يرتبط مفهوم التنمية المستدامة ومؤشراتها بجميع مكونات التنمية، سواء التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية، أو ما يتصل بالبيئة وما تحتويه من موارد طبيعية، وما يتطلب ذلك جميعه من الترشيد في الاستهلاك وتقنين الاستثمار، بما يتيح الاستفادة الحالية من المقدرات مع المحافظة عليها للأجيال القادمة.

انطلاقاً من مستهدفات رؤية 2030 تمضي المملكة بجهود حثيثة نحو تحقيق قفزة نوعية ورائدة في مجال التنمية المستدامة في جميع قطاعاتها، ومنها حماية البيئة وتنمية الغطاء النباتي كإستراتيجية وطنية تستهدف حماية البيئة للحد من التصحر، وتعزيز التنوع الإحيائي، بما يحقق بيئة أكثر استدامة ويرتقي بجودة الحياة في مختلف مكوناتها.

اعتمدت المملكة العديد من الإستراتيجيات والخطط الوطنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، حتى برزت السعودية في مؤشرات التنمية المستدامة الدولية، كأحد البلدان التي لديها آليات لتعزيز اتساق سياسات التنمية المستدامة، والتي تبلورت في الإستراتيجية الوطنية للبيئة، وإستراتيجية المحافظة على التنوع الإحيائي، وإعادة الغطاء النباتي بمنطقة الرياض، والخطة الوطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية، ومواجهة الكوارث البحرية، والخطة الوطنية للحوادث الكيميائية.

منذ إطلاق رؤية 2030 والمملكة تبذل جهوداً كبيرة لحماية البيئة وتقليل آثار التغير المناخي، ويتضمن ذلك مساعيها نحو زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتخفيض انبعاثات الكربون ومكافحة التغير المناخي بتشجير الصحراء وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي خلال العقود المقبلة، والذي يُعد حجر الأساس في مبادرة السعودية الخضراء، باعتبار أن التشجير يؤدي إلى تحسين جودة الهواء ويحد من العواصف الغبارية والرملية ويحد من التصحر وجرف التربة، كما يُسهم في تخفيض درجة الحرارة وتلطيف الجو معظم أيام السنة.

في 23 أكتوبر من العام 2021، كان إطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر في نسختها الأولى، وفي 7 نوفمبر من العام 2022 تم إطلاق نسختها الثانية في مؤتمر المناخ العالمي المنعقد في شرم الشيخ.

مبادرة السعودية الخضراء مبادرة وطنية طموحة تستهدف مكافحة تغير المناخ ورفع مستوى جودة الحياة وحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة، وتسعى مبادرة السعودية الخضراء إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة هي: خفض الانبعاثات، والتشجير، وحماية الأرض والطبيعة.

انبثق عن المبادرة في نسختها الأولى خارطة طريق تضمنت 60 مبادرة للمساهمة في تحقيق أهداف السعودية الخضراء، وقد وصلت قيمة استثمارات الحزمة الأولى من المبادرات إلى أكثر من 700 مليارات ريال للمساهمة في تنمية الاقتصاد الأخضر.

تسعى مبادرة السعودية الخضراء إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال:

- الإشراف على جميع جهود المملكة وتوحيدها لمكافحة تغير المناخ تحت مظلة واحدة بهدف واضح مشترك.

-توحيد جهود القطاعين الحكومي والخاص لتحديد ودعم فرص التعاون والابتكار.

-تعزيز الاقتصاد الأخضر في حزمته الأولى المتضمنة 60 مبادرة ومشروعاً في مبادرة السعودية الخضراء.

-تسريع الانتقال الأخضر والاضطلاع بدور رائد عالمياً في تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون.

-رفع مستوى جودة الحياة وحماية البيئة للأجيال القادمة في المملكة العربية السعودية.

-تلتزم المبادرة بإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي واستعادة المساحات الخضراء الطبيعية في المملكة.

-تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030.

-تشجير السعودية بما يتضمن تشجير الصحراء بزراعة 10 مليارات شجرة، وحماية المناطق البرية والبحرية.

من ثمار مبادرة السعودية الخضراء أنها حصدت جهودها في مشروعات حقيقية تبلورت في:

- زراعة 8.4 ملايين شجرة في المملكة.

- زراعة 59.000 شجرة في إطار مشروع الرياض الخضراء.

- إنتاج 250.000 شتلة في مشاتل العلا.

-هناك 100.000 منزل وأكثر تعمل بالطاقة النظيفة.

-هناك 17 مشروعا للطاقة المتجددة قيد التطوير حالياً.

-هناك 8000 مبنى حكومي تمت إعادة تأهيله.

في إطار تنفيذ مبادرة السعودية الخضراء، يلاحظ وجود الكثير من الأراضي الفضاء التي تتخلل الأحياء أو تجاورها، بعضها تم التخطيط له كحدائق في توزيع الأراضي بالمخطط، ولكن بعد تنفيذ المخططات والسكنى فيها؛ نجد أنها ما تزال تلك الأراضي جرداء رغم اتساع مساحتها دون استثمارها في التشجير المطلوب تحقيقاً لرؤية 2030 نحو السعودية الخضراء، وترجمة لبرنامج جودة الحياة ومتطلباته، علاوة على ما نسعى إليه نحو أنسنة المدن وتحسين المظهر الحضري للمدن والأحياء، يضاف إلى ذلك الحاجة إلى توفير مساحات فضاء بين الأحياء وتهيئتها كملاعب للشباب من سكان الحي، وفي ذلك استقطاب ودفع للشباب نحو ممارسة الرياضة في أوقات الفراغ المهدرة، وحفظاً لهم من مخاطر قد يتعرضون لها أثناء ممارستهم لها في شوارع الأحياء.

التعاون بين الجهات الحكومية المعنية بالتشجير والغطاء النباتي وأنسنة المدن، ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة كجمعيات البيئة ومجالس الأحياء؛ مطلوب ومهم في تسهيل منح الأفراد شتلات زراعية ونباتات مرغوب زراعتها، لزيادة الرقعة الزراعية ودفع أفراد المجتمع نحو الاهتمام بالمحافظة على مزارعهم- إن وجدت- وتحفيزهم لتشجير منازلهم وحماية الأراضي المزروعة، وذلك يتطلب كذلك مشاركة الإعلام والتعليم في الترويج لأهمية نشر ثقافة التشجير والمحافظة على الأرض المزروعة بين أفراد المجتمع وزيادة رقعتها، كإحدى وسائل حماية البيئة والحفاظ على استدامتها.