يظل تطوير رأس المال البشري، الشغل الشاغل لمخططي التنمية في العالم، حيث تعد قدرات العاملين في مؤسسات الإنتاج وإبداعاتهم واتجاهاتهم الإيجابية نحو منظماتهم هي المكونات الأساسية لرأس المال البشري.

والمرأة السعودية وفي ظل رؤية المملكة 2030 الطموحة تشكل مرتكزاً أساسياً ومحوراً مهماً من محاور التركيز لتحقيق تنمية مستدامة متوازنة، نظراً لما تمتلكه من قدرات تميزها عن غيرها من مثيلاتها حول العالم، فهي ابنة هذه الأرض الطيبة، واكتسبت جوانب تجعلها غنية في ذاتها ومعطاءةً بلا حدود.

ولكي تقوم المرأة السعودية بأدوارها الخلاقة فلا بد من تطبيق نمط قيادي مميز يرتكز بشكل أساسي على تطبيق نموذج خاص من القيادة، يوفر قدراً عالياً من الاهتمام بالمرؤوسين وخدمتهم وتوفير الإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف، وهذا النمط من القيادة هو القيادة الخادمة (Servant Leadership).

ويتسم هذا النمط القيادي بدرجة عالية من التواؤم مع طبيعة المرأة وكونها أماً ومربيةً، وبالتالي إن مارسته، فهي تمارسه باقتدار إذا تمكنت من استخدام ملكاتها النفسية والعقلية، ودمجت معها التفكير والقدرة على النقد والتقويم.

وتشير كثير من الدراسات الحديثة إلى فعالية هذا النمط القيادي ودوره الكبير في تنمية رأس المال البشري، وتمكين المرؤوسين من العمل بحرية، وتقديم الابتكارات التي تضمن الاستدامة في تحقيق الأهداف، وتطوير آليات العمل، وتحقيق المستهدفات بدرجة عالية من الكفاءة والفعالية.

ومن أهم مميزات نمط القيادة الخادمة، أنها تسهم بشكل فعال في بلورة نسق استراتيجي يتلاءم مع رؤية الوطن 2030، حيث يمكن للقائدة ومن خلال فرق العمل في المنظمة أن تصمم أهدافاً ومبادرات تنسجم مع الرؤية، وبشكل تشاركي مع المرؤوسين، وتقدم الخدمة التي يحتاجونها لتحقيق الأهداف.

كما يسهم نموذج القيادة الخادمة الذي تمثله المرأة السعودية في توجيه المرؤوسين إلى تحقيق الأهداف من خلال ممارسة التمكين (Empowerment) عبر تنمية قدراتهم المهنية، وتشجعيهم على ابتكار الأفكار الجديدة لحل المشكلات.

إضافة لما سبق من أدوار القيادة الخادمة والتي تتوافق مع طبيعة المرأة السعودية، هو قدرتها الكبيرة على تقديم الدعم والمساندة للمرؤوسين، واحترامها لمشاعرهم، وتقديم التسهيلات اللازمة لتنفذ مهامهم، لأن هذه الأدوار تنسجم مع الطبيعة النفسية للمرأة السعودية وقدرتها على العطاء والبذل اللامحدود، وهو ما تعودت عليه في حياتها الأسرية ومع أبنائها ومحيطها الاجتماعي.

وبهذا نصل إلى نتيجة مهمة، هو أن المرأة السعودية وفي ظل التوجه القيادي للمملكة العربية السعودية بتمكينها من أن تكون محوراً مهماً من محاور التمكين برؤية 2030، ستسهم- بإذن الله- في صناعة التغيير، وتطوير إجراءات تنفيذ الرؤية، وستكون في موقع الصدارة بإبداعاتها وقدرتها على القيادة الخادمة، التي تنمي رأس المال البشري، وتنير بأفكارها الخلاقة وطننا الغالي، وتسهم في البناء المستدام لكل جوانب التطوير المستمر، في ظل قيادة حكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله وسدد خطاهما.