ارتبط العقال الذي عرف في الخليج العربي، وسوريا والعراق والأردن، دوما بأنه دلالة الرجولة، بكثير من الحكايات التي تتحدث عن تاريخ نشوئه وتطوره، حيث لم يعد مجرد تكملة للزي واللباس التقليدي لدى العرب، بل رمزٌ للرجولة عندهم.

وتشير روايات إلى أن اسم «العقال»، وهو رباط يوضع على الرأس، مأخوذ من عقال الناقة، وهو الحبل الذي تقيّد أو تُعقل به حتى لا تبتعد عن المراعي، وكان رعاة الإبل يحرصون على أخذ حبل يلف على هامة الرأس، يبقى ملفوفاً على الرأس إلى حين يحتاجونه لعقل إبلهم.

ومع مرور الوقت تحول العقال إلى جزء رئيس من قيافة الرجل وهندامه، ويقال إن لونه كان أبيض، ثم تحول إلى اللون الأسود القاتم أواخر العصر الأندلسي الأليم، تعبيراً عن حزن المسلمين على سقوط الأندلس.

اكتشاف بالصدفة

مع التأكيد على رواية أن اسم العقال جاء من عقال البعير، ذكرت رواية أخرى أن عقل البعير ونحوه، أو ضم رسغ يده إلى عضده، وربطهما معا بالعقال ليبقى باركا، وعندما يقوم صاحب الإبل بفك بعض عقالها يضعه على رأسه كي لا يضيع العقال، لكن من فعلوا ذلك اكتشفوا أن العقال الذي استخدموه ثبّت العمامة من السقوط عند الحركة، أو عند هبوب الرياح فأصبح يستخدم بشكل دائم.

كسرى والنعمان

تشير رواية أخرى شائعة إلى أن كسرى الثاني «خسرو» أراد الزواج من ابنة النعمان بن المنذر ملك الحيرة، فوافق النعمان لكن شرط أن يعرض أمر ابنته على العرب، فإن وافقوا زوجها من كسرى، لكنه في النهاية رفض تزويجها له، فغضب كسرى عليه واستدعاه، ووضع في يده عقال بعير وعذبه حتى الموت، ولما عرف العرب بذلك قالوا تشريفاً لعقال البعير، الذي ربط فيه النعمان نضعه على رؤوسنا.

بدايات

يعتقد كثيرون أن العقال ظهر لأول مرة بشكله الحالي، في شمال الجزيرة العربية، في أوائل القرن الـ18 الميلادي، ويعتقدون أن ارتداءه انتشر من وسط وشمال الجزيرة العربية، إلى بقية العرب في العراق والأهواز، والشام والأردن وجزيرة سيناء.

أنواع

يوضح الباحث محمد العبدلي، أن هناك أنواعا عدة للعقال، منها الخـزام، وهو حبل رفيع تخزم به الناقة والبعيـر، غير أنـه كنوع من أنواع العقل كـان يصنع من الصوف أو الوبر على شكل حبلين طويلين، لهما نهايتان تدخل إحداهما فيما يشبه العقدة لتثبيته على الرأس، ويصبغ باللون الأسود.

وهناك العقـال الأبيـض: وهو يشبه العقال الأسود المستعمل اليوم، إلا أنه أبيض اللون، ويكون سميكاً نوعاً ما، ويلبس بأن يطبق بعضه على بعض، ولا تكون به زوائد، وقد لبس قبل الأسود، وكان يعد من ملابس العلماء المسلمين من أهل السنة وأئمة المساجد، والمتقدمين في العمر، وهو مصنوع من الصوف، ولونه الغالب الأبيـض.

وهناك أيضاً الشـطفة، ويعتقد أنها أتت من سوريا، وتسمى العقال المقصب، وتصنع من خيوط الصوف، إلا أن محيطها تعقد عليه 8 عقد، أو 12 عقدة، وربما أكثر إذا كانت العقد صغيرة الحجم، وعندما تطبق الشطفة، وتدار حول الرأس، يراعى أن تتزاوج العقد، بحيث تقترن كل اثنتين معـاً.

وتلبس الشطفة بأن توضع فوق الغترة، ولون الشطفة الشائع هو اللون الأسود، غير أن العقد كانت تغطى عادة بالزري أو خيط الذهب.

والعقال المقصب بألوان الذهب: وهو مربع الشكل ولا يلبسه إلا من هم من علية القوم، مثل شيخ القبيلة أو أميرها، وذلك ليميزه عن غيره من الناس.

والعقال الأسود، المستخدم الآن وهو الشائع في دول الخليج، إضافة إلى العراق وسوريا والأردن وفلسطين، ويصنع من الصوف، ويصبغ باللون الأسود، وتختلف أنواعه من حيث السمك والجودة والزوائد.

العقال المرعز، يعد من أجود الأنواع.

وبعض العقل تكون دون زوائد، وبعضها بزوائد تتدلى على مؤخرة رأس الرجل عند لباسه إياه، ولديه العديد من الأنواع والتسميات، مثل عقال حب اللؤلؤ، وعقال الصوف، وعقال الوبر وعقال المخمل.

والاختلاف بين هذه الأنواع هو طريقة اللف والمواد المصنعة له.

تفريق

على الرغم من أن البعض يقول، إن العقال المقصب عرف باسم «الشطفة»، إلا أن هناك من يميز بينهما ويقول إن العقال المقصب ليس هو الشطفو، حيث يشير حمد السعيدان في الموسوعة الكويتية المختصرة، إلى أن الشطفة «عقال من الحرير محزز بالزري، وكان الكويتيون في الماضي يلبسونه فوق الغترة.. فيلاحظ أن الشطفة تختلف تماما عن العقال الزري المقصب». والذي ظهر أولا كما تدل عليه الصور القديمة هو الشطفة، ثم طور شكلها لتصبح العقال المقصب، الذي يغلب عليه الزري أو الخيوط الذهبية أو الفضية، بينما الشطفة تغلب عليها الخيوط السوداء ويقل فيها الزري.

وفي الإمارات، يذكر الباحث الإماراتي ناصر بن حسين العبودي في كتابه، «الأزياء الشعبية الرجالية في دولة الإمارات وسلطنة عمان» أن «أقدم استخدام معروف للبس للعقال المقصب يرجع لعهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان 1855 – 1909»، من خلال دراسة مجموعة من الرسومات اليدوية القديمة.