«ألا ليت الشباب يعود يوما»..

هذا هو لسان حال كثير من المتقاعدين، الذين يتمنون أن تعود بهم عجلة الحياة من جديد، بما تحمله من نشاط وعمل، بعد أن أضحى عدد منهم ضحية للفراغ، فلم يجدوا ما يشغلون به أنفسهم بعد سنوات طوال قضوها في أعمالهم مكتبيا أو ميدانيا، وكان لهم أو لبعضهم شأن كبير، وبين عشية وضحاها تبدل الحال.

إيجاد البديل

يقول مدير إدارة الطرق وبنك التسليف بمنطقة نجران سابقا، صالح عبدالله آل صوان: كنت أخشى أن أعيش فراغا قاتلا عقب التقاعد، ولكن ولله الحمد وجدت ما أملأ ذلك الوقت به، عقب حياة عملية شاقة مليئة بالكفاح لعشرات السنين، قدمت من خلالها كل ما في وسعي في كثير من المجالات، وفي عدة إدارات حكومية، وبعد التقاعد واصلت المسيرة في مجالات أخرى تطوعية خدمة لوطني، وكذلك قمت بتأسيس جمعية للمتقاعدين بمنطقة نجران، وتمنيت الاستمرار ولكن ظروف ومشاغل الحياة جعلتني أتيح الفرصة لزملاء آخرين، متأملا منهم أن يقدموا كل ما في وسعهم لإخوانهم المتقاعدين، وأن يوفروا لهم الخدمات التي يحتاجونها، وأن يحظوا ببرامج ترفيهية في ظل وقت فراغهم، وكان ابتعادي لأهتم بأموري الخاصة وبعض الأعمال»، مضيفا: إن حياة الانسان بشكل عام مراحل ومن ضمنها مرحلة التقاعد، وهذا شيء طبيعي، وعلى الموظف أن يدرك ذلك أثناء عمله، وعليه أن يحسب حسابه، والإنسان الموفق يعمل على إيجاد البديل.

التعاقد مع الجامعة

تحدث رئيس جمعية المتقاعدين بنجران سابقا، وأحد مؤسسيها محمد علي زاهر، قائلا: «حياتي بعد التقاعد مليئة بكثير من التفاعل والتفاؤل، كما كانت قبل ذلك، لم أركن كما هو حال كثيرين، وكانت أول خطواتي التعاقد مع جامعة نجران، للعمل كمحاضر بكلية التربية، واستمر ذلك 4 سنوات قدمت فيها كثيرا من خبراتي للطلاب، ثم عملت عضوا بمجلس المنطقة، وكذلك قمت ومعي عدد من الزملاء بتأسيس جمعية المتقاعدين بنجران، وعملت بها رئيسا حتى العام الجاري، لأقدم استقالتي لظروفي الصحية، وقد حظيت الجمعية بالدعم اللامحدود من مسؤولي المنطقة، وكان لنا ملتقى سنوي يتم فيه تكريم أكثر من 500 متقاعد ومتقاعدة، وبه كثير من البرامج والحوافز».

كسر الوقت

قال المدير، المعلم التربوي السابق سالم آل حنظل إن «الحياة قبل التقاعد، مليئة بالانشغال والعطاء والإنجازات، التي تجعلها مليئة بالحيوية، أما بعد التقاعد فهي حياة جديدة ومختلفة، يخطط لها ويرسمها الشخص المتقاعد لكسر وقت الفراغ، ولا شك أن الفراغ سلاح ذو حدين، الأول: إن وجد الفراغ بدون استغلال للوقت سيكون قاتلا، لما يترتب عليه من مشاكل اجتماعية وصحية، وإن أحسن استغلال وقت الفراغ بما يفيد فإنه بمثابة انطلاقة مركبة للمتقاعدين، حيث إنه يسلك مسارا جديدا في العمل يتوافق مع ميوله ورغباته».

حياة جديدة

عاش العسكري المتقاعد عبدالله مهدي الكستبان، بعد التقاعد وكأنه وُلد من جديد، حياة مليئة بالحيوية والنشاط المتجدد بعد التجرد من جميع المسؤوليات والارتباطات السابقة، أما بالنسبة للفراغ فهذا يعتمد على الشخص نفسه، وقال: «استغللت واستفدت من أغلب أوقات الفراغ في نواحٍ كثيرة بالزيارات، السفر، الرياضة، البناء وغيرها»، معبرا عن رغبته في زيادة الراتب التقاعدي وتوفير تأمين صحي، فضلا عن خدمات من بعض القطاعات الخاصة، كالطيران وسيارات الأجرة والمستشفيات الخاصة والأندية الرياضية، مختتما حديثه بالنصح للمتقاعد الحديث «عش حياتك واكتشف نفسك من جديد».

تفرغت لأسرتي

قال أبو عادل - متقاعد صحي - لا أخفيكم راحة البال التي أعيشها بعد التقاعد، رغم أنني فقدت 60 % من مرتبي، فقد أحسست بمعنى الحرية وعدم الالتزام والارتباط، وتفرغت لأهلي وأسرتي، وأصبحت أسافر بهم في أي لحظة شئت، دون النظر للموافقة على الإجازة كما كان سابقا، تمنيت كغيري أن أقيم مشروعا، ولو كان صغيرا، ولكن كانت الأمور المالية عائقا لي، هناك أمور وخدمات كثيرة كنت أسمع بها تتحقق للمتقاعدين، ويستفيدون منها بالتعاون مع المؤسسة العامة للتقاعد، سواء من المستشفيات والمستوصفات الخاصة، وكذلك الطيران الداخلي والخارجي، ومكاتب تأجير السيارات والأندية الرياضية، بتقديم تخفيضات تصل إلى 50 % على التذاكر والأجور والاشتراكات، ولكن ذهبت كل تلك الوعود أدراج الرياح، فلا يوجد شيء من ذلك، حتى الجمعيات التي يقال عنها للمتقاعدين مجرد اسم فقط.

عمل دؤوب

تحدثت المعلمة السابقة قرفة محمد الفقير، قائلة: التقاعد يأتي بعد 26 عاما من العمل الدؤوب، مرحلة حاسمة في حياة المتقاعد، تحمل في طياتها ذكريات جميلة، حيث كثيرا ما يهزني الحنين لحمل حقيبتي، وكتابي وقلمي، لأتجول بين الفصول بين جوانحي أمل وألم وطموح، ولا أروع ولا أجمل من ملء الفراغ والوقت بأعمال روحانية تبهج القلب، وتملؤه سرورا وحبا للحياة، أما من جانب التقدير المجتمعي للمتقاعد، فهو لا يزال دون المستوى المأمول، فلا بد من مساندة المتقاعد لتحقيق بعض أمنياته.

المتقاعدون

83 %

لم يعملوا بعد التقاعد

68 %

ليس لديهم موارد غير المعاش التقاعدي

80 %

أعباؤهم المالية زادت بعد التقاعد

36 %

يجدون صعوبة في سداد المصروفات

45 %

لا يستطيعون سداد المصروفات

71 %

يرون أن المعاش التقاعدي لا يفي بمتطلبات الحياة