فيما يشهد اقتصاد المملكة زخماً كبيراً من المشاريع الصغيرة الداعمة للأسر المنتجة والمستثمرين الشباب، بما فيها مشاريع العربات المتنقلة"Food Truck" إلا أن هذه المشاريع تواجه تحديات تضع الشباب المستثمر أمام مؤثرات قوية يصعب تجاوزها بدءًا من الفكرة المبتكرة، والتسويق الذكي، والالتزام بالمعايير الصحية والتنظيمية، وإدارة التكاليف بفعالية، إضافة إلى عقبات تجاوز الأثر البيئي السلبي الناتج عن تشغيلها، حيث برزت مشكلة مولدات الديزل المشغلة للمشروع بشكل جلي، حيث يراها بعضهم مصدرا للضوضاء، فيما يعدها آخرون مصدرا للانبعاثات السامة والخانقة، ناهيك عن أن بعضهم يصنفها كتلوث بصري في الموقع الذي غالباً ما يكون ترفيهيا.

قلق بيئي

أبدى المهندس جلال هارون قلقه من الآثار السلبية للمولدات على الصحة والبيئة، وقال «نعلم أن عربات الفود ترك تحتاج إلى مولدات كهربائية لتشغيل أجهزة تحضير المأكولات والمشروبات، وغالبا ما تعمل هذه المولدات بالديزل، وبالتالي فإن ما تنفثه من ملوثات للهواء، وارتفاع مستويات الضوضاء الناجمة عن تشغيلها في مكان يبحث فيه الناس عن المتعة والراحة يشكل سلبيات لا يمكن نكرانها، إلى جانب الخطر الكامن والمحتمل من اشتعال الديزل أو سرقة المولد، ما يدعونا إلى البحث عن بدائل لهذه المولدات».


ورفع هارون مقترحاً باستثمار عدادات الكهرباء التابعة للأمانات، مثل أعمدة إنارة الكورنيش لعمل وصلات كهربائية خاصة، يتم تأجيرها لأصحاب العربات بتكلفة مربحة للأمانة، وفي نفس الوقت تناسب البائعين، وترفع عنهم همّ توفير المولدات وصيانتها وتأمينها من السرقة، مما يخفف من الاعتماد على المولدات، ويحد من الأضرار البيئية والملوثات السمعية والبصرية، ويزيد من الفعالية الاقتصادية.

إيجابية المولدات

من جانبه، ذكر المستثمر حسن خليفة أن المشاريع الصغيرة تسهم في تحسين معيشة الفرد، موضحا أن بعض الشباب يواجهون تعقيدات تكاليف تأسيس المشروع واستكمال تراخيصه، ومن بينها توفير المولدات، حيث تبلغ تكلفة المولد الواحد بين 3500 إلى 5000 آلاف ريال، إلى جانب تكلفة تشغيله الشهرية التي تتجاوز الـ1000ريال للوقود، فضلا عن قلق الحفاظ على العربة وملحقاتها من خطر سرقة المولد أو بعض الأجهزة وصيانتها».

منوها أن «بعض الملاحظات السلبية على تشغيل المولدات تفتقر إلى الواقعية حيث إن الحلول البديلة قد لا تكون متاحة دائماً لتسيير العمل».

وتساءل «لم لا نرى من هذه المشاريع جانبها الإيجابي، فالمولدات تضمن الاعتمادية كونها توفر مصدر طاقة ثابت وموثوق به، خاصة في المناطق التي لا تتوفر فيها شبكة كهرباء عامة، فضلا عن مرونة استخدامها في أي مكان، مما يتيح حرية التوجه للعمل في مواقع مختلفة، هذا مع النظر إلى التكلفة الابتدائية المنخفضة نسبيا مقارنة بالتركيبات الشبكية».

سلبيات تحت النظر

بدوره، قال علي حسين، أحد مرتادي كورنيش الغدير في المنطقة الشرقية «أوجه الاعتراض على المولدات أساسها التلوث، حيث تصدر أجهزة الديزل انبعاثات غازية وضوضاء، مما يسبب تلوثا جويا وضجيجا قد يؤثر على راحة المتنزهين والمحيط».

وأضاف «هناك انعكاسات سلبية على المستثمر نفسه، فالمولدات تحتاج إلى وقود ديزل مستمر، وهو ما قد يضيف أعباء مالية على صاحب الفود ترك، هذا إذا لم نستبعد فكرة الاعتداء على المظهر والجمالية إذ يراها البعض عائقا من حيث الشكل والتنظيم».

وتابع «بالنظر إلى الآثار السلبية لمولدات الديزل، ينصح بالسعي نحو حلول بديلة، مثل الاعتماد على الشبكة الكهربائية العامة عند الإمكان، أو استخدام بدائل نظيفة وصديقة للبيئة، كما يجب فرض تنظيمات وقواعد للحد من استخدامها المفرط وتخفيف الأثر البيئي، مع دعم المشاريع الصغيرة لتحقيق التوازن بين الحاجة الاقتصادية والبيئية».

واستدرك «تعد مسألة مولدات الديزل من الأمور التي تتطلب مناقشة مجتمعية وتعاونا بين أصحاب الأعمال والسلطات، بهدف الوصول إلى حلول مستدامة تتوازن بين مصالح الجميع وحماية البيئة».

احتياطات طارئة

من جانب آخر، طالب المستشار الاقتصادي عبدالرحمن فهد ملاك عربات الفود ترك بوضع خطط للتعامل مع المستجدات الطارئة التي قد تؤثر سلبا على عمل المشاريع، وقال «ينعكس العمل في مجال عربات الفود ترك بشكل جيد على رواد الأعمال، خاصة مع زيادة دخل المستثمر، بالنظر إلى التوقعات المستقبلية المحتملة حيث من المتوقع أن تزيد إيراداتها بنسبة 2 % خلال السنوات المقبلة، لكن لا بد على ملاكها من أن يعملوا على توفير احتياطات للطوارئ، تجعلهم قادرين على تغطية النفقات الطارئة غير المخطط لها، وحتى زيادات الأسعار المحتملة، ويفترض أن يكون بحدود 5 % من الدخل».

وشدد «لضمان نجاح نشاط عربات الفود ترك لا بد من توفير أماكن تناسب هذه العربات تتوفر فيها الخدمات من كهرباء ومساحات ودورات مياه وغيرها من المرافق العامة حتى تجذب المستهلكين، وهذا لا يقع فقط على عاتق الملاك، وإنما كذلك على عاتق الجهات البلدية التي يجب أن تشجع مثل هذه الأنشطة إذا ما توفرت على الشروط الملائمة مع توفير كل التسهيلات لها».

تجارب غربية

في الدول الغربية، تعد إدارة عملية الحصول على الكهرباء من أقرب خطوط التوزيع من الأساسيات، حيث يتم ربط المشاريع الصغيرة بالمرافق العامة وتقديم فواتير استهلاك منتظمة، مع الالتزام بمعايير بيئية صارمة.

ففي بريطانيا، يُشجع رواد الأعمال على الاعتماد على الشبكة الرئيسة، وتقدم لهم الجهات المختصة حلولاً مستدامة لتحقيق ذلك، مع فرض رسوم على استهلاك الكهرباء، مما يقلل الاعتماد على مولدات الديزل ويحد من التلوث.

اتهامات لعربات الفود ترك

ـ اعتماد على مولدات الديزل يؤثر سلبا على البيئة

ـ أصوات المولدات العالية تسبب تلوثا سمعيا وضجيجا مرتفعا

ـ أصواتها تشكل تلوثا بصريا في محيطات مخصصة للترفيه

ـ تبقى مصدرا لخطر اشتعال الديزل وسرقة المولد

الحلول البديلة

ـ استثمار عدادات الكهرباء التابعة للأمانات وتزويدها بوصلات خاصة تؤجر لأصحاب العربات

ـ البحث عن بدائل نظيفة وصديقة للبيئة