يستولي الهلع على كثيرين مع الخطوات المتسارعة المذهلة التي يشهدها عالم التقنية، واختراق الروبوتات التي تزداد قدراتها وتتسع مجالات تطبيقاتها لعالمنا، وتمكين هذه الكائنات الاصطناعية من تأدية مهام وأدوار لم تكن تخطر في السابق على بال.

وكلما أوغلنا في التقدم، ازدادت المخاوف من أن الربوتات ستحل محل البشر، وستحيلهم إلى البطالة، وهو ما يحاول بعض المختصين نفيه، ساعين إلى التهدئة من تلك المخاوف التي يرون أنها مبالغة أكثر من واقعا.

الاستحواذ على الوظائف

يقر المتخصص في هندسة البرمجيات وتقنية المعلومات، عضو هيئة التدريب بالكلية التقنية بنجران المهندس علي آل عتيق بأن الروبوتات تتجه للاستحواذ على المهن والوظائف وأن هذا هو ما يثير هلع كثيرين، لكنه يرى أنه بالعودة إلى المهارات الجديدة التي ستنمو في غضون السنوات الـ5 المقبلة يبدو أنه لن يتم الاستغناء عن العمل البشري، خصوصًا الإبداع والتفكير النقدي والابتكار والوظائف التي تفترض توافر الذكاء العاطفي وحل المشكلات المعقدة غير الرياضية والحسابية.

وقال «هناك اتجاهات فكرية تُحذِر من التطور المُفرط والفائق للآلة الذكية، وتحذر من نشوب حربٍ مُقبلة بين البشر والآلات، يقابلها اتجاه يدعو إلى الاحتفاء بعصر الآلات الهجينة التي ستمكن الإنسان من تجاوُز ضعفه».

استبدال السلوكيات

يضيف آل عتيق: «من المهم أن ندرك أن الروبوتات ستتولى المهام الروتينية التي تستغرق كثيراً من الوقت لو قام بها البشر، لكن لن يكون سهلا استبدال العواطف والسلوكيات البشرية التي يتعرف عليها العملاء والجمهور، وحتى اليوم ما زال العملاء يفضلون التحدث إلى ممثلي خدمة العملاء البشريين على برامج الروبوت عندما يواجهون مشكلة».

مهارات غير قابلة للاستغناء

يؤكد آل عتيق أن «الشركات تحتاج دائمًا إلى رئيس تنفيذي أو مديرين يتمتعون بذكاء عاطفي قوي ومهارات أخرى موجهة نحو العمل الجماعي. وبالمثل قد لا يستبدل الذكاء الاصطناعي بسهولة دورًا أو خدمة إبداعية تتطلب من الموظفين التفكير خارج الصندوق أو تجربة شيء لم يتم القيام به بعد».

وينصح «للمحافظة على وظيفتك بأفضل طريقة ودرء خطر سيطرة الروبوتات عليها عليك تحديد المهارات والسمات التي لا يمكن الاستغناء عنها والتركيز عليها وتحسينها كلما استطعت، فمثلا يمكنك اتباع دورة في مهارة تتسم بالإبداع مثل التحدث أمام الجمهور أو الكتابة أو التصميم الجرافيكي، وبهذا لو تغيرت تغيرت وظيفتك يمكنك الانتقال بسهولة إلى دور آخر، وقد تبدو أكثر قيمة لمدير التوظيف لامتلاكك مجموعة مهارات لوجستية وإبداعية».

تأثير على النمط

يشدد آل عتيق على تأثير الروبوتات على نمط حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وقال «تم تطوير برامج الدردشة الآلية لتوفير علاقات افتراضية لأولئك الذين يشعرون بالعزلة أو الوحدة، وستحدث الآلات ثورة في التعارف عبر الإنترنت من خلال تحسين المنصات الحالية باستخدام خوارزميات جديدة توفر مزيدًا من التوفيق بين الأشخاص».

محفوفة بالغموض

بالرغم مما تقدمه التقنيات الحديثة في رفع الجودة وزيادة الإمكانات وكفاءة الأعمال وتحسين الإنتاجية، فإن آل عتيق يرى أنها ما زالت محفوفة بالغموض أو المبالغة التي ترفع مستوى التوقعات وتشكل صورة غير واقعية؟

بيئة مناسبة

يعتقد الخبير التقني طارق الجاسر أن التقدم في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات والتقنيات الناشئة هيأ بيئة مناسبة للروبوت مثل الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة والبلوك تشين وغيرها، وهذا أضاف ممكنات للروبوت جعلته مساندًا للإنسان في الخدمات، الصناعة، الرعاية الصحية، الإنقاذ، الفضاء، الأمن والسلامة، إضافة إلى توفيره فرصا وظيفية واعدة مثل البرمجيات وهندستها وهندسة الروبوت والمهن التصنيعية والتقنية فيه.

ويضيف «جميع المجالات الآن باتت متصلة ببعضها أكثر عبر التقنيات وعبر تمكين المبتكرين ورواد الأعمال، حيث أصبح الروبوت الآن متوفر بشكل افتراضي وبشكل واقعي للقيام بمهام كثيرة مساعدة، مثل المراقبة المنزلية للصغار في المنزل، وخدمة الزبائن في المطاعم، وعمليات التنظيف اليومية بأوقات وأماكن محددة، وهذا كله ونحن مازلنا في بداية الطريق ما يعني أن الفرص متاحة لدخول هذا المجال الذي يتوقع أن يكون له مستقبل فاعل».

مجالات متعددة

يشير الجاسر إلى أن الشركات العالمية مثل أمازون وعلي بابا وغيرها بدأت استخدام الروبوتات في مستودعاتها الكبيرة، وباتت تعتمد كليًا أو جزئيًا على الروبوت لجلب المنتجات لمندوب التوصيل وفرزها بسرعة من المستودعات، كما يتم استخدامها في بعض الأماكن للتعقيم والتنظيف».

ويتابع «مع ذلك فإن الروبوتات تبقى بحاجة إلى متابعة حالاتها على الأخص إذا ما تعطلت، ناهيك عن حاجتها إلى الصيانة وشحن الطاقة، وهذا كله ما يزال في أماكن كثيرة بحاجة إلى التدخل البشري».

‏ولكنه يضيف «بالرغم من التحديات أمام الروبوتات، فإن لها فوائدها، وتبقى بحاجة إلى مورد أصيل وهو عقول الشباب الذين عليهم دخول هذا المجال الواسع، ومن المؤكد أن التقنيات الناشئة ستوجد مسارات تعليمية كثيرة، وتوفر وظائف نوعية متخصصة جديدة وذات طلب عالٍ مستقبلًا، وتفتح أسواق مزدهرة، وستفتح مجالات للأسئلة من نوع: كيف تجد شريكًا مبرمجًا وأنت صانع هاردوير، أو كيف ستجد السوق المناسبة والفكرة المناسبة وتدعمها بالتجارب والتطوير والبحث؟».

في الميزان

يرجح كثيرون كفة التواصل الاجتماعي البشري على حساب ما توفره الروبوتات من خدمات فيما يتعلق بالمنازل، ويرى مهدي آل شرية، وهو رب أسرة، أن الروبوت قد يحقق فوائد على مستوى مراقبة الأطفال ونقل صورة حية للوالدين مما يوفر لهما الطمأنينة والراحة أثناء عدم وجودهم في المنزل، كما يمكن للروبوتات التفاعل صوتيًا مع الأطفال ما يوفر لهم وسيلة ترفيه وتسلية، لكنه بالمقابل لا يخلو من سلبيات تتعلق عند استخدام الكاميرات والميكروفونات في المنزل بمخاوف بشأن خصوصية الأطفال والبيانات الشخصية، حيث يمكن أن يكون استخدام الروبوتات في مراقبة الأطفال هدفًا لاختراق التقنية والتجسس.

كما أنه يرى أن التفاعل البشري بالغ الأهمية لتطوير الصغار، على عكس التعامل مع الروبوتات التي تؤثر سلبًا على التفاعل الاجتماعي الطبيعي بين الأطفال وأفراد عائلتهم.

مبررات تقلل حجم المبالغة من الروبوتات

ـ لن تستحوذ على كل المهن والوظائف

ـ الأعمال النمطية المتكررة هي مجالها الأوسع

ـ دورها ما يزال قاصرًا على مستوى التعامل الاجتماعي

ـ ما تزال قاصرة عن تحقيق التواصل البشري الذي يفضله العملاء

ـ تحتاج دومًا إلى المتابعة على مستوى الصيانة والشحن وغيرها

ـ تخلق فرصًا وظيفية عدة لها علاقة بمهارات الإبداع والابتكار