لماذا هناك ذكاء اصطناعي؟.. كل ما حولنا يصبح ذكيا إلا الإنسان، سيعتمد في حياته على هذه الأجهزة، يثق بها، لتعمل عنه، فالذكاء الاصطناعي هو تمكين الأجهزة من تنفيذ المهام التي يستطيع العقل البشري فعلها باستخدام تقنيات، لأداء مهام مختلفة، أو بمعنى آخر هو نظام تعلم مستقل غير بيولوجي، موجود في كل مكان (المنازل - المكاتب - وسائل النقل - البنوك)، وعلى الكواكب الأخرى في صورة رواد فضاء.

ثورة الذكاء الاصطناعي تضاف لثورات أخرى، ففي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر كانت الثورة الصناعية الأولى بالانتقال من العمل اليدوي إلى التصنيع بواسطة الآلات، وتبعتها ثورة ثانية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بظهور الإنتاج الجماعي، والكهرباء وتطوير خط الإنتاج، والبرقيات والهواتف، وإدخال المواد الكيميائية في الصناعة، ثم تلتها الثورة الرقمية، واستمر الإنسان في استثمار معرفته وذكائه، ليعمر الأرض، وجعل الحياة أكثر سهولة.

مفهوم الذكاء الاصطناعى ظهر في 1956 نتيجة أبحاث العالم البريطانى «آلان تورينج» الذى استخدم حواسيب تحاكي الذكاء البشري في فك الشفرة الألمانية، مما أحدث لحد كبير تغييرا عكسيا فى مسار الحرب العالمية الثانية، واستسلام ألمانيا.

أخذ الذكاء الاصطناعي يتطور مع الأيام، حتى أصبح جزءا من كل شيء، في الحرب والسلم، والتعليم والطب.

الاستخدام الأكثر شيوعا للذكاء الاصطناعي ربما يكون في الساعات والأجهزة الإلكترونية التي ترصد بدقة دقات القلب وضغط الدم ومستوى السكر، وتتنبأ بقرب حدوث جلطة قلبية أو دماغية أو غيبوبة سكر، وترسل رسائل تنبيهية لفرق الإسعاف، للتدخل المبكر، ومنع أى مضاعفات ممكن أن تودي بحياة إنسان.

دخل الروبوت غرفة العمليات مع الجراحين، لتصل يده إلى مناطق لا تصل إليها يد الجراح، ويكتشف ما لم يكتشفه من خلال ثقوب صغيرة بدلا من شق جراحي كبير، يترك ندبات لوقت طويل، ليتعافى المريض بسرعة، خاصة في جراحة القلب والشرايين وإزالة الأورام.

الحواسيب الذكية تقرأ التصوير السيني والمغناطيسي والإشعاعي المقطعي، وتعد التقارير كأنها طبيب أشعة، وتكتشف الأورام في مراحلها المبكرة.

بينما تتنافس كبريات الشركات العالمية على إدخال المزيد من التطبيقات القابلة للاستخدام في المجال الطبي.

وعلى الرغم من أن الإنسان هو من طور الحواسيب، لتعمل بطريقة تحاكي ذكاءه، فإنها تفوقت عليه، ففي إحدى الدراسات تم اختبار قدرات 18 طبيبا في التشخيص التصويري، فتفوق الحاسوب على 17 منهم.

التفاعل الذي نشعر به مع أطبائنا أو مرضانا كبشر مثل الشعور بالراحة معهم من عدمه لا أعرف إن كان أخذ بالحسبان، على الرغم من معالجة الحواسيب الذكية، لتكون قادرة على فهم اللغات، والاستجابة للغرائز البيولوجية مثل الخوف والتشجيع والتأقلم؟ّ!، لكن كيف نشعر بالراحة معها؟ أليست «الأرواح جنود مجندة.. ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»؟!.

أصبحنا ندردش معها، نسألها وتجيبنا، نستأمنها على أدق تفاصيلنا.. روبوت الدردشة يكتب الشعر والأغاني، ويؤلف الموسيقى، ويحكي، وإذا ما أحتاج شخص مقالا كتبه عنه، يجيب عن أسئلة الاختبارات بمستوى أعلى من متوسط المتقدمين البشريين للاختبار، حسب صعوبة الأسئلة.. ألم يحمّل قرابة مليون شخص حول العالم تطبيق GPT، الذي أطلق نهاية 2022، ليُجيب عن أسئلتك، يُلهمك، ويفعل الكثير عنك.

الطب ظهر مع نشأة الإنسان، فهل سيحل الروبوت مكان الطبيب والممرض؟ هل سيعاني الأطباء تفوق الحاسوب الذكي في الأداء، فتقل الثقة فيهم والإقبال عليهم؟ هل سيتقلص تخصص طب الأشعة التشخيصية؟ هل سيحل

بدلا عن مذيع الأخبار، والمحاسب، وغيرهم؟.. هناك مهن قضت عليها الثورات الصناعية المتتالية، في العالم الإسلامي «المسحراتي»، الذي أغنتنا عنه منبهات الساعات، وحائكو الأنسجة بأيديهم حلت محلهم آلات النسيج الحديثة، فاستغنت عنهم المصانع.. ألم تُطح الرسائل النصية والبريد الإلكتروني بمهنة ساعي البريد؟. كذلك لم تعد هناك حاجة للآلات الكاتبة وموظفيها في المكاتب منذ زمن، فالأجهزة الذكية أغنت عنهم.

تأثير الذكاء الاصطناعي في القوى العاملة سيكون كبيرا، فبينما يوفر فرصًا كبيرة لزيادة الإنتاجية والابتكار، فإنه سيعرض الوظائف التقليدية للتهديد، ويمكن أن يلغيها، ويغيّر متطلبات مهارات القوى العاملة.

لذا على الإنسان أن يطور مهاراته دائما، ليبقى هو الأذكى، حتى لا يصبح كائنا للتكاثر فقط.