أكثر مجال تكثر فيه الآراء هو مجال الصحة والطب، فالتشخيص يختلف من طبيب لآخر، وكل طبيب له طريقته في العلاج، هناك المدارس القديمة والحديثة، والطب القائم على البراهين ولكل طبيب مدرسة ينتمي لها، الاختلاف ليس قضية بل أحيانًا يكون صحيًا، إذا نتج عن علم وخبرة وتخصص، ولكن إذا كان طبيبًا عامًا ويقول رأيه في جراحة المخ والأعصاب مثلًا، فهذه فتوى من غير علم.

الطب كدراسة، يختلف كتطبيق، سنة الامتياز لا تكفي للإفتاء، لذلك بعد إنهاء سنة الامتياز، يبدأ خريج الطب بالبحث عن برنامج تخصص يناسبه، وحينما ينتهي منه يصبح متخصصًا في هذا الفرع من الطب، ويستطيع أن يعالج وأن يجيب عن الاستشارات، على ألا يتجاوز تخصصه.

اليوم أصبحنا نشاهد أشخاصًا كل ما يملكونه هو حرف دال قبل أسمائهم! تارةً يتحدثون عن أمراض القلب والشرايين، ومرة يفتون في أمراض العظام، ويخوضون في الأمراض الجلدية، لا أعلم لهم تخصصا.

التخصص الذي يجمع كل التخصصات هو طب الأسرة، ولكن، أطباء الأسرة عادة يحولون الحالات التي تحتاج إلى تخصص معين للمختصين للتشخيص والعلاج.

طبيب الأسرة يستطيع أن يُعالج الحالات العامة، ويساعد المرضى على إدارة صحتهم بشكل أفضل، وكطبٍ وقائي، وهناك أطباء أسرة لديهم تخصصات دقيقة، كتخصص الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط، فتكون لديهم عيادات تخصصية في مراكزهم الصحية.

الطبيب العام ليس طبيب أسرة، طب الأسرة هو زمالة وتخصص. يطلق البعض على نفسه طبيب أسرة رغم أنه طبيب عام، وينشر معلومات طبية ليست دقيقة، وأحيانًا خاطئة، يعتمد على بعض الأوراق العلمية، قراءة الأوراق العلمية تحتاج وعيًا وإدراكًا وتخصصا، تفهم من خلاله قوة الدراسة ونقاط ضعفها ونقدها، ليست كل ورقة علمية نأخذ بها.

حتى أصحاب التخصص يعطون استشارات في غير تخصصهم أحيانا، أتساءل بالفعل لماذا ؟!

هل أصبح الظهور على شاشات التلفاز والانتشار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مغريا لهذا الحد،

هل البحث عن عدد أكبر من المتابعين والشهرة، أنساهم القسم الذي ما من طبيب إلّا أقسمه؟.

إنّ المريض كالغريق الذي يتعلق بقشة، يبحث عن أي شيء ليتعافى، ولا أسهل من نصيحة تأتيه مجانية وهو في مكانه. كل نصيحة طبية دون معاينة تبقى ناقصة، فكيف إذا كانت من طبيب غير مختص!

أحيانًا أجد مقابلات تلفزيونية مع أشخاص غير مختصين ليتحدثوا عن أمراض تحتاج مختصا، لا أعرف ماهي شروط الاستضافة! بالذات أن الاستضافة هي نوع من إضافة المصداقية لهذا الشخص.

صدفة رأيت مقابلة تلفزيونية مع طبيب، كمختص بأمراض السكري، بينما هو طبيب مقيم في سنواته الأولى من الزمالة التي ليس لها علاقة بمرض السكري الذي تحدث عنه.

أرجو عدم السماح باستضافة أي طبيب إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، والتي لديها تصنيف لكل طبيب، بحيث تمنح الموافقة حسب التخصص المطلوب والدرجة العلمية.

الطب عظيم لأنه يهتم بحياة الإنسان، ولا يجوز أبدا الرأي فيه بغير علم، المفتي بغير علم لا يعرف الصواب، فكيف ينفع غيره بشيء يجهله أو لا يعرفه يقينا.

لذا يجب وضع قوانين لمنع عشوائية الاستشارات الطبية على أي منصة كانت، لأن حياة الإنسان أمانة.