أعاد تداول مقطع فيديو سُجل لفنان العرب محمد عبده قبيل إحدى حفلاته التي نظمتها روتانا، ذكريات واحدة من أقدم حفلاته، والتي أقيمت عام 1404 للهجرة في محافظة الدرب «تابعة لمنطقة جازان» وهي مسقط رأسه.

ومع تأكيد محمد عبده أن التسجيل فعلا هو لحفلته في الدرب قبل نحو أربعة عقود، استذكر مشاركون وشهود عيان تلك الحفلة كواليسها وأجواءها ويتحدثون بإسهاب لـ«الوطن» عن تلك التفاصيل.

وتناقل عشاق محمد عبده المقطع بكثير من الاهتمام والشغف، وحرصوا على تتبع التسجيلات المتوفرة لحفله في الدرب، والذي أقيم على المسرح المفتوح وفي الهواء الطلق وحضره جمهور كبير جداً، عبر ببساطته عن شغفه بالفن الجميل.

في الحفل صدح فنان العرب بمجموعة من أغانية الجميلة مثل «وينك يا درب المحبه» التي تفاعل معها الحضور كثيراً، وكذلك «يا مركب الهند»، و«مثل صبيا» وغيرها من الأغاني الجميلة في ليلة تاريخية ما تزال عالقة في أذهان كبار السن من أهل الدرب، وما زال شبابهم يتناقلون مقاطع وتسجيلات منها.

ذكاء في استثمار المكان

يستذكر الفنان رشيد عقيل الدربي، أحد المشاركين في الحفل خلال حديثه لـ«الوطن» أنه سبق ليلة حفل الفنان محمد عبده في محافظة الدرب عدة زيارات منه إلى شيخ قبائل الدرب علي بن محمد الشعبي رحمه الله، وتنسيق وإعداد وترتيبات لهذه الليلة التاريخية للمحافظة، والتي كانت بمثابة المفاجأة السارة، فالجميع كانوا فرحين ومسرورين عندما أعُلن وتأكد حضور محمد عبده إلى مسقط رأسه الدرب، وإقامة حفل غنائي فيها حضره الكبار والصغار، وتحول الجميع إلى ما يشبه خلية نحل وعمل متواصل لإنجاح الاستعدادات للحفل بالرغم من الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت.

وأشار عقيل إلى أنه كان من ضمن المشاركين والحاضرين للحفل الذي أقيم في عام 1404، وقال «التقيت مع محمد عبده في الكواليس وقت كان في ترتيبات وإعداد بروفاته مع فرقته الموسيقية بقيادة سامي إحسان ومحمد شفيق، وكذلك أصر على حضور الموسيقار وابن الدرب سامي مبروك والإيقاعي رضي وغيرهم».

وبيّن عقيل: قبل خروج محمد عبده إلى المسرح ألقيت كلمة ترحيبية للأهالي، كما قدمت أغنية للفنان سعد جمعة «يا سعود قلبي من هوا الزين مجروح»، وكانت ضمن البرنامج المقرر للحفل، وبعدما انتهيت منها، وبعد طول الانتظار والشوق من الحضور، صعد فنان العرب إلى خشبة المسرح، عندها ضجّ المكان بالهتاف المتواصل وبعاصفة من التصفيق والترحيب واستقبل بأجمل استقبال من الجمهور الغفير لمكانته الفنية وحب جماهير الدرب له.

تحديد مدروس للمكان

أكد عقيل أنه روعي في تلك الفترة تحديد موقع المسرح الذي أقيم فيه الحفل في حي أبو السدادت، واختير له مكان غير مأهول بالسكان وبالتحديد ما بين المستشفى والمحكمة حاليا، وقال: بعدها صدح محمد عبده بأجمل الأغاني التي اختارها بعناية كما هي عادته في معظم حفلاته، ومنها «وينك يا درب المحبه»، والتي غيّر في بعض كلماتها، كمثل قوله «غريب راجع بلاده» و«سنتين عن الدرب تايه»، ومعها تفاعل الحضور بشكل كبير ورائع، وكذلك أغنية «يا مركب الهند» و«مثل صبيا في الغواني ما تشوف» وغيرها، ليستمر الحفل إلى وقت متأخر من الليل ممتعاً جمهوره بفنه وطربه الأصيل، إلى أن ختم الحفل بتكريمه من قبل شيخ الشمل والأعيان، فلا أنسى تلك الحفلة الفنية الأصيلة، التي سجلت في تاريخ الدرب، ونشكره عليها بكل تفاصيلها وذكراها الجميل.

تفاصيل مهمة

أوضح محمد الأعور، وهو أحد أقدم الإعلاميين أن «هناك تفاصيل مهمة حقيقية سبقت تاريخ زيارة محمد عبده، وقبل الحفل، وكيف عرف الدرب وتعرف على أصدقاء والده، ومنهم والدي حسن الأعور والعم برز غلول، وبعض كبار السن لأنهم كانوا يعرفون والده معرفه تامة، وسمع منهم عن إنشاء والده للمسجد والبئر اللتين ما زالتا موجودتين إلى الآن، حيث جدد محمد عبده بعد ذلك المسجد من جديد، والذي يعرف بمسجد الشالية في الوقت الحالي».

وأضاف «كل هذه الأحداث كانت في المنزالة، مجلس الشيخ علي الشعبي، رحمه الله، وكانت مهمة في إنجاح الحفل الغنائي، وسهلت لنا كمجموعة من أعيان وشباب الدرب بأن نطلب إقامة حفل غنائي في الدرب، وساعتها لم يتردد في ذلك».

وبيّن الأعور أن محمد عبده وقبل حضوره للحفلة الغنائية طلب وجود الموسيقار سمير مبروك كأحد أبناء الدرب، وفعلا قام الشيخ علي بالاتصال بأحد أقارب سمير مبروك، لأن سمير كان ممن يعزف مع محمد عبده حتى من أيام الأبيض والأسود، وحضروا في ليلتها وأمتعوا الجميع بالفن والطرب الأصيل، ليدوّن التاريخ نجاح أهالي الدرب في تنظيم حفل لفنان العرب، ويغنم الحضور ليلة من ليالي عبده الطربية فائقة الجمال التي لا تنسى إلى وقتنا الحاضر.

الحفلات القديمة

بيّن الموسيقار سمير مبروك لـ«الوطن» أن حفلة الدرب من الحفلات القديمة جداً، والتي أقيمت عام 1404، وقال «أصر محمد عبده على وجودي معه في نفس الحفلة، وهذا شرف كبير من قامة فنية كبيرة، وفي ديرتي وبين أهلي، وعندها تم التواصل مع الأخ أحمد عمر، رحمه الله، ونزلنا إلى الدرب معا، وفي ليلة الحفلة وضع لي كرسيا خلفه تماما، وكان الأساتذة من كبار العازفين معنا سامي إحسان، ومحمد شفيق، والإيقاعي راضي، المهم أن أبا نورة تجلى قمرا في سماء دربنا الحبيبة بفنه وطربه الأصيل».

حفلات محمد عبده في جازان

الدرب 1404

صبيا 1984

فيفاء 1984

مدينة جيزان 1441