يعد التطبيق الأشهر سناب شات منصة مميزة ومفضلة لدى كثيرين حول العالم، وهو تطبيق رائع ومحبوب لدى فئة عمرية كبيرة في كل المجتمعات هي فئة 16 عاماً وأقل.

تفوق عدد السنابات الملتقطة في اليوم الواحد أربعة مليارات لقطة، وهو بهذا يعتبر التطبيق الأكثر استخداماً على الإطلاق من بين وسائل التواصل.

ومن المميز أيضاً أننا في المملكة العربية السعودية نستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي بكثافة، نظراً لتوفر البنية التحتية المعلوماتية لاستخدام هذه التطبيقات بكفاءة وفعالية عالية، وأكثر مستخدمي السناب شات لدينا هم الشباب من جميع الفئات العمرية، وبعض الكهول بطبيعة الحال.

يحوي البرنامج كثيرا من المميزات، ومنها الفلاتر لتعديل الصور وتجميلها، بل وإضفاء مؤثرات وإضافات مرحة وغيرها، وهي ميزة جيدة، إلا أنها في الوقت نفسه صارت أسلوباً لإخفاء الحقيقة، وإظهار تفاصيل تجميلية غير واقعية، والمشكلة هنا أن كثيرين قد تعودوا على الفلاتر وأصبحت جزءاً من تفسيرهم لحياتهم.

وبمعنى أكثر دقة أصبحت الفلاتر والتجميل غير الحقيقي جزءاً من فلسفة الحياة لديهم، فكل شيء مرتبط بتحسينه وتجميله، بل بإخفاء حقيقته، لأننا تعودنا على الفلاتر، ولم يعد لدينا القدرة على الظهور على حقيقتنا.

كثيرون هم هكذا، تغطي وجوههم الفلاتر، بل والأدهى تغطي مشاعرهم الفلاتر، فلا يظهرونها إلا مفلترة وغير واقعية، بل وأحياناً مشاعر كاذبة ومزيفة، لكي نكسب رضا الآخر، لأنه لو رآنا بلا فلتر لرمانا بالحجارة.

ومن هنا، فإن سناب شات لم يعد تطبيقاً للتواصل بين الناس ومشاركة لحظاتهم، بل أصبح فلسفة اجتماعية تشجع على التجميل الخادع، وتضخيم الذات، وإشباع الرغبة في الظهور بخلاف الحقيقة.

والمشكلة أن التعود على تلك العمليات التجميلية الإلكترونية من سن مبكرة سينعكس سلبياً على تفكير أبنائنا، وسيشكل ثقافة اجتماعية غريبة تقوم على تشريع إخفاء الحقيقة، وحب الظهور بكل الأوقات، وفي النهاية قد تتحول مشاعرهم كلها إلى التزييف المتعمد، وهنا تكمن المشكلة الخطيرة التي لا بد أن نواجهها.

وكأمهات وآباء لا بد لنا من وقفة مع هذه المشكلة التي تؤثر على أبنائنا مستخدمي سناب شات وغيره، من خلال المزيد من النقاش معهم حول أنه ليس بالضرورة أن نُري الناس كل شيء، وليس بالضرورة أن نطلعهم على أدق تفاصيل حياتنا، وأن قيمة الإنسان الحقيقية هي بما يقدمه لنفسه ولأسرته ولمجتمعه وليس بما يصوره ويجمله أمام الناس.

إن مقاومة فلسفة الصورة المزورة بالفلاتر يتم من خلال تمكين الاعتزاز بالنفس، وتأصيل معاني الصدق مع الذات، وتقبل الإنسان لنفسه كما هو وليس كما يريده الآخرون، وبالتالي ينشأ الإنسان وهو يحب نفسه كما هي بلا فلاتر وتجميل غير حقيقي.

لكن المشكلة في نظري أنه إذا كان الذي ينصح بألا تفلتر صورتك وهو يقوم بالعمل ذاته! وهنا يظهر التناقض الذي يهدم كل شيء.

إذن لا تفلتروا صوركم حتى لا يفلتر الأبناء صورهم. ودمتم بخير.