فيما أبهر تطبيق «تشات جي بي تي» ChatGPT، الذي أعلن عنه في نوفمبر الماضي، الجميع عبر نجاحه في اجتياز أحد أقوى الامتحانات للحصول على ترخيص ممارسة مهنة الطب في الولايات المتحدة، وفقا لموقع «ساينس آلرت» العملي، أشارت تقديرات إلى أن هذا التطبيق (روبوت الدردشة الشهير من أوبن إيه آي (OpenAI)، وصل إلى 100 مليون مستخدم نشط شهريا في يناير الماضي، بعد شهرين فقط من إطلاقه، مما يجعله تطبيق المستهلك الأسرع نموا في التاريخ، وفقا لتقرير رويترز (Reuters) الذي نشر دراسة أجرتها يو بي إس (UBS).

مستويات مضاعفة

قال التقرير، نقلا عن بيانات من شركة سيميلار ويب (Similar web) للتحليلات، إن ما معدله 13 مليون زائر استخدم شات جي بي تي يوميا في يناير، أي أكثر من ضعف مستويات ديسمبر الماضي.

وكتب محللو يو بي إس في المذكرة «في 20 عاما بعد فضاء الإنترنت، لا يمكننا أن نتذكر ارتفاعا أسرع في تطبيق الإنترنت الخاص بالمستهلكين».

واستغرق تطبيق تيك توك (TikTok) حوالي 9 أشهر بعد إطلاقه العالمي ليصل إلى 100 مليون مستخدم، في حين احتاج إنستجرام (Instagram) إلى ما بين عام وعامين، وفقا للبيانات.

ويمكن لشات جي بي تي إنشاء مقالات ونكات وحتى أشعار وقصص استجابة للمطالبات. وقامت شركة أوبن إيه آي، وهي شركة خاصة مدعومة من مايكروسوفت (Microsoft)، بإتاحة هذه الخدمة للجمهور مجانا في أواخر نوفمبر.

خدمة بمقابل

أعلنت شركة أوبن إيه آي عن اشتراك شهري قدره 20 دولارا مبدئيا للمستخدمين في الولايات المتحدة فقط. ويعتقد المحللون أن الإطلاق الكبير لشات جي بي تي سيمنح أوبن إيه آي ميزة الريادة على شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى.

اجتياح رغم الحظر

على الرغم من أن تطبيق «تشات جي بي تي» تم حظره في الصين من قبل الشركة المالكة له، إلا أن ثة ولع شديد به فيها، وقال دينج داوشي، مدير شركة استشارات الإنترنت «Sootoo» ومقرها بكين «تطبيق تشات جي بي تي ساعدنا ودون سابق إنذار في تحقيق تفاعل كبير بين الإنسان والحاسوب وبشكل أسرع».

ورغم أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لمنظمة «أوبن إيه آي» OpenAI و تطبيق ChatGPT غير محظورة من قبل السلطات الصينية، إلا أن المنظمة لا تسمح بوصولها إلى للمستخدمين في البر الرئيسي للصين وهونج كونج وإيران وروسيا وأجزاء من قارة إفريقيا.

و«أوبن إيه آي» هي منظمة غير ربحية لأبحاث الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تعزيز وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي بحيث تكون آمنة من المخاطر، وتهدف إلى التعاون بحرية مع المؤسسات والباحثين الآخرين من خلال جعل براءات الاختراع والبحوث مفتوحة المصدر للجمهور، ويعد الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، من أبرز المستثمرين والداعمين لها.

ونجح كثير من سكان الصين في الوصول إلى تطبيق «تشات جي بي تي» عبر برامج كسر البروكسي واستخدام أرقام هواتف أجنبية وغير ذلك من الطرق.

خطوة مذهلة نجح تشات جي بي تي في اجتياز أحد أقوى الامتحانات للحصول على ترخيص ممارسة مهنة الطب في الولايات المتحدة.

وحسب دراسة نشرت في مجلة «بلوس ديجيتل هيلث» فإن التطبيق الذي يعتمد على خورازميات هائلة من الذكاء الاصطناعي قد اقترب من الحصول على علامة النجاح في امتحان الترخيص الطبي الأمريكي.

ويمتاز ذلك الامتحان بصعوبة كبيرة فهو يتطلب عادةً حوالي 300 إلى 400 ساعة من التحضير لإكماله، إذ يغطي كثيرا من مفاهيم العلوم الأساسية وصولا إلى أخلاقيات علوم البيولوجيا.

وينقسم الامتحان إلى 3 أجزاء، يخضع المختبرون للقسم الأول بعد نحو عامين من الدراسة، وللثاني بعد أربعة أعوام، في حين أن تجاوز الجزء الأخير يعتبر بمثابة خطوة أساسية وهامة نحو مزاولة الطب في أمريكا، علما أن هناك اختبارات أخرى بحسب الاختصاصات وبعض الهيئات الطبية الأخرى.

350 سؤالا

خضع التطبيق لاختبار تضمن 350 سؤالا من أصل 376 منشورة على موقع «فحص الترخيص الطبي في الولايات المتحدة»، وهي كانت موجودة في امتحان يونيو من العام الماضي.

وتراوحت نسبة الإجابات الصحيحة بين 52.4 % و75 %، علما أن النسبة المطلوبة عموما للنجاح في الامتحان هي 60 %.

ويعتمد تطبيق «تشات جي بي تي» بقدرته على معالجة وتنسيق البيانات بفضل لغة «OpenAI»، التي تعتمد خوارزميات التعلّم الآلي التي تتطوّر بشكل مستمر لتكون قادرة على إنشاء وفهم النصوص المكتوبة، والتي ستؤثر بشكل أو بآخر على عدد كبير من الوظائف التي يقوم بشغيلها البشر.

ويعمد التطبيق إلى جمع البيانات النصية ومعالجتها والعمل على تطويرها باستمرار، ليكون قادرا على منع الخطأ البشري، لتقديم جمل وعبارات طويلة وصريحة وواضحة، يصعب تفريقها عما يكتبه البشر.

اقتراب من الهامش

بالنسبة لاختبار امتحان الترخيص الطبي الأمريكي، فقد خلص الباحثون إلى أن تطبيق «تشات جي بي تي» يقترب من هامش النجاح.

واعتبرت الباحثة في جامعة مدريد المستقلة، لوثيا أورتيث دي ثاراتيه، أن هذه الدراسة تبيّن إمكانات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، لافتة إلى أنه يمكن أن يكون مفيدا للأطباء عندما يتولون التشخيص ووصف العلاج.