هي ليست مجرد أداة إحصائية، بل ثقافة مؤسسية شاملة تحول البيانات إلى قرارات عملية، وتتكون من خمس مراحل أساسية، تبدأ من التعريف بالمشكلة، وتحديد متغيراتها والأهداف، ثم يأتي بعد ذلك القياس وجمع البيانات وقياس الأداء الحالي، ومن ثم التحليل ودراسة البيانات، لاكتشاف الأسباب الجذرية للعيوب، ومن ثم التحسين والتطوير، وإيجاد حلول عملية واختبارها. وأخيرا مرحلة التحكم ومراقبة النتائج وضمان استدامة التحسينات. وتوجد منهجيات أخرى مرتبطة بـ«ستة سيجما» تُستخدم عند تصميم عمليات جديدة، التي تدمج بين تقليل الهدر وتحسين الجودة. تطبيقات «ستة سيجما» لا تقتصر على تحسين الأداء فحسب، بل تمتد أيضًا إلى العمليات الإدارية داخل المنظمات، وأحد أهم أمثلتها خفض وقت إنجاز المعاملات. فإذا كانت معاملة ما تستغرق خمسة أيام، فالهدف هنا تقليلها إلى يوم واحد، ولا سيما مع وفرة الأنظمة الإلكترونية، وأتمتة العمليات عبر الأنظمة الموحدة. فمراقبة الأداء بشكل دوري ووضع مؤشرات أداء، لضمان استمرار الإنجاز السريع، ينتجان تقليل مدة إنجاز المعاملات، وتحسين صورة المنظمة، وارتفاع رضا عملائها.
ومن أهم التحديات التي تواجه تطبيقها الحاجة إلى تدريب وفريق عمل مؤهل، وضرورة التزام الإدارة العليا، لضمان النجاح. كما أن التكلفة الأولية المرتفعة لها في بدايتها قد تكون ملحوظة.
لكن على رغم ذلك، فإن العوائد الطويلة المدى لها لا تقارن، فتطبيق منهجية «ستة سيجما» يفتح آفاقًا واسعة للتحسين المستمر، سواء في الجودة أو في كفاءة العمليات الإدارية. ومع تاريخها الممتد منذ الثمانينيات، أثبتت «ستة سيجما» أنها ليست مجرد أداة إحصائية، بل ثقافة إدارية متكاملة، قادرة على إحداث تحول جذري في أي منظمة تسعى إلى التميز. منهجية «ستة سيجما» ذات الطبيعة الهرمية تتطلب مشاركة جميع أفراد المنظمة من الأعلى إلى الأسفل، ويجب تبني وتقبل بيئة الأعمال التي تتسم بالتغيير المستمر، والانفتاح على الأفكار الجديدة. وعلى الرغم من أهمية كل مشروع من مشاريع تطبيق وتنفيذ منهجية «ستة سيجما» بشكل فردي من حيث الأثر المالي، فإن الأثر المالي التراكمي على المنظمة يعد الأهم، فالمنظمات التي تركز على المقاييس المالية تكون أكثر عرضة للنجاح مقارنة بتلك التي تركز على مقاييس أخرى، ذلك ما إذا كانت أهدافها الأساسية كذلك. نجاح تطبيق هذا المنهج بالطبع سيشجع الآخرين على اتباعه، فالتحسين المستمر والالتزام بالعمل الجاد هما الطريق الحقيقي للتقدم والاستدامة.