هذا الجبال العريقة، التي تُعرف محلياً أيضا باسم جبل زهوان، لا تُعد مجرد كتلة صخرية شاهقة فحسب، بل تحفة جيولوجية وطبيعية، تعكس عمق التنوع البيئي للمملكة.
تضاريسه الوعرة، ووديانه السحيقة، وتعرجاته الحادة، تجعل منه مشهدًا بصريًا مذهلًا، تكتمل روعته حين تُوثق من الجو باستخدام طائرات الدرون، حيث تُرسم بانوراما بصرية تنبض بالحياة والسكون في آن.
مسرح بصري مفتوح
المصور الجوي علي عقيلي، الذي زار الموقع عدة مرات، يصف جبل القهر بأنه مسرح بصري مفتوح، قائلاً "زرت مواقع جبلية عدة داخل المملكة وخارجها، لكن ما شاهدته في جبل القهر مختلف كليًا. فهو يتمتع بعزلة طبيعية، وبتكوينات جيولوجية فريدة، تخلق نوعًا من الهيبة والجاذبية في كل زاوية".
ويضيف "إن استخدام طائرات الدرون أسهم في إحداث نقلة نوعية في توثيق هذا الجبل، فمن الجو، تظهر تفاصيل لا يمكن رؤيتها من الأرض، مثل انسيابية التكوينات الصخرية، وعنف الانحدارات، وتداخل الطبقات الجيولوجية.
كل لقطة توثق حكاية، وكل زاوية تروي فصلاً من جمال هذا المكان."
معلَم جيولوجي وتاريخي
تؤكد الأبحاث الجيولوجية أن تكوين جبل القهر يعود إلى الزمن الجيولوجي القديم، وتحديدًا إلى ما قبل 600 مليون سنة، ويتكوّن من صخور نارية ومتحولة، جعلت منه كتلة ضخمة ترتفع لأكثر من 2000 متر عن سطح البحر، وفقًا لتقارير الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية السعودية.
وعلى الرغم من أنه لم يُستثمر سياحيًا بعد، إلا أن الجبل كان حاضرًا في الذاكرة الشعبية للمنطقة، ويحمل اسمًا مهيبًا له جذور في الرواية المحلية، إذ ارتبط اسمه بـ"القهر" بسبب صعوبة تسلقه والوصول إليه في السابق، ووعورة دروبه التي كانت تتطلب جهدًا بدنيًا ومعرفيًا عاليًا.
وسيلة توثيق ورؤية فنية
بفضل تقنيات التصوير الجوي الحديثة، أصبح من الممكن اكتشاف تفاصيل لم تُلاحظ سابقًا، ما جذب عددا من هواة التصوير والمغامرة إلى هذا الموقع البكر.
ويرى المصور يحيى مدخلي أن استخدام الدرون ليس مجرد وسيلة نقل، بل "أداة رسم"، تساهم في تقديم مشاهد احترافية تعكس قوة الطبيعة وألوانها المتغيرة بين الصباح والغروب.
ويشير إلى أن الصور الجوية من جبل القهر تحقّق تفاعلًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتثير فضول المتابعين، وتُعد مادة جاذبة للمنصات السياحية والإعلامية.
دعوة للاستثمار والتوثيق
دعا عدد من المصورين والخبراء إلى ضرورة تسليط الضوء على الجبل إعلاميًا وسياحيًا، ودمجه ضمن حملات الترويج للسياحة البيئية في السعودية.
ويؤكد مدخلي أن دعم الجهات المختصة للمصورين، من خلال تسهيلات الوصول والتوثيق، سيُسهم في إنتاج محتوى بصري عالمي يبرز الوجه الخفي من جمال المملكة.
وختم "جبل القهر لا يزال أرضًا بكراً، ينتظر من يوثّق عظمته ويُحولها إلى قصة بصرية تُعرض للعالم. كل صورة تُلتقط هناك، هي دعوة لاكتشاف المجهول".
* جازان: موسى الكليبي