لم تكن «هان الود» مجرد أغنية عاطفية، بل لامست وجدان الموسيقار محمد عبدالوهاب فور قراءتها، واتصل بالشاعر أحمد رامي ليبلغه موافقته على تلحينها وغنائها بنفسه، وظلت الكلمات تخايله بعد أن حفظها عن ظهر قلب، واختلى بنفسه ومعه آلة العود، وبعد أيام قليلة انتهى من اللحن، وعمد إلى أن يكون معبّرًا عن شموخ المحب في عتابه لحبيبته، وأن يكابد آلام الفراق، ليصبح من أروع الألحان التي أبدعها موسيقار الأجيال.

لحظة فارقة

لحَّن عبدالوهاب «هان الود» في لحظة فارقة من حياته، عندما جمعته قصة حب انتهت بزواجه من السيدة نهلة القدسي، وكانت من أشهر زيجات الوسط الفني في ذلك الوقت، وعاش الحبيبان في أجواء شديدة الرومانسية، وباتت حبيبة العمر ملهمة الموسيقار في إبداعه الفني، ليبلغ ذروة النجاح والشهرة كمطرب وملحن، وينال التقدير والتكريم في سائر أنحاء العالم العربي.

قصة حب

لم يتوقع عبدالوهاب أن يمر بتجربة الفراق، وينفصل عن زوجته نهلة، وظل خلافهما لغزًا محيرًا لكل المقربين منهما، وفي ذلك الوقت أرسل رامي «هان الود» ووجد الموسيقار ضالته في كلماتها المعبّرة عن محنته الشخصية، وكأن شاعر الشباب كتبها حصريًا لمنافس أم كلثوم، وعلى الفور قام بتلحينها وغنائها، دون أن يمنحها لمطربه المفضل عبدالحليم حافظ، لكنه أراد أن يوصل عتابه إلى محبوبته التي افترقت عنه.

رسالة عتاب

سمعت القدسي تغريدة عبدالوهاب، وأدركت أنه يغني «هان الود» لها، ويوجه إليها رسالة عتاب مفعمة بالحنين ومشاعر الحب، ورقّ قلبها لكلمات الأغنية، وتلاشت سحابة الخصام العابرة، وعادت إلى القفص الذهبي، وتجدَّد اللقاء مع حبيب العمر، واستشعرت صدمة الفقد برحيله عام 1991، وعاشت على ذكراه حتى رحيلها في عام 2015.

ولتلك الأغنية حكاية جميلة تتعلق بأغنية «هان الود» للموسيقار محمد عبدالوهاب غناء ولحنا، وغنتها كذلك فايزة أحمد وسمية قيصر؛ إذ أبدع فيها بسبب معاناته العاطفية مع زوجته نهلة القدسي التي هجرته وتركت مصر وسافرت للأردن غاضبة منه لسبب ما لا يعلمه سواهما حتى الآن، وإن كان الكل يعلم بقصة الهجران والود الذي هان حتى عادت العاطفة الجياشة تجري في الأوردة والعروق لعبدالوهاب ونهلة القدسي.. عبدالوهاب الذي أهدى عشاقه أغنية تعيش لتتغنى بها كل الأجيال ويحفظها عن ظهر قلب كل من عانى الهجران، ونهلة عند سماعها للأغنية رجعت لمصر ولعبد الوهاب وقررت العودة لمحراب حبهما الذي جمعهما معًا حتى وفاته لتعيش الزوجة على ذكراه الجميلة.

تأثر القدسي

تبدأ قصة «هان الود»؛ لأن شاعر الشباب أحمد رامي توقع عودة نهلة القدسي لحبيبها بمجرد أن تستمع لجملة رائعة من تلك القصيدة المغناه وخاصة مقطع «أنا بحبه وأراعي وده إن كان في قربه ولا في بعده»، خاصة أن أحمد رامي كان له باع طويل في عالم الحب والهجران مع أم كلثوم، ويعرف مقدمًا موضع كلمات الغزل على قلب أي امرأة، وفعلًا تحققت نبوءته وتأثرت أيقونة عبدالوهاب المهاجرة بها بمجرد سماع الأغنية.

كلمات الأغنية

آلوا لي هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحداني

رديت وقلت بتشمتوا ليه هو افتكرني عشان ينســاني

أنا بحبه وأراعي وده إن كان في قربه ولا في بعده

وأفضل أمني الروح برضاه ألقاه جفاني وزاد حرماني

هو اللي حالي كده وياه كان افتكرني عشان ينســــــاني

ليه ليه ليه ليه ليه

بيلوموني وياه في حبي والا يلوموني على صبر قلبي

هو اللي شفت في حبه الويل ولا رحمني يوم ورعاني

وسهرت وحدي ونام الليل كان افتكرنى عشان ينســــــاني

خلوني أحبه على هواي وأشوف في حبه سعدي و شقاي

ده مهما طول شوقي إليه ومهما زاد هجره و بكاني

بكره يعز الود عليه ويفتكرني عشــان ينســــــاني