اتسعت دائرة إنشاد الشيلات في الوسط الفني في مناطق المملكة، وتميزت منطقة نجران بأسماء مميزة في هذا اللون الفلكلوري، وامتلكت قاعدة جماهيرية على برامج التواصل الاجتماعي، وأصبح الجمهور أكبر مروّج لهذه الأعمال الفنية بتصميمها في حساباته الشخصية كخلفيات صوتية مرئية لمواقف مجتمعية مختلفة، ولكل منصة معادلة حسابية مالية للناشر حيث تستفيد منها المنصة بجذب المشاهدين والمستمعين للمحتوى، خصوصًا الشيلات حيث تنشر المنصة أو القناة من خلالها الدعاية المرئية والصوتية بشكل إجباري للمشاهد، ويرصد للناشر من قبل الشركة حسب المشاهدات التي تبدأ من مليون مشاهدة وأكثر.

في منصة واحدة أو قناة نشر واحدة مشهورة في وسائل التواصل الاجتماعي تم رصد أكثر من مليار مشاهدة لهذه القناة بأعمال المنشدين من منطقة نجران خلال سنة 2022، حيث قدرت قيمة هذه المشاهدات بنحو 3.75 مليون ريال كحد أدنى بمعدل 1 دولار لكل 1000 مشاهدة، وتختلف نسب القيمة من هذه الشركة حسب الموقع الجغرافي والتي قد تصل إلى 2 دولار لكل 1000 مشاهدة.

وتميز اللحن الجنوبي الصادر من فلكلور نجران بصدارة غير مسبوقة بعدد المشاهدات على مستوى المملكة.

المسحوب رفيق الخلوة

يؤكد مدير الثقافة والفنون في نجران علي ناشر كزمان أن النشيد أو الغناء بشكله الفردي الصوتي دون أدوات وآلات موسيقية من أساسيات التراث الفلكلوري النجراني مثل الدندنة أو ما يسمى بـ«المسحوب» كان رفيق الإنسان النجراني في خلواته وجلساته حيث أن المسحوب والدندنة (جر الصوت) بأنغام تميل إلى الحزن تنفس عن مكنونات النفس، وتعطي ارتياحًا للشخص المنشد، وأيضًا أغلب الأعمال التي كان يزاولها المجتمع النجراني كالبناء أو الحصاد أو جني التمر من النخيل والرعي والحرف اليدوية الأخرى، دائمًا ما يصاحبها نشيد فردي أو جماعي والشيلات الآن هي امتداد طبيعي لتلك الأناشيد فهي في الأخير فلكلور أصيل أساسه تلك الأناشيد القديمة، فبالتالي هي حنين للماضي بكل جماله وألحانه وأصالته، وهذا هو سر تميزه واستمراره رغم ما أدخل عليه عند بعض المنشدين من آلات موسيقية كتطوير.

مردود مالي جيد

واصل كزمان «المردود المادي للمنشدين شيء أساسي ورافد مالي، فبعضهم يؤدي شيلة على طلب محدد لأشخاص أو شخص معين باتفاق على سعر معين يرتضيه الطرفين، علاوة على أن نشرها في قنوات التواصل مصاحب لإعلانات تجارية يستفيد منها المنشد، وهناك من يحيي حفلات خاصة أو عامة أو أوبريت في مهرجان أو احتفالات وطنية كل ذلك يعود بمقابل مادي.

حقوق فكرية

ختم كزمان»سابقاً لم يكن هناك حقوق فكرية للمنشدين، وحتى أن بعض المنشدين يعتمدون على ألحان لفنانين كبار أو من الفلكلور مع تعديلات طفيفة فهم يمارسون الصورة العكسية للحقوق الفكرية، ولا أعرف هل هناك تسجيل أو بطاقة مهنية للمنشد تضمن له إنتاجه وحقوقه أم لا، ولأن نشر أعمال المنشدين من خلال قنوات التواصل يجعلها مشاع للجميع، وفي اعتقادي ليس هناك شركة إنتاج تسوق أعمالهم وتضمن لهم حقهم المادي.

عملية تكاملية

يرى الناشط الاجتماعي ثامر آل مخلص أن هناك أرباحًا كبيرة تتحقق من الشيلات من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، وتحسب بطريقة معقدة وآليات مختلفة حسب كل دولة، لكن ما يحصل عليه المنشد لا يقارن أبدًا بالمجهود المبذول منه لإخراج الشيلة بصورة جميلة عبر اختيار الكلمات وإتقان اللحن وتكاليف استديو التسجيل التي تعد عالية جدًا حسب جودة الأدوات المستخدمة في التسجيل، وهندسة المختصين للتسجيل، وهي عمليه تكاملية فالموروث الشعبي لم يصل إلى جميع دول الخليج والوطن العربي إلا عندما تغنى به أبناؤه ووضعوه على القنوات التي يتابعها الملايين، فكان لها دور في تميزهم وكانوا سببًا في إيصالها.

تميز الموروث

يوضح المنشد وليد سالم آل لبيد أن «سر تميز ألوان الموروث للفنون الشعبية في منطقة مثل الزامل والرازف والمثلوثة في الغالب أنها تكون ألحانا صعب اتقانها».

وعن الجانب المادي، قال «نستفيد من انتشار الشيلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ماليًا، لكن للعمل تكاليف في الفكر والمادة، أما من ناحية الفكر فيتمثل في اختيار الكلمات واللحن الذي يناسبها، واختيار الوقت المناسب لطرح العمل، أما المادة فتتمثل في تكاليف الاستديو وتكلفة التوزيع، حيث إن أغلبية الأعمال يتم توزيعها في مصر وعبر شركات محترفة متخصصة، ولكن بمبالغ كبيرة للعمل الواحد لإنتاجه بشكل مميز وناجح بكل المقاييس».