السياسة والاقتصاد هما «المتغيرات الثابتة» في كل المجتمعات، بمعنى أنها تقوم على أسس ثابتة، لا ننكر أنها معقدة ولكن رغم ذلك لا تحتاج إلا لمعرفة عميقة بها وتخصصا دقيقا وذكاء عاليا ممن يتعامل معها من قادة أو مسؤولين ليحركوا عجلة التغيير فيها بمهارة، لتصبح ذات قيمة عالية يحسب لها ألف حساب، وينظر لها كأساس في تكوين الرأي والمصلحة والتأثير الذي يتخطى حدود المحلية في المجتمع أو الدولة، إلى العالمية كمؤثر في السياسة والاقتصاد والحضور العالمي.
ولكن تبقى مشكلة المجتمعات في العنصر الواسع والمطاط والمعقد من عناصر البنية التحتية المكونة لأي مجتمع أو دولة، والمتمثل في الحياة الاجتماعية التي تتكون منها ثقافة المجتمع ومعتقداته وقيمه ونمط تفكيره وانفتاحه أو انغلاقه على الثقافات المتغيرة أو المختلفة، ومدى سرعته في الاستجابة لدوران عجلة التغير الاجتماعي الذي عادة ما تكون سرعته واستجابته أقل بكثير من عجلة دوران التغير السياسي أو الاقتصادي.
ما يحدث في مجتمعنا السعودي في الوقت الحاضر هو خير تفسير لفكرة تغير المجتمعات المعقد.. فنحن نعيش عصر الانطلاق بسرعة الضوء في التميز والرفعة والقوة السياسية والاقتصادية، والثبات بفضل الله ثم الحنكة والذكاء من القيادة في وجه كل التحديات العالمية التي وضعت الدول في قاعة اختبار عالمي واسع، نتائجه أعادت تشكيل ترتيب درجات وموازين القوة والتأثير، مما جعلنا نفتخر بالدولة والقيادة والانتماء لهذا الوطن. فسياسيا واقتصاديا بفضل الله ثم العزم والحزم والطموح والفكر نحن في الصدارة التي تعلو مع كل أزمة عالمية تتساقط معها دول وسياسات واقتصادات، كنا نظنها عصية لا تهزها رياح جوائح ولا حروب ولا أي عواصف أزمات..
ولكن وكأي مجتمع، يبقى التغير الاجتماعي بطيئا في لحاقه بركب السياسة والاقتصاد، وخاصة، بسبب كبر مساحة المملكة العربية السعودية كأرض تحتضن مناطق كثيرة بثقافات متنوعة وأفكار متباينة وقناعات متراكمة، التعامل معها والتأثير فيها يحتاج إلى جهد مضاعف وطرق مختلفة ومعقدة جدا كي لا يكون هناك صدام بين الثقافة والفكر المتراكم، وبين حتمية التغير الذي لا بد أن يتم لصالح الفرد والمجتمع والدولة.
وطبعا تنشيط السياحة وفعاليات الترفيه وغيرها من المهرجانات والفعاليات التي تتعامل مع الناس بشكل، لا شك أن له تأثيره في سرعة تقبل التغير والتحول الاجتماعي، والذي يجب أن نتعامل معه نحن «كمواطنين» و«مؤثرين» و«مشاهير» برقي يوازي رقي الهدف.
ولكي أكون دقيقة أكثر فالمشاهير هم من أقصدهم بمقالي هذا.. كمشهور أو مشهورة يجب أن يدركوا أنهم سيصادفون نماذج مختلفة من البشر، منهم من يحترم الخصوصيات والحريات ويعرف أن المشهور له الحق بالفرح كغيره مع احترام خصوصية وقته وظهوره بين الناس، ومنهم من لا يستطيع وعيه إدراك هذا الحق معتقدا أن من حقه فرض نفسه على المشهور دون أي اعتبار.
كذلك يجب على هذا المشهور أن يدرك أن هرمون السعادة ومستوى الأدرينالين وغيره مع الحماس والانبهار والصخب، قد يجعل الإنسان وخاصة لمن قل وعيه بالحقوق والواجبات «لجهل لا خبث»، قد يجره إلى تهور غير محسوب العواقب، فكل هذا وارد وطبيعي هنا أو في أي بقعة من العالم وأي مجتمع من المجتمعات.
ولكن الخطأ وغير الطبيعي هو مقابلة التهور والخطأ بخطأ أكبر.. التشهير والتصوير والنشر وتضخيم الأمر، ليكون متداولا في مواقع تصور خطأ فرد أو جماعه بسيطة لا يقارن عددها بمئات الألوف ممن حضروا باحترام، فهذا ظلم وتعدٍ وانتقاص بحق المجتمع والمنظمين للفعاليات وللجهات الأمنية المتواجدة قيد التصرف السريع لمنع أي تعد أو تجاوز.
استغرب جدا أن يجد مشهور من رجال أو نساء الوقت لنشر مقطع مصور «بفلتر سنابي» وجد وقتا لوضعه وسط رعبه وصراخه أو بكائه أو خوفه.. رغم أن الطريقة الأسهل هي اللجوء إلى المسؤول الأمني الموجود في كل مكان.. أو إرسال المقطع للجهة المسؤولة دون صواريخ سنابية تسيئ للوطن وأهله، وتنكر حجم الأمن والأمان والانضباط الذي نعيشه رغم ضخامة حجم الفعاليات.
هناك قانون صريح يمنع التصوير والنشر بهذه الصورة، فليتنا نسمع بتم القبض على من ينشر هذه المقاطع من مشاهير أو غير مشاهير، كما نسمع عن القبض على المتجاوز.. ففعالياتنا مصدر فخر لنا، وجهاتنا الأمنية تتحمل كثيرا وتبدع من أجل ضبط الأمن والأمان، وحفظ حريات وحقوق المواطن والمقيم ليستمتع بالفعاليات دون مضايقات.. وكلنا حضرنا حفلات وفعاليات ومهرجانات مختلفة، ورغم كل الازدحام لم نجد إلا الرقي والفرح دون أذى أو خطأ من الكبار والشباب والشابات والصغار، فليتنا نشيد بالنجاح العام لهذه الفعاليات وننشرها بدلا من الإساءة محدودة النطاق.