قبل أكثر من 89 عاما من الآن، ارتطمت أحلام الشاب الفارس/‏‏ عبدالعزيز بن عبدالرحمن بصخرة صماء، تمثلت في خسارة حلفائه آل الصباح لمعركة «الصريف» التي كان يعلق عليها آمالا عظاما لاستعادة عاصمة ملك آبائه وأجداده «الرياض».

«الرياض» اليوم تتثنى فخرا، وهي ترقب في شغف الشاب الفارس/‏‏ محمد بن سلمان يصافح العالم بكف العزم والحزم والعلم و«الحلم».

«الحلم» الذي تطاير أمام ناظري الملك عبدالعزيز، عاد ليرتسم مجدا استثنائيا خارقا لقوانين التاريخ الصارمة، حيث انحاز مع مجموعة من رجاله المخلصين في «واحة بيرين» قبل الانقضاض على الرياض وانتزاعها من خصومه بشجاعة ما زالت مضرب «المثل».

«المثل» يقول «من شابه أباه فما ظلم»، أما من شابه جده فقد «حكم».

«حكم» الملك عبدالعزيز المملكة العربية السعودية بلا إله إلا الله محمد رسول الله. كتاب الله وسنة رسول الله، منهج الله المتزن المتوازن، وترك العالم الذي راهن على استحالة مهمته يترنح من هول «المفاجأة».

«المفاجأة» التي صنعها وجود محمد بن سلمان قائدا للشباب السعودي كانت لحظة مفصلية في تاريخ الوطن، سماهم جبل طويق وسار بهم ليس نحو الشمس والقمر والنجوم والكواكب، لكن نحو «المجرات».

«المجرات» التي نظمها الملك عبدالعزيز في أرجوحة الزمن الممتد الذي تركه وراءه لأبنائه البررة، حتى أمسك بطرفه الحفيد «الشبيه».

«الشبيه» الذي ما ظلم حين شابه في الحزم أباه، وفي العزم جده العظيم، وتنبأ له الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز بأنه سيحكم «أرضه».

«أرضه» التي كلما دنت منها أرجوحة المجرات أضاء ثراها، وكلما تباعدت أنارت «السماء».

«السماء» التي احتضنت عبر زرقتها أرجوحة المجرات، فتدلت بين زمنين متباعدين، أحدهما طرفه بيد الجد، والآخر بيد الحفيد، وبينهما رحلة الوطن التي توقظ مآقي الفخر في أدمغة العشاق كلما قررت أن تحتفل بيوم «الوطن».

«الوطن» الذي سماه الملك المؤسس عبدالعزيز ذات فجر: المملكة العربية السعودية، ما زال الحفيد المجدد يحمله في روحه، وكلما ضم مشلحه بشموخه الذي ألفته عين العالم، أرسل للعالم رسالة خضراء مفادها: أن وطني لا يحلو له أن ينبض إلا بين أضلعي، (أعتقد أن هذا سبب وجيه لكون ولي العهد أصبح الأمير الذي لا «ينام»).

«ينام» العالم عام 1342 من الهجرة على تحذيرات بريطانيا للملك عبدالعزيز من اقتحام مكة واستعادة ملك الحجاز، ويستيقظ على الملك سلمان وهو يغسل الكعبة، والحفيد يحجز تذكرته الخاصة في قطار الحرمين، الحرمين، أقصد الرئتين اللتين تتنفس منهما السعودية هواء القداسة والطهارة و«الشغف».

«الشغف» الذي حرم ابن سلمان لذيذ الرقاد، وحمله على نهب الكرة الأرضية بخطواته الواسعة على خريطة العالم، وكأنها إعادة بالحركة السريعة لخطوات جده على رمال الجزيرة العربية على صدى معركة الشنانة والبكيرية وروضة مهنا، وعلى وقع حوافر «منيفة» و«الصويتية».. تحت ظلال «رقبان».

«رقبان» الذي أشهره الجد المؤسس ليحفظ اتزان أرجوحة المجرات قبل أن يصل طرفها لقبضة الحفيد المجدد، فيشهر سيفه الجديد، سيف العلم والنور، والحضارة الجدارة، والسياسة والكياسة، والفطنة في زمن المحنة، والجرأة والشجاعة والنجاعة والبراعة، والفكرة تتلوها الفكرة، خطوة هنا وخطوة هناك، قدم في الأرض وعين في السماء، كف تحكم قبضتها على أرجوحة المجرات حتى تصطف في خيال الكون، وتشكل خريطة وطن لا يشبه العالم، أصله ثابت وفرعه في السماء، اسمه المملكة العربية السعودية.