسها بالأمر نفسه.

يذكر الباحثون بجامعة كاليفورنيا سان دييجو أن الأبحاث تشير إلى أن الكلمات الأكثر شيوعا هي تلك التي تحتوي على عدد أقل من الحروف، ولكن هذا لا يفسر الأسباب الفعلية لاختيار هذه المفردات، ولذلك أجرى الباحثون عددا من التجارب الحاسوبية، التي من خلالها تم تحليل الأسباب الرئيسية التي تحدد اختيارات الناس تلك المفردات، حيث تم بناء نماذج لغوية باستخدام خوارزميات تعلم الآلة، التي تهدف إلى احتساب احتمالية ورود مفردة معينة في ظل ما سبق من كلمات. ولإجراء هذه التجارب، فقد تم تحليل عدد من قواعد المعلومات التي تحتوي على كم كبير من المفردات.

وجدت الخوارزميات أن البشر في أثناء الكتابة أو الحديث يسعون إلى استخدام المفردات الأقل تعقيدا، أي أنهم يعمدون إلى التقليل من تلك المفردات التي يتم الخلط بين معناها ومعنى كلمات أخرى، وبالتالي فكلما قل تعقيد كلمة ما كلما زادت احتمالية استخدامها في أثناء الحديث أو الكتابة. وبناءً على نتائج هذه الدراسات، فقد يمكن تحسين خوارزميات توليد النصوص بجعلها تختار مفرداتها تماما كما يفعل الإنسان.