نجحت المحاولة السعودية الجادة التي بدأ العمل عليها منذ عام 2019 في انتزاع اعتماد اليونيسكو وإدارجها «المعارف والممارسات المرتبطة بزراعة البن الخولاني» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)، بعد استيفاء شروط اعتماد الملف الذي تقدمت به المملكة، وتم اعتماده الأربعاء.

وجاء الاعتماد خلال الاجتماع السنوي للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الذي عُقد في المغرب.

وتوّج الاعتماد جهد فريق مشترك قادته هيئة التراث بدعم من وزارة الثقافة، واللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، والمندوبية السعودية الدائمة لدى «اليونسكو»، وهيئة الطهي، والجمعية السعودية للمحافظة على التراث.

وجاء التسجيل ضمن القائمة بعد تسعة عناصر سابقة، ليكون اعترافًا دوليًا يُرسّخ قيمة البن الخولاني السعودي وخصوصيته عند السعوديين، كما أنه واكب مستهدفات رؤية المملكة 2030، وترجم اهتمام القيادة الرشيدة ودعمها المتنامي لكل الجهود الوطنية الرامية إلى الاحتفاء بتراث الوطن وتعزيز قيمته محليًا ودوليًا.

عادات وممارسات

ما بين أكتوبر ويناير من كل عام، يبدأ موسم الحصاد السنوي للبن الخولاني، وتنتشر أصوات المطاحن اليدوية النحاسية، وتُشتغل أفران المحامص، ويستعيد المزارعون أهازيجهم المستوحاة من الحياة الشعبية، وهي أهازيج توارثوها منذ القدم، وتتغنى بالفرح بالمواسم الوفيرة.

وجاء اعتماد البن الخولاني ضمن قائمة اليونيسكو متزامنًا مع تباشير قطفه في محافظات جازان.

ويعتني المزارعون خلال مرحلة الجني بثمار البن بقطفها ووضعها في جرابٍ خاصة، قبل أن تبدأ مرحلة التجفيف بوضع ثمار البن في أماكن مخصصة في الظل، ويتم خلالها تقليب الثمار لمدة تصل إلى 3 أسابيع، حيث يساعد التجفيف ببطء الثمرة في الاحتفاظ بنكهتها لتكون جاهزة بعد جفافها، لتبدأ مرحلة أخرى في المطاحن لفصل ثمار البن عن القشور، ومن ثم مرحلتي الحمص والطحن.

وتعمل هيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازانعلى الحصر السنوي لمزارع البن وأعداد المزارعين وحجم الإنتاج السنوي الذي يشهد نموًا في أعداد المزارع والمحصول كل عام نتيجة جهود توسيع دائرة زراعته بالقطاع الجبلي بجازان، واتسق ذلك مع مبادرة أرامكو السعودية لزراعة البن في المحافظات الجبلية ودعم المزارعين، التي قابلها اهتمام وحرص المزارعين ورغبتهم في استصلاح مدرجاتهم الزراعية والإسهام في الاقتصاد الوطني.

تزامن لافت

تزامن اعتماد البن الخولاني ضمن قائمة التراث غير المادي في اليونيسكو أيضًا مع تسمية عام 2022 عامًا للقهوة السعودية وهي المبادرة في مبادرة أطلقتها وزرا الثقافة، لارتباط القهوة بالإرث الثقافي للمملكة عبر تاريخ حافل بالعادات والتقاليد، وقيم الكرم والضيافة، والحضور الإنساني والجمالي والفني في الأغاني والقصائد واللوحات، حتى أصبحت عنصرًا رئيسًا في الثقافة والموروث الشعبي السعودي.

ويعزز التسجيل مكانة القهوة السعودية، ويحتفي بجهود مزارعيها وممارساتهم وعاداتهم.

إرث تاريخي

يمهد تسجيل البن الخولاني السعودي للتعريف بالسعوديين وثقافتهم على المستوى الدولي، كونه إرث تاريخي واجتماعي مرتبط بعادات وتقاليد ومظاهر الضيافة والاحتفاء والشعر، وجزء من الحياة، وسلعة للتداول عند السعوديين بشكل عام.

ويحظى البن الخولاني بعناية شديدة حيث يأتي البُن الخولاني بعد تحضير القهوة باللون الأصفر الذهبي، تزينه حبات الهيل والبهار أو الزنجبيل التي يضعها صُناع القهوة السعودية لتضيف نكهة ورائحة زكية.

جهود مقدرة

لعبت شراكة وزارة الثقافة مع 5 جهات لتسجل البن الخولاني السعودي مؤشرًا على أهمية التعاون ووحدة الأهداف عند مختلف الجهات لتحقيق التميز للوطن والمواطن.

وضمن الاهتمام بهذا المنتج، وتعزيز المعارف والممارسات المرتبطة به، أعلن عن إطلاق الشركة السعودية للقهوة التي أعلن صندوق الاستثمارات العامة مستهدفة رفع إنتاج البن السعودي بنسبة تفوق 700% سنويا، حيث ستعمل الشركة على رفع القدرة الإنتاجية للبن السعودي من 300 طن إلى 2500 طن سنويًا.

ونما قطاع القهوة في المملكة في السنوات الأخيرة، بنحو 4% للفترة بين عامي 2016 و2021، مع توقع نمو بنسبة 5% في السنوات المقبلة، ليصل إلى 28700 طن بحلول نهاية عام 2026.

استثمار هائل

تستثمر الشركة 1.2 مليار ريال على مدى السنوات العشر المقبلة في قطاع القهوة في المملكة، والمساهمة في رفع القدرة الإنتاجية للبُنّ السعودي من 300 إلى 2500 طن سنويًا. وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن الناتج المحلي من محصول البُنّ الخولاني السعودي يتوزع في المحافظات الجبلية بمناطق جازان والباحة وعسير، حيث بلغ عدد مزارع البُنّ بها أكثر من 2500 مزرعة، تضم ما يقارب 400 ألف شجرة بُنّ.

سلعة متداولة

تصل مبيعات البن السنوية في الأسواق الاستهلاكية إلى نحو 70 مليار دولار، وتهتم بزراعته أكثر من 70 دولة في العالم ما يجعل قيد الممارسات والمعارف السعودية ضمن قائمة التراث تكتسي بعدًا أكثر أهمية، حيث يؤسس تسجيل البن الخولاني السعودي في «اليونسكو» لمرحلة من التفاعل وجذب الانتباه الدولي نحو البن الخولاني السعودي وزراعته وحصاده ومكانته في الذائقة وطقوسه المتفردة عند أهل الجزيرة العربية، كما يضمن التسجيل خلق نافذة دولية بين المجتمعين المحلي والدولي، ووسيطًا ينقل ثقافة المكان والإنسان، ومساحة لتعزيز فرص استثماره وضمان استدامته.

اهتمام كبير

اهتمت المملكة بشكل كبير بالبن الخولاني، حيث تزخر جبال جازان جنوب المملكة بثروات زراعية، فتحتضن أكثر من 70 ألف شجرة بن، يزرعها 600 مزارع وتنتج قرابة 500 طن سنويًا.

واشتهر مزارعو جبال جازان بعشقهم لشجرة البن، وارتباطهم الوجداني الوثيق بها حتى غدوا من محبيها ومتذوقيها.

ويعد البن الخولاني الذي تنتجه المملكة من أجود أنواع البن في العالم، كما أكدت خطوة تسجيله على قيمته العالية، وتجذره في الثقافة السعودية باعتبار تاريخ زراعته الممتد لأكثر من 8 قرون في جنوب المملكة.

13 محافظة

سعت وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى جعل 13 محافظة في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة مصدرًا مهمًا لإنتاج البن الخولاني الذي يمتاز بالجودة عن بقية الأنواع، ورفع نسبة إنتاج البن في المملكة دعمًا للاقتصاد الوطني وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وتصنف المملكة من أكثر دول العالم استهلاكًا للبن لارتفاع معدل استهلاك الفرد السعودي للقهوة، حيث يبلغ معدل إنفاق السعوديين على إعداد القهوة أكثر من مليار ريال، بواقع يتجاوز 80 ألف طن.

وشرعت الوزارة في استثمار«الخولاني» في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة التي تتميز بمناخها المناسب لزراعة أهم أصناف البن والتي ثبت نجاحها تحت ظروف المنطقة.

وأنشأت الوزارة وحدة أبحاث للبن، بمركز الأبحاث الزراعية في منطقة جازان، بهدف القرب من مُزارعي البن والوقوف على أبرز معوقات زراعته، وتقديم الحلول والمعلومات المتكاملة لتطوير المنتج، من خلال عقد ندوات علمية يتم التعريف بكيفية زراعة البن وضرورة توفير المياه والسماد والمكان الملائم لينتج بجودة عالية.

مهرجانات

احتفاء بالبن الخولاني السعودي انطلق منذ أواخر نوفمبر 2013 في محافظة الدائر بني مالك في منطقة جازان مهرجان البن الخولاني، تأكيدًا على الاهتمام بزراعة البن والتوسع فيها، واستثمار جهود المزارعين وارتباطهم بشجرة البن وزراعتها كموروث عريق، وترجمة خطط الدولة في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وزادت أعداد مزارعي البن المشاركين في المهرجان من 592 مزارعًا خلال النسخة الأولى من المهرجان الذي ينظم سنويا ليصل إلى 1802 من مزارعي البن بمحافظات الدائر، وفيفاء، والعارضة، والعيدابي، والرّيث، وهروب.

ونمت أشجار البن من 70 ألف شجرة عام 2013 لتصل خلال العام الحالي إلى 332.857 شجرة بن منها 203.504 أشجار مثمرة.

استهداف

تستهدف المملكة زراعة 1.2 مليون شجرة بن خولاني بحلول عام 2025، وسيشكل اعتماد البن الخولاني في قائمة اليونيسكو دعمًا إضافيًا للمزارعين، ويحافظ على أشجار البن ويجذب مستثمرين أجانب إلى المنطقة.

حاضنة مناسبة

تعد البن الخولاني السعودي من أفضل أنواع البن على مستوى العالم، حيث يزرع في مناخ معتدل ورطوبة عالية في التربة، ويمتاز بسرعة الإثمار الذي يبدأ من السنة الثانية من الزراعة، وتجد أشجاره عناية من المزارعين في التقليم والسقي المنتظم أثناء شح الأمطار، وتستهلك الشجرة الواحدة 25 لترًا في السقية الواحدة.

ولعبت ممارسة أطلقت منذ عام 2016 وركزت على تأهيل المدرجات الزراعية وتطبيق تقنيات حصاد مياه الأمطار دورًا مهمًا في زيادة إنتاج البن الخولاني وتعظيم استفادة القطاع الزراعي من المعدل العالي لهطول الأمطار، واستغلال الخصائص البيوفيزيائية في المناطق الجبلية؛ للمساهمة في التوازن المائي والزراعي في المملكة.

وهدفت تلك الممارسة إلى تأهيل 1600 هكتار من المدرجات الزراعية جنوب غربي المملكة، واستفادة المزارعين منها، ورفع قيمة المنتجات الزراعية في المناطق المستهدفة وتوفير الأمن الغذائي فيها، إضافة إلى زيادة دخل المواطنين وتقليل الهجرة للمدن الكبرى، وإدخال تركيبة محصولية ذات إنتاج عالٍ ومردود اقتصادي مجزٍ لمزارعي تلك المناطق.

إجراءات القيد في قائمة اليونيسكو

المرحلة الأولى: التقديم

* 31 مارس من العام صفر

الموعد النهائي لتقديم طلبات المساعدة التمهيدية لإعداد الترشيحات للإدراج في قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل ولإعداد اقتراحات البرامج والمشروعات والأنشطة التي تجسد أهداف الاتفاقية على أفضل نحو (المادة 18).

* 31 مارس من العام الأول

الموعد النهائي الذي لا بد أن تتسلم فيه الأمانة الترشيحات للإدراج في قائمة التراث الثقافي غير المادي

* 30 يونيو من العام الأول

الموعد النهائي لاضطلاع الأمانة بمعالجة الملفات، بما في ذلك تسجيلها والإقرار بتسلمها. وإذا تبين أن أحد الملفات غير كامل، يطلب من الدولة الطرف استكماله.

* 30 سبتمبر من العام الأول

الموعد النهائي لتقديم الدولة الطرف المعلومات الناقصة المطلوبة لاستكمال الملفات، عند الاقتضاء، إلى الأمانة. أما الملفات التي تبقى غير كاملة فتعاد إلى الدول الأطراف) التي يجوز لها استكمالها توطئة لفحصها في دورة لاحقة.

ـ المرحلة الثانية: التقييم

* ديسمبر من العام الأول - مايو من العام الثاني

تقوم بتقييم الملفات الهيئة الفرعية أو الهيئة الاستشارية.

* أبريل - يونيو من العام الثاني

عقد الهيئة الاستشارية أو الهيئة الفرعية اجتماعات للتقييم النهائي.

قبل عقد دورة اللجنة بـ4 أسابيع تنقل الأمانة تقارير التقييم إلى أعضاء اللجنة، وتنشر الملفات وتقارير التقييم على الإنترنت أيضاً لكي يتسنى للدول الأطراف الرجوع إليها.

المرحلة الثالثة: الفحص

نوفمبر من العام الثاني

فحص اللجنة الترشيحات والاقتراحات والطلبات وتتخذ القرارات.