وتبرز رقائق أشباه الموصلات كحجر الزاوية للتطبيقات الذكية، من الذكاء الاصطناعي والسيارات الذكية إلى الدفاع السيبراني والحوسبة السحابية مما يدفع الحكومات الكبرى إلى تسريع وتيرة الدعم والدفع نحو إعادة توطين إنتاجها كمحاولة لتعزيز السيادة الصناعية. وبين التقرير أن الدعم الحكومي لهذا القطاع تضاعف منذ عام 2020، حيث سجلت الشركات الصينية دعمًا يصل إلى 10 % من إيراداتها في عام 2023، فيما اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي خطوات إستراتيجية ملموسة في هذا الجانب، ففي الولايات المتحدة، أقرّت حكومة واشنطن «قانون الرقائق والعلوم» بتخصيص 52 مليار دولار لتمويل بناء مصانع متطورة على الأراضي الأمريكية، بما في ذلك منشآت لشركات عالمية مثل TSMC.
أما دول الاتحاد الأوروبي، فقد أطلقت مبادرة «EU Chips Act» باستثمارات تصل إلى 43 مليار يورو، تهدف إلى رفع الحصة الأوروبية في السوق العالمية إلى 20 % بحلول عام 2030.
ولا تنحصر هذه السياسات في الجانب الصناعي الاقتصادي، بل تعكس تحولًا جيو سياسيًا يسعى إلى تقليل الاعتماد على أسواق التصنيع الآسيوية، رغم أن بيانات السنوات الماضية لم تُظهر تغييرًا جذريًا في توزيع الأصول الإنتاجية لدى الشركات الكبرى.
آليات الصين السيادية
يتميّز النمو الصيني باستخدام أدوات دعم غير تقليدية، إذ تعتمد الصين على صناديق السيادة الصناعية مثل «صندوق الاستثمار في الدوائر المتكاملة»، لضخ رؤوس أموال بأسعار تفضيلية في الشركات الوطنية. ورغم أن هذا النهج يعزز قدرات الاكتفاء الذاتي، فإنه يثير تساؤلات حول تشويه آليات المنافسة العالمية، وقد يؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص في التجارة الدولية لصالح الصين.
حجم السوق العالمي
سجلت صناعة أشباه الموصلات حوالي 544.8 مليار دولار في عام 2023، مع تراجع نسبته 9 % مقارنة بعام 2022، قبل أن تصل إلى 720 مليار دولار في 2024، مع توقع ما يتجاوز الـ1.2 تريليون دولار بحلول 2029.
طلب متزايد
شهدت رقائق الذكاء الاصطناعي ارتفاعًا بنسبة 300 %، مع تجاوز إيرادات شركات مثل NVIDIA حاجز 49 مليار دولار من قطاع مراكز البيانات.
وقد نما استخدام الرقائق في السيارات بنسبة تقارب 15.3 %، إذ تتسارع شركة Tesla وشركات أخرى نحو تعزيز تقنيات السيارات الذكية.
ورغم التراجع المؤقت في قطاعات الهواتف والحواسيب، فإنها لا تزال تُشكّل نحو 25-30 % من إجمالي الطلب العالمي.
سياسات التوطين
أظهرت بيانات التقرير أنه، بالرغم من تدفّق الدعم والمبادرات الضخمة لإعادة توطين التصنيع، فإن الشركات الكبرى مثل TSMC وسامسونج تواصل إستراتيجياتها التوسعية خارج الحدود التقليدية – فبينما تحتفظ الصين بنسبة عالية من أصولها الإنتاجية داخل الوطن، تفضّل شركات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الاستثمار في مواقع مثل أريزونا وألمانيا.
هذا التباين يطرح تساؤلات حول جدوى السياسات الوطنية في مواجهة التحديات العالمية والمنافسة الشرسة، ويُخيم الخوف من نشوب «حروب إعانات» قد تؤدي إلى فائض إنتاج عالمي وتشوه أسعار السوق.
رسم موازين القوى
يرى التقرير أن رقائق أشباه الموصلات لم تعد مجرد عنصر تقني، بل تحوّلت إلى أداة نفوذ إستراتيجي تساهم في إعادة رسم موازين القوى الاقتصادية والجيوسياسية. وبينما تتنافس الدول لتأمين مستقبل صناعي يضمن السيادة والتكنولوجيا المتقدمة، تبقى الحاجة ماسّة إلى تنسيق دولي واضح يشمل:
أولًا: وضع أطر تنظيمية مشتركة تحد من الإفراط في الدعم وتضمن عدالة المنافسة.
ثانيًا: تعزيز التعاون العالمي بتشجيع الشراكات بين الدول المتقدمة والنامية لتوسيع نطاق القيمة المضافة وتحقيق النمو المستدام.
ثالثًا: إستراتيجيات توطين متوازنة، والاستثمار في البنية التحتية التقنية والتعليم لتطوير الكفاءات المحلية دون الإضرار بتوازن السوق العالمي.
مستقبل الصناعة
أكد التقرير أن مستقبل صناعة أشباه الموصلات يعتمد بشكل كبير على مدى قدرة الدول على دمج السياسات الوطنية مع إطار تنظيمي دولي يحمي النظام التجاري، ويحفز الابتكار دون التأثير على المنافسة العادلة.
حجم سوق أشباه الموصلات:
544.8 مليار دولار في 2023
720 مليار دولار في 2024
1.2 تريليون دولار متوقع في 2029
نمو الطلب حسب القطاعات
49 مليار دولار إيرادات NVIDIA من مراكز البيانات
15.3 % نمو في رقائق السيارات الذكية
30 % من الطلب العالمي يأتي من الهواتف والحواسيب
الدعم الحكومي العالم لإنتاج الرقائق
الصين
دعم يصل إلى 10 % من إيرادات الشركات
الولايات المتحدة
قانون الرقائق والعلوم
52 مليار دولار لدعم التصنيع المحلي
الاتحاد الأوروبي
EU Chips Act
43 مليار يورو استثمارات
استهداف 20 % من السوق العالمي بحلول 2030