حذر تقرير حديث من زيادة الفجوة الاقتصادية بين المجتمعات بسبب تداعيات تغيير المناخ وتأثيراتها المتعددة الأبعاد والتي من شأنها إهدار كثير من النجاحات التي أحرزها العالم في اتجاه التنمية المستدامة. وأشار التقرير إلى أن تغيرات المناخ سيكون لها تأثير حاد على المجتمعات المهمشة، والوعي بأسوأ السيناريوهات المتوقعة يساعدنا في التعامل مع هذا التحدي بأسلوب فعال، حيث إن المواجهة مع تغير المناخ لا يمكن أن ينجح فيها أحد الأطراف وحده، فهي تتطلب التنسيق بين جميع أطراف البيئة الاقتصادية بينما تتبنى استخدام التقنيات والابتكارات المتاحة على مستوى القطاعات المختلفة في المجتمع، مصحوبة بعدد من السياسات الرشيدة والحلول المحددة للوصول إلى هدف الدرجة ونصف مئوية، محذرًا بأن علينا التفكير في تغير المناخ باعتباره جائحة مقبلة، والعامل الذي يحدد مدى الأثر الذي ستتركه هو الأفعال والقرارات والتدخلات التي ستقوم بها كل الأطراف.

تبعات تغير المناخ

أكد التقرير أن تبعات تغير المناخ وحدة الآثار المترتبة عليه تختلف باختلاف المناطق والبلاد. فباعتبار اختلاف الطبيعية الجغرافية للمناطق المختلفة، فإنه على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أصبحت التحديات المرتبطة بتغير المناخ ملحوظة ومؤثرة وتظهر في صورة الفيضانات في باكستان ونيجيريا والجفاف الذي تعاني منه الصومال بالإضافة إلى إثيوبيا وكينيا وحرائق الغابات في تركيا، ما يستدعي التعامل مع تغير المناخ باعتباره من بين أكبر التحديات الحرجة والملحة، تمامًا كما تتعامل مع جوائح. فالإجراءات التي نتخذها اليوم، من شأنها تحديد حجم وتأثير المشكلة في المستقبل. وفي إطار معاملتها كجائحة ملحة، لا يجب أن ننسى بعض الدروس التي تعلمناها والعمل على تطبيقها في هذا الموقف أيضًا. وأحد أهم هذه الدروس المستفادة هي أن التنسيق لا غنى عنه لتغيير الوضع الحالي وأن التعامل مع هذا التحدي يتطلب تضافر الجهود على مستوى البيئة الاقتصادية والعالمية بأكملها.

استدامة البيئة الاقتصادية

حدد التقرير 3 جهات ينبغي لها العمل معًا لتحقيق استدامة البيئة الاقتصادية وبيئة الاعمال تتمثل في الحكومات والتي لها دور أساسي في تحديد أجندة الأولويات والتغييرات التي يجب تنفيذها وتحديد السياسات التي من شأنها أن تساعد في دفع الاستدامة والحد من الأنشطة التي تعرض الموارد المتاحة على سطح الأرض للاستنفاذ والخطر. فتطبيق اللوائح المناسبة في مختلف القطاعات سيضمن الالتزام بهذا النهج ويطرح نتائج قابلة للتنفيذ. فقد تمكنت بعض الدول على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا من مواجهة تحديات المناخ ووضعها على أولوية القضايا القومية، ووضع أهداف طموحة لاستغلال الطاقة النظيفة على مدى السنوات التالية وتنفيذ مبادرات تسعى للتحكم في الانبعاثات وزيادة كفاءة الطاقة. فقد كانت الجلسات التي عقدت في إطار قمة المناخ مصدرًا للإلهام وللتعرف على كثير من قصص النجاح والمبادرات في المنطقة، بالإضافة إلى التجهيزات لقمة المناخ التالية COP28 المخطط استضافتها في الإمارات. فهذه المبادرات والحماس لاستضافة أحد أهم المنتديات العالمية ما هو إلا دليل على مدى عزم وطموح قيادات المنطقة لتلعب دورًا رئيسيًا وحاسمًا في التصدي لقضية المناخ.

دور المؤسسات

أكد التقرير الدور الذي تلعبه المؤسسات، بغض النظر عن حجمها سواء كانت مؤسسة صغيرة أو ضخمة، تحديد مدى الأثر البيئي الناتج عن عملياتها، بما في ذلك سلاسل القيمة الاقتصادية المرتبطة بها، ومدى ارتباطها بتغير المناخ وما الذي يمكنها القيام به للحد من آثار هذا التغير ويأتي ضمن هذه الرؤية ضرورة اتخاذ جميع المؤسسات خطوات جريئة وفورية في اتجاه الاستثمار في الرقمنة والتحول الرقمي والتي من شأنها خفض الانبعاثات الكربونية ورفع الكفاءة في جميع قطاعات الاقتصاد.

دور الأفراد

أشار التقرير لضرورة تحمل المسؤولية الفردية من قبل الأفراد للتصرف حيال المخاوف المتعلقة بتغير المناخ. فالقرارات الفردية من قبيل اختيار الاستثمار في صناديق التقاعد والأسهم التابعة لمؤسسات تتسم بالمسؤولية البيئية ستؤدي إلى الضغط على الشركات للمساهمة والقيام بدورها في التصدي لأزمة المناخ. كما أن الحد من السفر في رحلات العمل يعد مثالًا جيدًا لأحد الطرق التي يمكن للشركات والأفراد من خلالها تقليل انبعاثات الكربون.

الاستفادة من التكنولوجيا

نبه التقرير إلى أنه يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دورًا رئيسيًا في دعم العمل المناخي في أنحاء العالم. هذه الحلول قد تشمل ابتكارات تساعد مختلف القطاعات على التحكم في الانبعاثات الناتجة عنها والوصول لأفكار قائمة على بيانات محددة ومستنيرة تستطيع أن تساعد في اتخاذ قرارات بناءة تؤثر إيجابيًا على المناخ، فعلى مدى السنوات المقبلة، ستلعب تقنيات الاتصال المتطورة دورًا رئيسيًا في تحول المنطقة إلى اقتصادات قائمة على المعرفة وتقديم الخدمات مرتفعة القيمة. كما ستعزز التكنولوجيا جهود المنطقة لمتابعة المبادرات المتعلقة بالاستدامة وقياس مدى نجاحها والتأكد من تنفيذها بالصورة المطلوبة. كل ذلك، بينما تسرع من التحول تجاه استغلال الطاقة المتجددة وتمكين هذا التحول نحو استدامة الطاقة.

الجهات المسؤولة عن استدامة البيئة الاقتصادية وأدوارها الحكومات:

لها دور أساسي في تحديد أجندة الأولويات والتغييرات التي يجب تنفيذها وتحديد السياسات.

المؤسسات:

تحديد مدى الأثر البيئي الناتج عن عملياتها، بما في ذلك سلاسل القيمة الاقتصادية المرتبطة بها، ومدى ارتباطها بتغير المناخ.

الأفراد:

اختيار الاستثمار في صناديق التقاعد والأسهم التابعة لمؤسسات تتسم بالمسؤولية البيئية ستؤدي إلى الضغط على الشركات للمساهمة والقيام بدورها في التصدي لأزمة المناخ.