شاع استخدام الرموز التعبيرية في وقتنا الراهن كوسيلة تعبير، وأداة تواصل فنية في الدردشات الرقمية على ساحة الفضاء الافتراضي؛ للتعبير عن المشاعر الإنسانية بين المستخدمين لمنصات التواصل الاجتماعي، لما تتركه في نفس المتلقي من أثر في دلالاتها التعبيرية، وما تفرزه من معان رمزية في نفس الوقت.

ولأنها أيقونات صورية وحسب، فإنها تظل «لغة صور بصرية»، وليست «كلاما مكتوبا»، وبالتالي فإنها «لغة صامتة»، لكنها تؤدي المقصود منها، مع أنه لا مكان للألفاظ فيها. وكما هو معلوم، فقد بدأ استخدام الرموز التعبيرية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، في اليابان، بمسمى «الإيموجي»، حيث تم إدخال المجموعة الأولى منها من قبل شركة اتصالات لتسهيل التواصل الإلكتروني، بعد أن استوحت إشاراتها من رمزيات «المانغا اليابانية»، وتطورت بسرعة وأصبحت تستخدم في جميع منصات الإنترنت، لتصبح لغة عالمية في عام 2010، بعد أن اتفقت جميع المنصات على معايير موحدة، تجعل الرموز التعبيرية مقروءة فيما بينها، وأصبح بالإمكان تبادلها بين أجهزة الهواتف الذكية.

ولابد من الإشارة إلى أن التحول من اللغة المكتوبة بالكلمات، إلى استعمال الرموز التعبيرية، المستوحاة من ملامح الحياة اليومية، جاء وليد الثورة التقنية الرقمية الهائلة، في مجال التواصل والاتصال، إذ يتطلب التواصل بين المستخدمين عبر فضاء الإنترنت في عصر التكنولوجيا الرقمية السرعة والتكثيف والاختزال، وبذلك يكون من الأسهل عندئذ استخدام الرموز، بما اصطلح عليها بين المستخدمين في الفضاء الرقمي من دلالات تعبيرية، بدلاَ من اللجوء إلى استخدام الكثير من الكلمات، التي قد تستهلك الوقت.

بالرغم من كل ما تتمتع به الرموز التعبيرية من دلالات في التعبير عن المشاعر، وما تحظى به من قبول، وسهولة وسرعة في الاستخدام، فإنه لا يمكن اعتبارها لغة حية حقيقية مستقلة، ما دامت تفتقر إلى الأحرف، وتنقصها قواعد بناء الجملة، وبالتالي فإن غياب قواعد اللغة عنها، ومحدودية دلالاتها التعبيرية، يجعلانها تفتقر لوظائف اللغة الأساسية، التي تسمح بالتواصل العميق، والمركب بين الناس، وهكذا فإن الرموز التعبيرية تظل غير فعالة كلغة بشكل مستقل، من دون لغة رديفة حاوية لها، لكي تكتسب عند استخدامها معناها وسياقها من النص عندما يتم الجمع، بين الرموز التعبيرية، والكلمات في عملية التواصل. وهكذا تظل الرموز التعبيرية مجرد أيقونات صورية بسيطة وحسب، مع كل ما ألهمته إياها التقنية من روح، ومنحتها من معنى تواصلي، وما أضفته عليها من قبول كخيار بديل للكلمات، حين يصعب فنياً، توظيف النص الرقمي في صناعة المعنى، والمبنى في عملية التواصل، لتظل الرموز التعبيرية بهذه الصيغة، مجرد أداة تواصل رقمي تفتقر إلى النبض والتوهج، حتى مع اقترابها في دلالاتها التعبيرية من تخوم اللغة الحقيقية الحية، إلى حد كبير.