وعلى النقيض، سجلت السحوبات النقدية نموًا طفيفًا لا يتجاوز 1.4%، ما يؤكد تسارع الانتقال نحو مجتمع غير نقدي.
الدفع الإلكتروني يتصدر
تواصل حلول الدفع الإلكتروني مثل «مدى» ووسائل الدفع عبر الهواتف الذكية نموها المتسارع، مدعومة ببنية تحتية رقمية متطورة، واستقرار الثقة في أنظمة الدفع الحديثة.
هذا التحول لا يقتصر على الراحة والأمان فحسب، بل يعكس تغيرًا عميقًا في العادات الاستهلاكية اليومية، حيث أصبحت المعاملات الرقمية الخيار الأول للمستهلكين السعوديين، خاصة في القطاعات التي تعتمد على السرعة والمرونة مثل المطاعم والمقاهي، التي سجلت 705 ملايين عملية خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام.
قطاعات رابحة
برزت قطاعات معينة كأكثر المستفيدين من هذا التحول، وعلى رأسها قطاع الاتصالات الذي شهد زيادة 109% في عدد العمليات، مستفيدًا من التوسع الكبير في الخدمات الرقمية والاشتراكات عبر الإنترنت.
أما على صعيد القيمة، فقد تصدرت المجوهرات القائمة بنمو 41%، تلتها الملابس والأحذية بنسبة 25%، ما يعكس ارتفاع القوة الشرائية للمواطنين وثقتهم في المناخ الاقتصادي.
ويشير هذا النمو إلى أن المستهلك السعودي أصبح أكثر استعدادًا لإنفاق المال على الكماليات والسلع غير الأساسية، مدعومًا بتوجه اقتصادي عام نحو الاستقرار وزيادة الدخل المتاح.
تراجع بعض القطاعات
على النقيض، سجلت قطاعات الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية تراجعًا حادًا في المبيعات بنسبة 43.9%، تلاها التعليم بانخفاض 31.4%، والمنافع العامة بتراجع 11.1%، ويعكس هذا التحول في الأولويات الاقتصادية للسعوديين تأثرًا بعوامل موسمية، أو إعادة ترتيب للإنفاق الشخصي، وربما توجهًا نحو تأجيل بعض النفقات الكبيرة والتركيز على الاستهلاك الرقمي المتكرر، وهو اتجاه يواكب التغيرات العالمية في سلوكيات المستهلكين نحو الاقتصاد الرقمي.
النقد يواصل التراجع
على الرغم من استمرار بعض السحوبات النقدية بزيادة طفيفة 1.4% لتبلغ 89.41 مليار ريال، إلا أن الاتجاه العام يشير بوضوح إلى أن الدفع الرقمي أصبح السمة السائدة في المشهد المالي، مع ضرورة تعزيز البنية التحتية الرقمية لضمان سرعة وسهولة العمليات، وتحقيق الشمول المالي لجميع الفئات.
وهذا التحول ينسجم مع التجارب الدولية، حيث تشير الدراسات إلى أن الدول التي حققت نموًا كبيرًا في التحول الرقمي شهدت زيادة في الكفاءة الاقتصادية والشفافية وتقليل التكاليف التشغيلية في قطاعات الخدمات والتجزئة.
مجتمع بلا نقد
تعكس هذه الأرقام رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع رقمي يعتمد على التحول الإلكتروني في المعاملات اليومية، إن تبني نمط حياة رقمي يعزز الشفافية ويحد من الممارسات النقدية غير الرسمية، ويتيح للهيئات المالية جمع بيانات دقيقة عن سلوك المستهلك، ما يساعد في رسم السياسات الاقتصادية المستقبلية.
ويكمن التحدي الحالي في دمج الفئات الأقل استخداماً للرقمية، بما يضمن شمول الجميع، بالإضافة إلى تطوير حلول دفع سلسة وآمنة، مع التركيز على التوسع في القرى والمناطق الأقل استخداماً للتقنيات الحديثة.