تتعاقب الأزمان علينا بمختلف فصولها ورياحها وعواصفها ونسماتها، من سبتٍ إلى سبت هذه هي الأيام، ونكون نحنُ البشر على أُهبة الاستعداد لمختلف طقوسها مُهيأين لتلك التقلبات.

عند بداية نشأتنا نحتاج الى الرعاية، ونكون في أمس الحاجة لوجود أحد إلى جانبنا، ويُوجد الله من يتكلف بتلك المهمة

وعند مرحلةٍ من تلك الأزمنة نكون في قمة القوة والبهجة، وعدم الاكتراث لما يحصل بوجودنا، وسكر أفكارنا وعدم تقبلنا لأيٍ من الآراء أو النصح، لاكتفائنا بما نحملُ من أفكارٍ لا نقبلُ أن يعارضنا بها أحد !

وتستمر الأيام بجريانها ومرور ساعاتها، ومن غير شعورٍ منا، إلى أن نصل إلى مرحلة النضج، واكتمال العقل، هنا يعود بنا شريط الذكريات وتستمر اللحظات سريعةٍ كلمح البصر، إلى مجيء آخرِ شتاء، تكون وقودة لحظات شبابنا وقوة بأسنا مرحلة الوهن وأرذل العمر، تبرد القلوب وتتجمد القوى كأن الذي كان لم يكن.

فالفكرُ يبدأ هنا بالسفر عبر آلة الزمن، إلى وقت القوة وتلك الذكريات الدافئة لكي يرمم ويدفئ ما قد تبعثر من قواه ووجوده

فكلٍ منا لابد في مرحلةٍ ما !!!

أن يسافر عبر آلة الزمن، التي تكون كما الإعجاز والهبة العظيمة لكل من انهارت قواه أو أنهكها الزمان.

يرحل بفكره مجردا من الجسد إلى الزمن الذي يريده، ولا يعود إلا بما ارتحل لأجله،

فماذا يريدُ كلٍ منا أن يعود به أو يسافر إليه عبر آلتهُ الزمنية؟

نريد العودة لجلب ما ذهب مع الزمن من قوة وشباب!

أم لنعود لتلك الأيام ونعمل ما لم نستطع أن نفعله سابقاً!

الفكر كما الآلة التي تحملنا عبر الأزمان، وتجعلنا نطوف السهول والوديان وتصل بنا ألى أبعد الشطآن، فلا تستهين بفكرك ودعه يرحل في الآفاق العالية ليعود إليك بترددات الوجود، ويبعد معه عنك ما أنهك قواك وأتعب حبال أفكارك

فأنا في لحظةٍ ما!!!

أصعد بفكري إلى أعلى وأبعد نقاط الكون، وأحلق بعيداً عن كل ما يُحيط بي ولا أستفيق من تلك الرحلة إلا عندما آخذ وأحمل معي ما أبحرتُ وعبرت لأجله!!