في الوقت الذي تدعي فيه وسائل إعلام غربية أنها تمتهن الحيادية، وتكتفي برصد الحدث ونقل وجهات نظر متباينة ومختلفة حياله، أشارت دراسة حديثة بأصابع الاتهام إلى شبكات الأخبار العالمية، وقدمت اثنتين من كبريات المنظمات الإعلامية كنموذج يسهم في تعزيز وزيادة الانقسام السياسي.

يقول باحثون من جامعة فرجينيا للتكنولوجيا إن عملاقي الأخبار الوطنيين CNN «سي إن إن» وFox News «فوكس نيوز» لا يعكسان الاستقطاب السياسي المتزايد في أمريكا فحسب، بل إن برامجهما الإذاعية الحزبية بشكل متزايد تعمل على تعميق الفجوة، خاصة في المجال الرقمي لوسائل التواصل الاجتماعي.

استخدمت يوجينيا رو، الأستاذة المساعدة في علوم الكمبيوتر في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي لفهم كيفية تأثير البث الإعلامي المتكرر على الخطاب العام حول المسائل المجتمعية المهمة.

«عندما نتحدث عن اللغة التي يتم تداولها وتشغيلها مرارًا وتكرارًا من قبل الجهات الفاعلة المؤثرة، كيف يؤثر ذلك على الطريقة التي يتحدث بها الجمهور عن القضايا الاجتماعية المهمة؟» هذه هي الأسئلة التي طرحتها رو، وخلصت إلى أن «التحليل الدقيق لمجموعات البيانات الضخمة مثل هذا يفتح آفاقًا جديدة تمامًا لفهم الوسائط وتأثيرها».

أبحاث التحيز

شدد مايك هورنينج، الصحفي السابق، الأستاذ المشارك حاليًا في الاتصالات، على تطور أبحاث التحيز الإعلامي، وقال «تاريخيًا، إذا أردنا معالجة سؤال كان يتعلق بالتحيز الإعلامي في الـ40 عامًا الماضية، فسيكون شخصًا ينظر إلى مجموعة بيانات ربما تتألف من 500 مقالة». ويشير هورنينج إلى أن هذا محدود للغاية. «لكن علماء الكمبيوتر قادرون الآن على مساعدتنا في معالجة بعض هذه الأسئلة الصعبة عن طريق تحليل كميات هائلة من البيانات، وهو ما لم نتمكن من القيام به من قبل. ولهذا السبب أعتقد أنه من الرائع جدًا أن أتمكن من العمل معهم».

معالجة اللغة الطبيعية

لفهم مدى هذا البث الحزبي الذي تمارسه المؤسستان، استخدم الفريق شكلًا من أشكال الذكاء الاصطناعي يُعرف باسم معالجة اللغة الطبيعية.

غطى تحليلهم ما يقرب من 300 مليار كلمة من عمليات بث CNN وFox News وفحص ما يقرب من 133000 تغريدة مرتبطة بهذه الشبكات من عام 2010 إلى عام 2020. وكانوا يهدفون إلى تحديد ما إذا كانت عمليات البث الوطنية هذه تحتوي على محتوى متحيز وتحريضي وما إذا كان هذا المحتوى قد أثر على متابعي الشبكات على الإنترنت، ومنها منصات التواصل الاجتماعي مثل X، المعروفة سابقًا باسم Twitter.

مصادر البيانات

شملت مصادر البيانات: نسخ البث على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع من قبل CNN وFox News من 2010 إلى 2020، مقدمة من أرشيف الإنترنت ومحلل أخبار تليفزيون كابل ستانفورد.

تغريدات من عام 2010 إلى عام 2020 تتعلق بـ6 مواضيع سياسية مثيرة للجدل، كتبها مستخدمون تفاعلوا مع كل من @CNN و@FoxNews أو تابعوهما.

أخبار من التليفزيون

أكد البحث أن الأمريكيين يستهلكون في الغالب الأخبار من التليفزيون، وغالبًا ما يختارون مصادرهم بناءً على التحيزات السياسية الموجودة مسبقًا.

تسلط النتائج التي توصل إليها رو وهورنينج الضوء على أن لغة البث تحدد بشكل كبير كيفية مشاركة المشاهدين في المناقشات الوطنية على المنصات الاجتماعية.

على سبيل المثال، كانت مناقشات الهجرة على قناة فوكس نيوز تتضمن في كثير من الأحيان كلمات مثل «غير قانوني» و«النظام»، في حين سلطت شبكة «سي إن إن» الضوء على مصطلحات مثل «الآباء» و«المجتمعات». وفي غضون أشهر، ظهرت هذه الأنماط اللغوية في مناقشات X بين متابعي الشبكة المعنية.

قوة الكلمات

تقول رو «إن للكلمات قوة هائلة وهائلة، ولها تأثير ملموس على حياة الناس». «عندما يكون لدينا هذا النمط الثابت الذي تتباعد فيه شبكات البث الرئيسة تمامًا، إلى الحد الذي تصور فيه واقعًا مختلفًا تقريبًا حيث تتم مناقشة الموضوعات، فعندئذ يكون لديك هذا الانقسام غير القابل للتوفيق بين الجماهير».

وتبدو معالجة الاستقطاب صعبة بسبب الضغوط الاقتصادية.

«جزء من الدافع وراء ذلك هو الانخفاض المتزايد في نسبة المشاهدة في القنوات الإخبارية».

يقول هورنينج «إنهم يتنافسون على كل شيء على شبكة الإنترنت». «كيف يمكنك قطع كل الضوضاء؟ غالبًا ما يكون الحل هو أن تصبح أكثر غرابة وأكثر صخبًا. ولأن الأخبار التليفزيونية مدفوعة بالتقييمات، فإن الحافز هو اتخاذ قرارات يحركها السوق والتي ربما لا تكون ديمقراطية».

وأضاف هورنينج أن «الأخبار المذاعة الحزبية تسهم في مستويات الاستقطاب بين الناخبين».

يقول هورنينج «لدينا تيرابايت من البيانات لإثبات ذلك». لدينا الآن 10 سنوات من البيانات. لكن الحصول على الأخبار لتغطية نفسها سيكون الجزء الصعب.

«باعتباري عالم كمبيوتر، ولقدرتي على إظهار هذا النمط على نطاق واسع، آمل أن يولد المحادثات اللازمة حول ما هو جيد للمجتمع الجماعي. لأنه إذا كان الناس لا يستطيعون أن يكونوا على نفس الصفحة للحديث عن القضايا المهمة، فإلى أين سنذهب من هنا؟» يختتم رو.

ـ برامج سي إن إن وفوكس نيوز تزيد الانقسام السياسي

ـ الشبكتان تمارسان التحيز الإعلامي على أسس حزبية

ـ برامج الشبكتين الإذاعية الحزبية تعمق الفجوة في المجال الرقمي لوسائل التواصل الاجتماعي

ـ البث الإعلامي المتكرر يؤثر على الخطاب العام حول المسائل المجتمعية المهمة

ـ الذكاء الاصطناعي يحلل 300 مليار كلمة من عمليات بث CNN وFox News

ـ الذكاء الاصطناعي يفحص نحو 133000 تغريدة مرتبطة بالشبكتين

ـ الأمريكيون يستهلكون في الغالب الأخبار من التليفزيون، ويختارون مصادرهم بناءً على التحيزات السياسية

ـ المصطلحات المستخدمة في الشبكتين تظهر كأنماط لغوية في مناقشات X بين متابعي الشبكة المعنية